تعرف على ابن عساكر
الإمام أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين الدمشقي الشافعي، المعروف باسم ابن عساكر، هو مؤرخ ورحالة وحافظ مشهور. وُلد في مدينة دمشق عام 527 هـ، وهناك من يقول إن ولادته كانت عام 499 هـ. ينتمي ابن عساكر إلى عائلة ذات مكانة علمية واجتماعية مرموقة.
يُعتبر ابن عساكر مؤرخًا وعالم حديث بارز من علماء دمشق، وقد لُقب بالحافظ والعلامة الكبير ومحدث الشام. قام برحلات علمية عديدة إلى بلدان إسلامية مختلفة في شبابه، حيث استمع إلى دروس كبار الشيوخ. عُرف عنه تقواه وحرصه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
كرَّس ابن عساكر حياته للكتابة والتأليف حتى لبّى نداء ربه في ليلة الاثنين من عام 600 هـ – رحمه الله تعالى. وقد صلّى عليه الشيخ قطب الدين النيسابوري، بينما شارك القائد صلاح الدين الأيوبي في جنازته، ودفن بجوار والده في مقبرة باب الصغير، بالقرب من الحجرة التي تضم الصحابي معاوية بن سفيان رضي الله عنه.
مؤلّفات ابن عساكر
ترك ابن عساكر إرثًا عظيمًا من المصنّفات التي تناولت مواضيع متعددة في التاريخ والفقه والحديث. وفيما يلي أبرز مؤلفاته:
- كتاب تاريخ مدينة دمشق، الذي يتكون من ثمانين مجلدًا.
- الجامع المستقصى في فضائل الأقصى.
- فضل مكة.
- فضل عسقلان.
- فضل شهر رمضان.
- الجوامع لحديث مالك العالي.
- الأربعون حديثًا في الحثّ على الجهاد.
- الأربعون الطوال.
- المعجم الذي يتضمن أسماء شيوخ الأمة، خاصة من شيوخ أصحاب الكتب الستة.
- الأربعون حديثًا عن المساواة، مستخرجة من ثقات الرواة.
- مُعجم القُرى والأمصار.
- تبيين نسب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري.
- كشف المغطا في فضل الموطأ.
- فضل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
- أخبار عن حفظ القرآن الكريم.
- تعزية المسلم عن أخيه.
- مدح التواضع وذم الكبر.
- التوبة وسعة رحمة الله.
- ذم أصحاب الوجهين واللسانين.
- ذم قرناء السوء.
- ذم من لا يعمل بعلمه.
حياة ابن عساكر العلمية والعملية
نشأ ابن عساكر، رحمه الله، في أسرة فقهيّة متميزة تحب العلم، وكانت عائلته من أوائل من تولى تعليمه وتربيته. تلقى تعليمه في بيئة غنية بالعلم، وقد بدأ سماع الحديث منذ صغره، حيث كان في السادسة من عمره عندما استمع إلى رواية الحديث من والده الحسن بن هبة الله وأخيه صائن الدين هبة الله.
تركزت جهود ابن عساكر في بداية حياته على طلب العلم، حيث سافر إلى بغداد وسجل ملاحظاته من شيوخها، ثم زار مكة المكرمة لأداء فريضة الحج والمدينة المنورة لزيارة قبر الرسول محمد صلى الله عليه وسلّم.
عاد إلى بغداد لمتابعة دروسه في المدرسة النظامية ثم رجع إلى دمشق. لم يتوقف عند هذا الحد، بل استأنف رحلاته إلى بلدان الشرق مثل إيران وخرسان وأصبهان وغيرها، حيث أمضى أربع سنوات في مصاحبة العلماء والفقهاء والمهتمين بالحديث. وبعد ذلك، عاد إلى بغداد ثم استقر في دمشق، حيث كرس وقته للأبحاث والتأليف.
شيوخ ابن عساكر وتلاميذه
أجاز له عدة شيوخ منهم الفراوي وزاهر وقاضي المارستان والحسين بن عبد الملك وعبد المنعم بن القشيري والعديد من العلماء الآخرين. سمع أيضًا من جمال الإسلام بن الحسن السلمي، وجد أبيه القاضي الزكي يحيى، ويحيى بن بطريق، وغيرهم الكثير.
بلغ عدد شيوخه في المعجم الخاص به 1300 شيخ بالسماع و46 شيخًا أنشدوه، و290 شيخًا بالإجازة، بالإضافة إلى 80 امرأة لهن معجم صغير. وحدث عنه العديد من العلماء مثل أبو المواهب بن صصرى وأبو الحسن بن المفضل وعبد القادر الرهاوي وغيرهم.