قوم ثمود
يُعتقد أن قوم ثمود استقروا في منطقة اليمن، ويستند هذا الاعتقاد إلى الاكتشافات الأثرية التي تتضمن كتابات ثمودية بخط المسند، والتي وُجدت في كل من مملكة معين ومملكة لحيان في العلا بمنطقة ديدان، حيث كانت تلك الممالك تتحكم في طرق التجارة الرئيسية مثل طريق البخور. يُعتبر ثمود بن جاثر بن إرم بن سام هو الجد المؤسس لهم، وقد ورد ذكر هؤلاء القوم في القرآن الكريم عدة مرات، وارتبطوا دومًا بقوم عاد والعماليق.
كان ثمود يعبدون عددًا من الأصنام، بما في ذلك إله الخصوبة والأمطار “بعل”، وإله الحب والعاطفة “ود”، مع ابنائه وزوجته. اشتهر هؤلاء القوم بقوة بنيتهم، وصلابتهم، وشجاعتهم، وقد ساعدتهم البيئة الصخرية التي عاشوا فيها على التكيف، مما عزز مناعتهم الدفاعية.
عرف قوم ثمود بنحت منازلهم في الصخور، حيث انتهجوا فن العمارة في مدائن صالح التي سيطر عليها الأنباط، والتي قاموا بتحويلها إلى معابد ومقابر. لقد أصبح نحت الصخور جزءًا من هويتهم، حيث نسب إلى أنفسهم بناء مدينة الحجر.
أهم آثار قوم ثمود
تعود أقدم آثار قوم ثمود إلى القرن الثامن قبل الميلاد، بما في ذلك نقش لسارجون الآشوري الذي حاربهم في عدة معارك. كما تم العثور على نقوش تعود إلى مدينة تيتماء، بالإضافة إلى نقوش أخرى سُميت باللحيانية والإحسائية، حيث وُجدت في الإحساء وجنوب الحجاز، مثل جيزان وحائل، التي تُعد من المصادر الغنية بالنقوش الثمودية وقطع الأثرية. يقدر عدد النقوش المكتشفة بحوالي سبعين ألف نص، بالإضافة إلى نحو مئة وستين نصًا لا يزال في مراحل الدراسة، والتي تعرف بنصوص الفنص، أي التي لا تمتلك مصدرًا موثوقًا.
من بين الاكتشافات الهامة التي عُثر عليها في حائل رسم لعربة ذات عجلتين تعود إلى عام 5200 قبل الميلاد، وهو اكتشاف يتعارض مع الرأي السائد بأن العربات ذات العجلتين نشأت في العراق عام 4000 قبل الميلاد. كما تم اكتشاف لوحات وتماثيل ضخمة تمثل ملوكهم، حيث تعكس هذه القطع الفنية القوة البدنية لهذه الأقوام، وتفاصيل كبيرة في أشكالهم وأدواتهم المستخدمة في الحياة اليومية، مما يدعم الفرضية العلمية حول كونهم عمالقة بحق.
علاوة على ذلك، أُكتشفت الكثير من المنحوتات والرسوم التي تعكس ممارساتهم الدينية وطقوسهم الجماعية. كما عُثر على بقايا جثث كاملة، بعضها محفوظ التفاصيل، في قمم جبال السروات في منطقة الحجاز.
ومن الآثار الهامة الأخرى جبل القارة، الذي يتميز بشكله الفريد، حيث يُعتبر تحفة فنية في النحت بسبب احتوائه على عدة مغارات وكهوف نحتها ثمود بأيديهم، والتي كانت بمثابة أماكن للإقامة والحماية خلال الغزوات، حيث تتسم بالدفء في فصل الشتاء والبرودة في فصل الصيف.