المواد الحافظة
تتمثل عملية حفظ الأغذية في أي إجراء أو إضافة تُقصد بها تثبيط نمو البكتيريا والتغيرات الكيميائية المحتملة على الأغذية. وتنقسم أساليب حفظ الأغذية إلى فئتين رئيسيتين؛ الحفظ الكيميائي، مثل إضافة الملح والخل في تحضير المخللات، والحفظ الفيزيائي، مثل عملية التجميد. يعتبر الهدف الرئيسي لحفظ الأغذية هو ضمان توفر غذاء قابل للاستهلاك لفترات أطول، مما يسهم في تقليل الهدر الغذائي. ومن المهم أن نلاحظ أن المواد الحافظة تساعد في إبطاء نمو البكتيريا، والخمائر، والعفن الذي يؤدي إلى فساد الأغذية، مما يعزز جودة الطعام ويضبط التلوث الذي قد يؤدي للإصابة بالأمراض المنقولة عبر الغذاء، والتي قد تكون مهددة للحياة. كما تستخدم المواد الحافظة، مثل المواد المضادة للأكسدة، للحد من تعرض الأطعمة الغنية بالزيوت والدهون للتزنخ. بالإضافة إلى ذلك، فإن للمواد الحافظة تأثيرات إيجابية على بعض أنواع الفاكهة الطازجة، مثل التفاح، حيث تساعد على منع تحول لونها إلى البني عند تقطيعها والتعرض للهواء.
أضرار المواد الحافظة
على مر الزمن، استخدم البشر الملح والسكر والخل كمواد حافظة دون أن تُسجل آثار سلبية تُذكر. لكن المواد الحافظة الحديثة قد تؤدي إلى مشكلات مثل عدم التقبل (Intolerance) وحساسية مفرطة، سواء كانت حساسية جلدية مثل التعرق والحكة، أو مشكلات في الجهاز الهضمي مثل آلام البطن والإسهال، أو أعراض تنفسية كالسعال والربو، وحتى ردود فعل عضلية هيكلية مثل آلام المفاصل والإعياء. كما قد تؤدي إلى أثار سلبية على الأعصاب، مثل تقلبات المزاج واضطرابات فرط النشاط. وفيما يلي بعض أضرار المواد الحافظة بحسب نوعها:
- بنزوات الصوديوم: تُعد مادة حافظة مشهورة بسبب خصائصها المضادة للبكتيريا والفطريات. يعد مستوى الجرعة اليومية المقبولة نحو 5 ملليغرامات لكل كيلوغرام من وزن الجسم. ومع ذلك، تم اكتشاف أنها تُستخدم بكميات أكبر في بعض المنتجات الغذائية. ويشير البحث الحديث إلى أن مزج بنزوات الصوديوم بالألوان الصناعية يعزز اضطرابات فرط النشاط لدى المستخدمين. يتواجد بنزوات الصوديوم غالباً في المشروبات الغازية، وصلصات السلطة، والتوابل.
- ثاني أكسيد الكبريت: يستخدم كمادة حافظة وكعامل مضاد للأكسدة. لا يشكل استخدامه في الكميات الموصى بها مشكلة للأشخاص الأصحاء، لكن يمكن أن يؤدي استنشاق أو ابتلاع كميات صغيرة منه إلى تحفيز نوبات الربو. تشير الدراسات إلى أن الأشخاص المصابين بالربو قد يعانون من تفاقم الأعراض نتيجة تناول مشروبات تحتوي على هذه المادة، كما أن التعرض طويل الأمد قد يؤثر سلباً على وظائف الرئتين.
- نترات الصوديوم: تتواجد في مياه الشرب والخضراوات. تشير الأبحاث إلى أن الاستهلاك المرتفع منها قد يتسبب في مشاكل صحية مثل سرطان القولون وأمراض القلب. توصي مراكز مكافحة الأمراض بأن لا تتجاوز الكمية المستهلكة يومياً 3.7 ملليغرامات لكل كيلوغرام من وزن الجسم، وغالباً ما توجد في اللحوم المعالجة.
- الدهون المتحولة: تعرف أيضاً بالدهون التقابلية، تستعمل لزيادة صلاحية الأغذية. يرتبط استهلاكها بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب. توصي منظمة الصحة العالمية بتقليل الدهون المتحولة إلى أقل من 4% من السعرات الحرارية اليومية. وقد أزالت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية الدهون المتحولة المصنعة من قائمة المكونات الآمنة في عام 2015.
تقييم سلامة المواد الحافظة
تخضع المواد المضافة للأغذية لتقييم صارم قبل التصريح باستخدامها. على المستوى الدولي، توجد لجنة مشتركة من منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية لتقييم المواد المضافة استنادًا إلى مراجعات علمية حول السمية التي قد تطال البشر والحيوانات. يتم تحديد الحد الأقصى للاستهلاك اليومي المسموح به بناءً على هذه البيانات، وتُشير الأرقام (E Number) إلى توافق هذه المواد مع معايير الاتحاد الأوروبي. يتطلب الحصول على هذا الرقم تقييمًا شاملاً لضمان سلامة المادة من قبل هيئة سلامة الأغذية الأوروبية.
يستحق الذكر أن بعض هذه المواد تُستخرج من مصادر طبيعية، بينما يتم تصنيع أخرى. كما أن بعض المواد الطبيعية يمكن إنتاجها صناعياً بجودة ونقاوة أعلى. ورغم ذلك، تظل القوانين والأنظمة الصارمة تطبق على جميع المواد المضافة، سواء كانت طبيعية أم مصنعة.