أثر الإيمان في حياة الفرد
يعتبر الإيمان ركيزة أساسية في حياة المسلم، حيث يتكون من ستة أركان أساسية، تمت الإشارة إليها صراحة في كتاب الله -سبحانه وتعالى- في قوله: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ).
كما ورد في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أثناء حديثه مع جبريل عليه السلام: (الإِيمانُ: أن تُؤمن بالله وملائكتِه، وكُتبه، ورُسله، وتؤمن بالجنَّة والنَّار، والميزان، وتؤمن بالبعث بعد الموت، وتؤمن بالقدرِ خيرِه وشرِّه). وعندما تستقر هذه الأركان في قلب المسلم، فإن لها آثاراً عظيمة على حياته، من بينها:
تعزيز التصديق بما ورد في الكتاب والسنة
يتحفز الإيمان المسلم لتصديق كافة ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى لو تعارض مع ما يبدو منطقياً، فالنص يأتي في مقدمة الأمور. والأمثلة عن ذلك واضحة في حياة الصحابة، حيث كان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- مثلاً رائعاً في هذا الشأن. فعندما أخبروه عن حادثة الإسراء والمعراج، سارع لتصديق ما قيل له قائلاً: “إني لأصدِّقه في خبر السَّماء بُكرةً وعشية، أفلا أُصدِّقه في بيت المقدس”.
ونحن اليوم في أمس الحاجة إلى الإيمان الراسخ واليقيني للتصدي للمشكلات والتحديات التي تواجه ديننا.
مراقبة الله تعالى في السر والعلن
تُعد مراقبة الله -عزّ وجلّ- من أبرز ثمار الإيمان، حيث يُشعر الفرد بأن عليه القيام بدوره على الوجه الأمثل سواء في عباداته أو في حياته اليومية. فالشعور برؤية الله -سبحانه وتعالى- له يدفع المسلم لعمل الخير وترك المعاصي. وقد أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك بقوله: (أن تعبد اللَّه كأنَّك تراه، فإنَّه إن لا تراه فإنه يراك).
العزّة
من يملأ الإيمان قلبه يدخل في دائرة العزّة، حيث ذكر الله -عزّ وجلّ- أن: (وَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ). وبالتالي، يعيش المؤمن بعزة إيمانه، مما يسمح له بمواجهة التحديات بشجاعة وثقة.
الطمأنينة والسكينة
إن المؤمن الذي تسود الإيمان في قلبه يعيش حالة من الهدوء والسلام الداخلي. فقد قال الله عزّ وجلّ: (الَّذينَ آمَنوا وَتَطمَئِنُّ قُلوبُهُم بِذِكرِ اللَّـهِ أَلا بِذِكرِ اللَّـهِ تَطمَئِنُّ القُلوبُ). فحياته مليئة بالسكينة والثقة في ربه، مما يجعله يعيش بلا قلق أو مشكلات نفسية.
أثر الإيمان في حياة المجتمع
تتجلى آثار الإيمان بصورة واضحة في المجتمعات، فالشريعة الإسلامية وضعَت لتقويم سلوكيات الأمم وبناء مجتمع يتسم بالأخلاق الحميدة. ومن آثار الإيمان الأساسية نجد:
تعزيز الوحدة والاجتماع
عندما يعم الإيمان في المجتمع، فإنه يؤدي إلى الوحدة والتماسك، ويعزز روح التعاون بين الأفراد، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (يد الله مع الجماعة وإنَّ الشَّيطان مع من فارق الجماعة يرتكضُ).
التحسين في السلوكيات
إذا تسللت روح الإيمان إلى قلوب الأفراد، تدريجياً ستختفي الأنماط السلبية في التعامل بينهم، مما يقلل من الكذب والغش، ويعزز قيم الكرم والعطاء، إذ أن المؤمن يعرف أن ما يصيبه من سوء هو بتقدير الله، ويكون أقرب للعفو والنسيان.
وسائل الحفاظ على الإيمان
يتطلب الحفاظ على الإيمان في زمن الفتن والشكوك جهوداً وإرادة قوية، وفيما يلي بعض الوسائل التي تعين المسلم على الثبات:
- الدعاء والتضرع إلى الله -سبحانه وتعالى- من أجل الهداية والثبات.
- الالتزام بأوامر الله واجتناب نواهيه، حيث قال الله: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ).
- اتباع سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- والتمسك بهدي الخلفاء الراشدين.
- الإكثار من ذكر الله، قال ابن عباس رضي الله عنه: (الشيطانُ جاثِمٌ على قلبِ ابنِ آدمَ، فإذا ذَكَر اللهَ خَنَسَ).
- تحمل الصبر في الطاعة، والاستعاذة بالله من الفتن.
- اختيار الرفقة الحسنة وتجنب الرفاق السيئين.
- التحذير من الأمان الزائف من مكر الله -عزّ وجلّ- والاعتبار بالعبرة من مكر الظالمين.