دور العلم والتعلم
- يعتبر العلم الركيزة الأساسية لحضارة الأمم، حيث يميز العلم المتقدم الحضارة المتأخرة، وهو الوسيلة التي تضمن استمرار التقدم.
- تسهم عملية التعلم في نقل العلم بين الأجيال، ويعتبر أفضل أنواع العلم هو العلم بشريعة الله تعالى.
- وقدرته على تعليم هذه الشريعة يمثل ميراث الأنبياء.
- إن الله سبحانه وتعالى، الذي خلق الكون ويعلم ما ينفع عباده، قد وردت في كلماته وأحاديث نبيه شواهد تدل على أهمية العلم والتعلم.
السلامة وأهمية العلم في الإسلام
- تتجلى مكانة العلم في الإسلام في العديد من الجوانب التي تبدأ عند خلق الإنسان.
- حيث منح الله ،عز وجل، الإنسان القدرة على التعلم واكتساب المعرفة.
- فقد أهداه الله السمع والبصر والعقل، الذي يمكنه من التمييز بين الجيد والسيء، وكذلك بين العلوم المختلفة.
- كما قرر الله عز وجل أهمية العلم وأمر بضرورة القراءة والتفكر في الخلق، وعظم قدر أهل العلم ورفع مكانتهم.
- وقد جاءت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لتؤكد على ذلك وتعزز مكانته.
آيات قرآنية تدعو إلى العلم والتعلم
- عند استعراض الآيات القرآنية المتعلقة بالعلم والتعلم، يجب أن نذكر أول آية نزلت، والتي تحث على القراءة وطلب المعرفة.
- قال الله تعالى “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبّكَ الْأَكْرَم * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ” (العلق: 1-5).
- كما أمرنا الله بالاستفسار من أهل العلم: “وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوْحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” (النحل).
- كما جاء في ذكر موسى عليه السلام: “قَالَ لَهُ موسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عَلَّمْتَ رُشْدًا” (الكهف).
- وأيضًا أمر نبي الله صلى الله عليه وسلم بالزيادة في العلم، حيث قال: “فَتَعَالَى اللَّه الْمَلِك الْحَقّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا” (طه).
مكانة وفضل العلماء في القرآن
- قد منح الله عز وجل منزلة وفضل لأولي العلم، كما يذكر: “وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ” (النمل).
- كما ورد أيضاً “قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ” (النمل).
- وفي قصة موسى يوسف ذكرت: “وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ” (القصص).
- وأهل العلم هم أهل الخشية، كما يُذكَر “وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ” (العنكبوت 43) وأيضًا “إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء” (فاطر).
- وتحدث الله تعالى عن ميزتهم عند المقارنة بالآخرين: “أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ” (الزمر 9).
- وقال: “يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ” (المجادلة).
- كذلك تم اعتبار أن المنتفعين أكثر استفادة من الآيات الكونية هم أهل العلم: “هوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا” (يونس).
- وفي موضوعة العلم أيضاً ذكر: “بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ” (العنكبوت 49).
- وكذلك: “وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ” (سبأ).
- وجعل الله تعليم الناس من وظائف الأنبياء، فقال: “هوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ” (الجمعة).
الأحاديث النبوية عن العلم
- هناك العديد من الأحاديث النبوية التي تشجع على العلم والتعلم.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة” (رواه مسلم).
- ذكر أبو أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب”.
- كما أضاف: “إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير” (رواه الترمذي).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من جاء إلى مسجدي هذا، لم يأتِه إلا لخير يتعلمه أو يعلمه، فهو كالمجاهد في سبيل الله، أما من جاء لغير ذلك، فهو كالرجل الذي ينظر إلى متاع غيره” (رواه ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان).
- كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة، فهو يقضي بها ويعلمها” (رواه البخاري ومسلم).
- أيضًا قال: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له” (أخرجه مسلم).
آيات وأحاديث تحث على طلب العلم
- قال تعالى: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا [طه:114].
- وقوله تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ [الزمر:9].
- وقوله تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة:11].
- أيضًا قوله تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ [آل عمران:18].
- وقوله تعالى: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كلٌّ مِنْ عِندِ رَبِّنا [آل عمران:7].
- وقوله تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءَ [فاطر:28].
من الأحاديث التي تشجع على طلب العلم:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن طلب العلم فريضة على كل مسلم.
- وروى أبو داود وصححه الألباني عن كثير بن قيس قال: كنت جالساً مع أبي الدرداء في مسجد دمشق، فجاءه رجل فقال: يا أبا الدرداء جئت إليك من مدينة نبينا، حديث بلغني أنك تحدثه عن نبي الله. قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا سلك الله به طريقًا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض، حتى الحيتان في جوف الماء. وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر في ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهماً، ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر.
العلم والمعرفة في الإسلام يُعتبران من أعظم الوسائل التي تهدي الإنسان إلى التقوى والإيمان. إليك بعض الأفكار التي توضح كيف أن العلم والمعرفة يمكن أن يكونا طريقين لتحقيق التقوى والإيمان:
يساعد العلم الصحيح على فهم العقيدة الإسلامية بشكل أعمق، مما يعزز الإيمان. قال الله تعالى: “يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُم وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ” (سورة المجادلة: 11)، ما يدل على أن العلم يرفع مكانة المؤمنين، لأنه يدعم فهمهم لله ولعقيدتهم.
إن معرفة الله وأسمائه وصفاته من خلال العلم تعزز من تقوى القلب. قال الله تعالى: “وَمَا يَعْقِلهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ” (سورة العنكبوت: 43). يساعد العلم الإنسان في التأمل في خلق الله، مما يزيد من إحساسه بعظمة الله وقدرته، وهذا يقود إلى زيادة التقوى.
العمل الصالح هو نتيجة العلم الصحيح. قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “من يُرِدْ الله به خيرًا يُفقهه في الدين” (رواه البخاري). يقوم العلم بتوجيه الإنسان نحو عمل ما يرضي الله والابتعاد عن المعاصي، مما يؤدي إلى تعزيز الإيمان والتقوى.
يوفر العلم للمسلم المعرفة التي تعزز الوعي الإيماني. يُساعد المسلم على فهم أسباب العبادة وأهدافها، مما يجعله أكثر إخلاصاً واهتماماً في عبادته. قال الله تعالى: “فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ” (سورة محمد: 19). المعرفة تؤدي إلى إدراك أعمق للعقيدة والتأمل في آيات الله.
تعني التقوى الخوف من الله والعمل بما يرضيه، ويقدم العلم للإنسان الوسائل لفهم كيفية تحقيق هذه التقوى. قال الله تعالى: “إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ” (سورة فاطر: 28). مما يعني أن العلماء الذين لديهم المعرفة ويخشون الله هم الأحق بتطبيق التقوى.
يعزز العلم من فهم الفرد للحقوق والواجبات، ويجعل المواطن أكثر التزامًا بالأخلاق الإسلامية. قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “إنما بُعِثتُ لأتمم مكارم الأخلاق” (رواه البخاري). المعرفة تُعزز من الالتزام بالقيم الأخلاقية والإنسانية التي تُقوي الإيمان.
يساعد العلم على تحسين حياة الإنسان في الدنيا ويعزز من صلاحه في الآخرة. قال الله تعالى: “وَيَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُم وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ” (سورة المجادلة: 11). وهذا يشير إلى أن العلم يقود إلى تحسين الحياة الروحية والدنيوية.