آداب الزيارة في الإسلام
يعتبر الإسلام الزيارة من الأعمال المستحبة ويدعو إليها، حيث يُجزل الأجر والثواب لمن يقوم بها، سواء كانت لأغراض معينة كتهنئة بالنجاح أو الزواج، أو حتى دون سبب معين. فقد روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللهُ لَهُ، عَلَى مَدْرَجَتِهِ، مَلَكًا….). لذا، يجب على الزائر اتباع بعض الآداب المهمة أثناء الزيارة، ومن أبرزها ما يلي:
الاستئذان قبل الزيارة
يجب على الشخص الذي ينوي زيارة غيره أن يستأذن أولاً، سواء عن طريق الهاتف أو الوسائل الأخرى المتاحة. فإذا أذن له، يحق له الزيارة، وإلا يجب عليه الاعتذار. هذه العادة تعتبر من أعمدة الأخلاق الإسلامية وتظهر تقدير المسلمين لخصوصيات الآخرين. وفي حال الوصول إلى المنزل بموافقة مسبقة أو من دونها، ينبغي على الزائر استئذان أهل البيت لدخولهم، ومن آداب الاستئذان:
- قرع الباب أو نداء أهل المنزل، حيث قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا…).
- استئذانهم ثلاث مرات، وإذا لم يؤذن له، يجب أن ينسحب، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ).
- التحية والسلام على أهل المنزل. فقد ورد عن رجل من بني عامر أنه استأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: آليج؟ فرد عليه النبي بتعليم كيفية الاستئذان.
اختيار الساعات المناسبة
يتعين على المسلم اختيار الوقت الملائم للزيارة، بحيث يتفادى الأيام والساعات التي يعرف فيها أن الشخص مشغول، مثل أيام الامتحانات أو في أوقات الأكل والنوم. وخاصة أن الدخول المفاجئ في أوقات غير مناسبة قد يُشعر صاحب البيت بعدم الراحة. وفي حديث يعود إلى عائشة -رضي الله عنها- تشير إلى أهمية الاختيار الجيد للأوقات.
مراعاة مدة الزيارة
عند الزيارة، يجب على الزائر أن يراقب مدة الزيارة، بحيث لا تكون طويلة تؤدي إلى إحراج المضيف، سواء من منظور الاستقبال أو بسبب عدم جاهزية البيت. فقد يُشعر المضيف بالضيق إذا ما كانت أوضاعه لا تسمح باستقبال الضيوف لفترات طويلة. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِيَ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ).
غض البصر والسمع عن المحارم في البيت
يجب على الزائر احترام خصوصية المنزل، فتكون عينه غافلة عن محارم أهل البيت. فلا يُسمح له بالتلصص أو الغفلة، بل يتوجب عليه توخي الحذر والبقاء بعيدا عن رؤية ما لا يجوز. وعند مواجهة النساء، يجب تقليل النظر اتقاءً لمضايقتها.
اختيار المكان المناسب للجلوس
عند دخول أي منزل، يجب على الزائر التوجه إلى المكان الذي يوجهه صاحب المنزل للجلوس فيه، متجنبًا الأماكن التي قد تُسبب إحراج لأهل البيت. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ).
تقديم النصح المناسب لأهل المنزل
في بعض الأحيان، قد يحتاج الزائر لتقديم النصح لأهل البيت إذا رصد مُنكرًا أو سلوكًا غير صحيح، وذلك بأسلوب لطيف وحسن لا يثير البغضاء. فمن الأهمية بمكان الابتعاد عن أي نية رياء، بل يكون الهدف هو إرضاء الله تعالى.
الاستئذان عند المغادرة
يستحب للزائر قبل مغادرته أن يستأذن صاحب المنزل، وعليه انتظار حضوره في حال عدم وجوده. قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إذا زار أحدكم أخاه فلا يقومن حتى يستأذنه).
الشكر على حسن الضيافة
يجب على المسلم رد الجميل لمن أحسن إليه، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من أتى إليكم معروفاً فكافئوه…). يُفضل تقديم الدعاء لأهل البيت بالخير والبركة.
آداب الضيافة في الإسلام
إكرام الضيف
يُعتبر إكرام الضيف من صفات المؤمنين. قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ). ومن طرق الإكرام:
- تناول الطعام مع الضيف وعدم تركه يأكل بمفرده.
- تقديم أفضل ما عنده للضيف.
الكلام الطيب
يجب أن تكون أحاديث رب المنزل مع ضيفه مريحة وممتعة لتعزيز الألفة، وتجنب الصمت المفرط. الحديث يجب أن يشمل عن أحوال الضيف وتجاربه، مع تجنب عرض الغضب أو تأديب الأولاد أمامه.
الترحيب بالضيف
يُفضل استقبال الضيف بابتسامة وتقوى، كما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند قدوم وفد عبد القيس، مما يجعله يشعر بالراحة والثقة.
توديع الضيف
يستحب أن يرافق المضيف ضيفه عند مغادرته، وعدم تركه ينصرف بمفرده. ينبغي فتح باب السيارة له وتقديم المساعدة عند الحاجة.
ملخص المقال: الزيارة في الإسلام لها فضل كبير ومتعددة الآداب، منها الاستئذان، إكرام الضيف، اختيار الوقت المناسب، وغض البصر، فضلاً عن تقديم النصائح والدعاء.