نبذة عن أبي عبد الله محمد بن عبد الله (ابن آجروم)
أبو عبد الله محمد بن محمد بن داود الصنهاجي، المعروف باسم ابن آجروم، هو شخصية بارزة في عالم النحو العربي والفكر الإسلامي. يُعتَبَر اسم “ابن آجروم” إشارة إلى معاني تعكس الفقر الورع والتصوف في الثقافة الأمازيغية. ابن آجروم، من خلال مؤلفاته، وخاصة كتابه “المقدمة الآجُرُّومية في مبادئ علم العربية”، ترك بصمة واضحة في علم النحو العربي.
نشأة ابن آجروم ووُلادته
وُلِد ابن آجروم في مدينة فاس عام 672هـ في المغرب. تلقى تعليمه الابتدائي في فاس، وحاز على لقب إمام في علم النحو. عُرف عنه حسن الخلق والتقوى، وأثر علمه في الكثيرين من حوله. يُعتقد أنه كان يتبع المذهب الكوفي في النحو، وشهد له معاصروه بعلمه الغزير في الفقه وقراءة القرآن الكريم وتجويده.
يعد ابن آجروم واحدًا من أهم العلماء في بلاد المغرب، حيث عاش خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلادي. وقد اشتملت معارفه على الفقه الإسلامي والقراءات القرآنية وعلوم اللغة، واكتسب كنيته “أبو عبد الله” ولقب “الصنهاجي” نسبة إلى القبيلة الأمازيغية الكبرى، مما أضفى على اسمه صبغة تاريخية وثقافية.
حياة أبي عبد الله محمد بن عبد الله (ابن آجروم)
بعد فترة من الزمن قضاها في فاس، قرر أبو عبد الله محمد القيام برحلة إلى مكة لأداء فريضة الحج. خلال رحلته، مر على القاهرة حيث درس تحت إشراف العالم المعروف أبو حيان محمد بن يوسف الغرناطي، والحصول على الإجازة في علم النحو.
عند وصوله إلى مكة، أمضى فترة هناك وألف كتابه الشهير “الآجرومية”، ثم عاد إلى فاس، حيث بدأ ممارسة مهنة التعليم في جامع الحي الأندلسي، واستمر في ذلك حتى وفاته.
أهم مؤلفات ابن آجروم
ترك ابن آجروم إرثًا علميًا غنيًا يتضمن عدة مؤلفات قيمة، منها:
- المقدمة الآجُرُّومية في مبادئ علم العربية.
- فرائد المعاني في شرح حرز الأماني ووجه التّهاني.
- أرجوزة البارع في أصل مقرا الإمام نافع.
- الاستدراك على هداية المرتاب.
- التّبصير في نظم التّيسير.
- ألفات الوصل.
- روض المنافع.
شيوخ ابن آجروم وتلامذته
درس ابن آجروم على يدي مجموعة من الفقهاء والعلماء البارزين، منهم:
- الشيخ الإمام محمد بن يوسف أبو حيان النحوي الغرناطي، مؤلف “البحر المحيط” في التفسير.
- الإمام محمد بن القصّاب أبو عبد الله.
- الشيخ محمد بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن الطيّب أبو القاسم القيسي الضّرير.
- عبد الملك بن موسى أبو مروان.
ومن أبرز تلامذته الذين تلقوا العلم على يديه:
- ابنه عبد الله بن محمد أبو محمد.
- ابنه محمد بن محمد أبو المكارم المعروف بمنديل ويُكنى أبو عبد الله.
- الشيخ أحمد بن محمد بن شعيب أبو العباس الجَزنائي الطّبيب.
- الأستاذ عبد الله بن عمر أبو محمد الوانغيلي الفقيه النّحوي الضّرير.
- محمد بن علي بن عمر بن يحيى بن العربي الغسّاني النّحوي.
- محمد بن إبراهيم بن إسحاق أبو عبد الله القاضي الحضرمي.
- أحمد بن محمد ابن حزب الله أبو العباس السّاعدي الخزرجي النّحوي.
- ابن حكم.
- محمد بن أحمد بن علي الحسني.
وفاة العالم والفقيه الجليل ابن آجروم
توفي العالم والفقيه الكبير ابن آجروم في شهر صفر عام 723هـ، الموافق 1323م، عن عمر يناهز 51 عامًا. دفن في منطقة باب الجيزين، المعروفة في المغرب باسم باب الحمراء، قرب باب الفتوح في مدينة فاس.
كتاب المقدّمة الآجُرُّوميّة في مبادئ علم العربية
تُعَدُّ الآجرومية من الكتب الأساسية في علم النحو العربي، وقد صنفها ابن آجروم، الذي سُمي أيضًا بـ “متن الآجرومية”. تعتبر هذه المؤلف من بين أهم الكتب في اللغة العربية التي تدرس مبادئ علم النحو.
إن ما جعل الكثير من علماء اللغة العربية والمختصين يلجؤون إلى شرحها وتبسيطها للطلاب المهتمين بدراسة اللغة هو أسلوبها السهل والواضح. تعتبر الآجرومية اختصارًا لكتاب “الجمل في النحو” لأبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاج، وهو عمل موسع ومعقد. لذلك قام ابن آجروم بتيسيره واختصاره.
تتكون الآجرومية من 145 باب، حيث تناولت جميع قواعد النحو والصرف، والأصوات، والضرورات الشعرية، وتصريف الأفعال وطريقة إعرابها، وبيَّنت جميع أنواع المعربات من الأسماء. وقد وضعت هذه المؤلفات الأسس للدراسات النحوية في تلك الفترة، ولا يزال يُستخدم مصطلح الآجرومية للدلالة على علم النحو ذاته بفضل وضوحها وبساطتها.