من هو أبو نواس؟
اسمه ونسبه
الحسن بن هانئ الحكمي، المعروف بلقب أبو نواس، يعد من أبرز الشعراء في العصر العباسي الأول. وُلِد في الأهواز، إيران، وتحديدًا في منطقة باستان ماترد التابعة لخوزستان، وهي منطقة تقع غرب إيران على الحدود مع العراق. ويقال إن والده كان من أصل عربي دمشقي، بينما والدته كانت من أصول فارسية. هناك روايات أخرى تشير إلى أنه يعود لأصل فارسي، وأن والده كان مولًى فارسيًا ينتمي إلى موالي الجراح بن عبد الله الحكمي.
ولادة أبي نواس ونشأته
تباينت المصادر حول تاريخ ولادة أبو نواس، حيث أشار بعضها إلى أنه وُلِد في العام 141 هجريًا، في حين زعمت أخرى أنه وُلِد في العام 145 هجريًا، وهناك من ذكر أنه وُلِد في 139 هجريًا. أما نشأته، فقد كانت في البصرة، حيث انتقل إليها بعد وفاة والده. أرسلته والدته للعمل لدى عطّار في أسواق المدينة، ومن هناك بدأ رحلته في مجال العلم والأدب.
نبذة عن حياة أبو نواس
حياة أبو نواس العلمية
بدأ أبو نواس بالتردد على مجالس أهل العلم أثناء عمله في البصرة. وكان من ضمن العلماء الذين تأثر بهم الراوية عمرو بن العلاء، حيث تعلّم اللغة العربية وأخبار العرب وأنسابهم. لاحقًا، بدأ يتقرب من المجان في عصره، مثل والبة بن الحباب، وخلف الأحمر، ومطيع بن إياس، مما أثر على أسلوبه، حيث تبنى نهج التهتك والمجون، بالإضافة إلى استيعابه للتراث العربي والفارسي. ويقال إنه قضى نحو عام في الصحراء يتعلّم من البدو قواعد اللغة.
وفيما يتعلق بمعرفته بالوالبة بن الحباب، فقد بدأت عندما مر الوالبة عبر محل العطارة الذي كان يعمل فيه أبو نواس، وعندما لاحظ ذكاءه، سأل عن اسمه، ثم اصطحبه إلى الكوفة ومن ثم إلى بغداد. وقد شجع ذلك أبو نواس، إذ أدرك أن أحلامه بدأت تتحقق بمعرفة هذا الشاعر المتميز.
علاقة أبو نواس بالخلفاء
عند وصول أبو نواس إلى بغداد، انخرط في الأوساط الأدبية، وبدأ يمتدح هارون الرشيد. لكن ذلك لم يستمر طويلاً، إذ قُبض عليه بزعم هجائه لقريش. خلال إقامته مع هارون، كانت له علاقات مع بعض الجواري الجميلات في القصر، وأبرزها مع جارية تدعى جنان. وعلى الرغم من ذلك، لم يحقق الشاعر نجاحًا ملحوظًا في البلاط العباسي، حيث انتقل إلى مصر بعد فترة قصيرة ليتوسط للخصيب، لكنه سرعان ما هجره وعاد إلى بغداد نسبةً لحنينه إلى مجالسها المليئة بالمجون.
وفي عهد الأمين ابن هارون الرشيد، عاد أبو نواس لينظم الشعر لصالحه، إلا أن هذه العلاقة لم تدم طويلاً، حيث قضى فترة في السجن نتيجة خلافات مع المأمون.
الشاعر أبو نواس
خصائص شعر أبي نواس
يُعتبر أبو نواس واحدًا من أبرز شعراء العصر العباسي، وقد تميز شعره بألفاظ جديدة تعكس روح الدعابة والطرافة، بجانب الرقة والجمال. في شعره، كان يجسد المجون ويعكس تصرفات المجتمع من تخبّط في الفساد. يمكن القول إن شعره كان بمثابة مرآة تسلط الضوء على حياته وسعيه وراء المتعة.
أبو نواس والخمر
اشتهر أبو نواس بشغفه بالخمر، وقد كتب العديد من القصائد حول هذا الموضوع، ومنها:
ألا فاسقني خمرًا وقل لي هي الخمر
ولا تسقني سرًا إذا أمكن الجهر
وبالرغم من أن بعض النقاد اعتبروا أن بعض قصائده كانت نتيجة سكره، إلا أن أبو نواس تاب في نهاية حياته وتخلى عن شرب الخمر، وأظهر توبته في قصائده.
متى توفي أبو نواس؟
تعددت الآراء حول تاريخ وفاة أبو نواس، إذ يعتقد أنه توفي في سنة 199 هجريًا عن عمر يناهز 54 أو 58 عامًا، بينما يُقال أيضًا إنه توفي في 196 هجريًا. توفي في بغداد، ومن الجدير بالذكر أنه في السنوات الأخيرة من حياته، تاب إلى الله -سبحانه وتعالى- وابتعد عن المعاصي، حيث عبر عن توبته في شعره، ومن ذلك قوله:
دبَّ في السقام سُفلاً وعُلـوّا
وأراني أموتُ عُضواً فعُضوا
لهف نفسي على ليالٍ وأيا
م تــجـاوزتــهنَّ لـعْبـاً ولـهوا
وأسأنا كلّ الإساءةِ إلى ربِّنا
صفــحاً عنّـا إلــهي وعَفـوا