قصائد الشافعي حول الظلم
قال الشافعي:
قد جربتُ أناس هذا العصر فلم أجد
سوى من يكون البخلُ زاده
فقد سحبتُ من غمد القناعة سيفاً
وانقطعتُ آمالي منهم لذبابه
فلا هذا يراني واقفاً في سبيله
وَلَا ذَاكَ يعثرُ بي عند بابه
غنيٌ بلا مالٍ عن الناس جميعاً
فليس الغنى إلا عن شيءٍ ليس له
إذا ما ظلمٌ استحسن الظلم منهجاً
تجاوزاً في قبيح اكتسابه
فكله إلى الأقدار فسيظهر له
ما لم يكن في حسبانه
فكم شهدنا ظالماً يتكبر
يراها النجوم تحت ظلال خنافسه
فسرعان ما يأتي الزمن بغفلةٍ منه
تجلب الاحتمالات إلى عبابه
فلم يعد له مالٌ أو جاهٌ يُنتظر
ولا حسنات تجتمع في كتابه
وجُزي بالأفعال التي كان يمارسها
فصبه الله بسوط عذابه
وقال الشافعي أيضاً:
ورب ظالمٍ يكفيني شره
فأوقعه القضاء أيّ وقوع
فما كان لي الإسلام إلّا تقرباً
وأدعية نُثرت دون دروع
وحسبك أن يُنجو الظالم وأتباعه
أسهم دعاءٍ من قسي الركوع
متساقطة بنعمة من كلّ ساهرٍ
تتراقص على أطرافها بدموع
قصائد الشافعي حول العدل
قال الشافعي:
أرى السلوان للحق عند قضائه
يثقل يوماً إن تركتُ الأمر عمداً
وحسبك حظّ أن تُرى غير كاذبٍ
وقولك لم أعلم وذاك من الجهد
ومن يقضِ حقّ الجار بعد ابن عمه
وصديقه الأقرب سواء في القرب والبعد
يعيش سيداً يستحسن الناس ذكره
وإن ناله حقٌ يُقبل نحو مقصده
كما قال الشافعي:
وداريتُ جميع الناس ولكن حسادي
أحوالهم صار صعباً ومدى منالها
وكيف يدارى المرء حسد نعمةٍ
إذا كان لا يرضيه سوى زوالها
كما قال:
إذا لم تعطي والمصائب فيكم تمضي
وقد ملكت أيديكم البسط والقبضا
فماذا يُرجى منكم إذا انتزعتم
وعقّتكم الدنيا بنجومها عُضى
وتسترجع الأيام ما وهبتكم
ومن عادة الأيام أن تسترجع القرضا
ومن أقوال الشافعي أيضاً:
ارحل بنفسك من أرضٍ تُظلمُ فيها
ولا تكن من فراق الأهل مُحرقاً
فالعنبرُ الخالصُ في موطنه
وفي الغربة يُحمل على الأعنق
والكحل نوعٌ من الحجارة تُنظرُ
في أرضه وهو ملقى على الطرق
ولما تغربَ حاز الفضل جميعه
فصار يُحمل بين الجفن والحدق
- ويقول الشافعي أيضاً:
زن من وزنك بما وزنت، وما وزنك معه فزنه
من جاء إليك فارحبه، ومن جفاك فاصدق عنه
من ظن أنك دونه، فاترك هواه وادفع عنه
وارجع إلى ربّ العبادة فكل ما يأتيك منه
ويقول الشافعي كذلك:
وعين الرضا عن كل عيبٍ كليلةٌ
ولكن عين السخط تُبدي المساوي
ولستُ أبالي بمن لا يخافني
ولستُ أرى للمرء ما لا يرى لي
فإن تدنُ مني، تدنُ منكَ مودتي
وإن تنأ عني، تلقني بعيداً
كلاهما غنيٌّ عن أخيه حياته
ونحن إذا متنا أشد غنى
قصائد الشافعي حول الرضا بالقضاء
قال الشافعي:
دع الأيام تفعل ما تشاء
وكن راضياً بنفسك إذا حكم القضاء
ولا تجزع من مصائب الليالي
فما لحوادث الدنيا بقاء
وكن رجالاً في مواجهة الأحداث
وطيبتك السماحة والوفاء
وإن كثرت عيوبك في الناس
فتسأل أن يكون لها غطاء
تستتر بالسخاء فكل عيب
يغطيه كما قيل إن السخاء
ولا تحني للأعادي أبداً ذلاً
فإن شماتة الأعداء بلاء
ولا ترجُ السماحة من بخيل
فما في النار للظمآن ماء
ورزقك ليس ينقصه التؤدة
وليس يزيد في الرزق العناء
ولا حزن يدوم ولا سرور
ولا بؤس عليك ولا رخاء
ومن نزلت بساحته المنايا
فلا أرض تقيه ولا سماء
وأرض الله واسعة، لكن
إذا نزل القضاء ضاق الفضاء
دع الأيام تغدر كل حين
فما يغني عن الموت الدواء
قصائد حكمة للشافعي
- قال الشافعي:
اصبر على مرّ الجفاء من معلمٍ
فإن رسوب العلم في نفراته
ومن لم يذق مرّ التعلم ساعةً
تذرّعَ ذلّ الجهل طوال حياته
ومن فاتَه التعليم وقت شبابه
فكبر عليه أربعاً لوفاته
وذات الفتى والله بالعلم والتقوى
إن لم يكونا فلا اعتبار لذاته