هدي النبي في الأكل
تميز هدي النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في تناول الطعام بعدة صفات فريدة؛ إذ لم يكن يرد ما يقدّم له، ولم يكن يسعى وراء ما يفتقده. كان يقبل ما يقدّم له من الطعام، إلا إذا كان لا يستسيغه، فيقوم بإعادته دون أن يعيبه. كما كان يأكل غالباً وهو جالس على الأرض، مما يعكس تواضعه العظيم، وكان يعتمد على ثلاثة أصابع أثناء الأكل، ويلعق أصابعه بعد الانتهاء من الطعام. كان يقبل بأي نوع من الطعام يجده، حتى لو كان خلّاً، وفي حال عدم توفر الطعام كان يبيت جائعاً أحياناً، بل وكان يربط على بطنه حجراً بسبب الجوع. بالإضافة إلى ذلك، كان يُولي احتراماً كبيراً لجميع أنواع الطعام، وبشكل خاص الخبز. ومن هديه أيضا الانتظار حتى يبرد الطعام الساخن، مع تجنب النفخ فيه. وفي حال سقوط الذباب في الطعام، كان يقوم بغمر الذبابة ثم انتزاعها من الطعام، ويتناول الطعام بلا حرج. وقد قال: (إذا وقع الذُباب في شراب أحدكم، فليغمِسه ثم لينزعه، فإنّ في إحدى جناحَيه داءً والأخرى شِفاءً). كما كان -عليه السلام- يشجع على زيادة الكمية وإطعام الآخرين، بينما نهى عن تناول الثوم والبصل، وألحق العلماء بهما ما يُصدر رائحة تؤذي الناس. وعند الانتهاء من الطعام، كان يدعو الله بشكر قائلاً: (الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول منّي ولا قوة)، كما كان يتسوك بعد الأكل.
آداب الطعام والشراب
يشمل الإسلام جميع جوانب الحياة، ولم يترك جانبًا من جوانبها إلا وقد تناولها بالبيان والتوضيح، ومن ذلك آداب الطعام والشراب، التي تم توضيحها بشكل دقيق. وفيما يلي بعض هذه الآداب:
- التسمية قبل تناول الطعام والشراب؛ استنادًا إلى حديث عمرو بن سلمة رضي الله عنه، حيث قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (يا غلام؛ سمّ الله، وكُل بيمينك، وكُل ممّا يليك). فإذا نسي الشخص التسمية، يمكنه أن يقولها عندما يتذكر.
- تناول الطعام والشراب باليمين؛ لأن الأكل والشرب باليسار يعد تشبهاً بالشيطان.
- الامتناع عن تناوُل الطعام بثلاثة أصابع، استنادًا إلى فعل النبي -صلّى الله عليه وسلّم-.
- لعق الأصابع وإناء الطعام بعد الانتهاء؛ فالاستفادة مما تبقى من الطعام يعتبر من السنة، حيث لا يعلم الشخص أين تكون البركة.
- تناول ما يسقط من الطعام؛ إذ يُستحسن أن يأخذه الشخص ويجعل منه.
- تناول الطعام مع الآخرين؛ كالأهل والضيوف، لما فيه من بركة.
- النهي عن التنفس في الإناء؛ فقد نهى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عن ذلك.
- تجنب الأكل من أعلى الإناء أو من وسطه؛ وإذا كان الطعام من نوع واحد، يُستحب أن يأكل الشخص مما يليه، أما إذا كان من عدة أنواع فلا مانع.
- النهي عن الشرب والقيام؛ حيث قال النبي -عليه السّلام-: (لا يشربَنّ أحدٌ منكم قائماً، فمن نسي فليستقِئ).
- الاعتدال في تناول الطعام وتفادي الإسراف؛ بحيث يخصص المسلم ثلثًا لطعامه، وثلثًا لشرابه، وثلثًا لنفسه. وقد أشار الإمام الغزالي في كتابه “الإحياء” إلى الأضرار الناتجة عن الإسراف في الطعام، بما في ذلك الضرر الشرعي، البدني، والنفسي.
أثر آداب الطعام والشراب على صحة الإنسان
أولى العلماء المسلمون اهتماماً كبيراً بموضوع الروح وسبل العناية بها، لكن قلة منهم اهتمت بجسم الإنسان وما يعود عليه بالفائدة أو الضرر من الطعام وأوقاته وكمياته وكيفيته. إن صحة الإنسان تُعد من أهم مقومات حياته، لذا يجب وضع القواعد التي تضمن صحته. وإليكم بعض المفاتيح التي تُساعد في ذلك:
- الحِمية تعتبر أساسية لصحة الجسم؛ ويتطلب الأمر تجنب الطعام والشراب بوعي، سواء للشخص السليم أو المريض.
- تنظيم أوقات تناول الطعام وتجنب الأكل بين الوجبات؛ حيث أن الإفطار والغداء والعشاء هي الوجبات الأساسية، ويجب الانتباه إلى وقت الهضم.
- اختيار أفضل أنواع الطعام وتجنب الرديء؛ فالغرض من الطعام هو تعزيز الصحة وتقوية الجسم، لذلك يجب أن يُنظر إليه كوسيلة وليس غاية.