قصيدة نبض الحكمة
يقول فيصل أحمد حجاج:
تَعِي ما لا أقولُ وما أقولُ
وقد فَطِنَتْ لفِطْنتِها العُقولُ
مُذَهّبةٌ مُهَذّبَةُ المعانى يُعانى
مِن صَراحتِها الجَهولُ
عَلَتْ فتغَلْغلتْ وبفَضل ربّى
تَرعْرَعَ فى مرابعها الفُحولُ
هُمُ فَكّوا لنا شَفْراتِ كَوْنٍ
يكُونُ به اخْضرارٌ أو ذُبولُ
فينهمرُ اخْضراراً إنْ سَلكْنا
مسالكَهم وتتسعُ السّهولُ
وإنْ حِدْنا وُجِدْنا فى دُروبٍ
مشَى فيها المُشردُ والذليلُ
سَل الدّنيا تُجِبْك جَوابَ صِدْقٍ
مَن الخَاوى ومَنْ فيه القبولُ
وإنْ جادلتَ يانبتَ المَعاصى
فليسَ يُعينُ مُخْتلاّ دليلُ
فأنت الحمقُ ترتعُ فى سَرابٍ
تَخَفّى فى زواياهُ الأُفُولُ
ألا يا حكمةُ الحُكَما أجِيبى
شُحُوبى زادَ، حاصَرَنى الذّهُولُ ؟!
وقُوْمى غادروكِ بكَيْد غَدْرٍ
رعاه الرّجْسُ والصّمْتُ الطّويلُ
فمَنْ سيُجيرُ- غيرُك – مَنْ تَصَدَّى
متى سَيَسُرُّ مُغْتَرباً وُصُولُ
ألا فلْتفْضَحى مَنْ خان عَهْداً
وباعَ فضاعَ مِنّا السّلْسَبيلُ
وقُولِى للْمُضِلّ، ضَلَلْتَ فاحجُبْ
ضَلالَكَ، أيُّها النّطْعُ الثّقيلًُ
وقُولى للّذى بالتّبْغِ يَسْمو
سُمُوُّكَ بالخبائث مُستحيلُ
وقولِى للذّى قَدْ عَقّ أَهْلاً
هلُمّ ارْجِعْ وصالحْ مَنْ تَعولُ
وقُولِى للذّى خِلاّ تَناسَى
وداسَ وَفَاه، يابئسَ الخليلُ
خليلاً صُنْ يَصُنْكَ بلا مِراءٍ
جَميلاً كُنْ سيعْرِفْكَ الجَميلُ
وقُومِى للمُنافِقِ قَوّمِيهِ
وإلا فلْيُقَوّمْه الرحيلُ
مَشَتْ أفْعى النّفاقِ فشَتّتَتْنا
فَبِتْنا لا نَصُولُ ولا نَجُولُ
وقُولِى للشّجاعةِ أدْرِكينا
فَشا فِينا التّقَزُّمُ والنُّحولُ
وجُودِى بالأُصُولِ لكُلّ خَطْبٍ
فشَافِينا مِنَ الخَطْبِ الأُصُولُ
وجُودِى بالدّواءِ فقَدْ حُمِمْنا
وحَمَّمَنا بِخَمْرتِه الخُمولُ
وجُودِى بالهواءِ الطّلْقِ إنّا
هَوانا القَيْدُ والسُّمُّ الدّخِيلُ
حَبانا اللهُ نَخلَ العِزّ فَضْلاً
فكَيفَ نُعَزُّ إن بِيعَ النّخيلُ
أَعِيدى حِكْمةَ الحُكَماءِ أَصْلى
وفَصْلى ما تَعاقَبَت الفُصُولُ
ألا لا تأْبَهوا بهُراءَ حِقْدٍ
يلوذُ به العدوُّ ويَستطِيلُ
قليلٌ مَكْرُهُ مهْما تَعالَى
كَثيرٌ فاتَ والباقى قَليلُ
أَعدِّى واستعِدّى ياملاذًا
لنا ،كَى يَرجعَ المَجْدُ الأَصيلُ
وقُولى للعِراقِ هَواكَ باقٍ
بمُشْتاقٍ سيفعلُ ما يقولُ
وياأَقْصى سنَرجِعُ ذاتَ يوْمٍ
ليَجْمَعَنا الرّسالةُ والرّسُولُ
إذا مالَ الورَى عنْ دينِ ربّى
فلا واللهِ إنّا لا نَميلُ
فشَرْعُ اللهِ نُورٌ للبَرايا
وللعُقلاءِ ليس لهُ بَدِيلُ
وإن الموْتَ آتٍ عنْ قَريبٍ
ولنْ يبْقَى قَصِيرٌ أوْ طَويلُ
يَزولُ الكَوْنُ مَقْضِىٌّ بِهَذا
ويبْقَى وجْهُ ربّى لا يَزُولُ
قصيدة عالم الحكمة هذا
يقول عبد الغني النابلسي:
عالم الحكمة هذا
فيه ذو الهذيان هاذى
حكمه لله جلت
ويقول الغر ماذا
عمي الدهري عنها
وبها المؤمن لاذا
ويقول الفلسفيون
هو العلة هذا
كذبوا ما الحق إلا
فعل أمر يتحاذى
فعل من يفعل ما شاء
صحيحا وجذاذا
وله الأوصاف والأسماء
جمعا وفذاذا
كيفما شاء ولا علة
لا طبع عياذا
والطبيعيون قوم
نبذوا الحق انتباذا
عبدوا الطبع بكفر
وجدوا فيه لذاذا
ثم أقوام اعتزال
مطروا الغي رذاذا
عن هدى السنة مالوا
نفذوا عنه نفاذا
أين دين الحق ممن
بالضلال الله آذى
ورسول الله أيضا
عندما شذ شذاذا
ديننا شرع نبي
صادق للحق حاذى
فتمسكنا به لا
نبتغي ذاك ولا ذا
واقتدينا به لا
نبتغي ذاك ولا ذا
واقتدينا بأبي بكر
وتابعنا معاذا
قصيدة أقول بالحكمة بين الإِخوهْ
يقول ابن شيخان السالمي:
أقول بالحكمة بين الإِخوهْ
وللكلام طولةٌ وطلوَهْ
وللكلام كالثمار زهوَهْ
وزهرة كجنة برَبْوهُم
قال بين بين ذا في الخطوهْ
وفي الحضيض ذا وذا في الذِروهْ
قد ظهر الحق وأبدى صحوَهْ
والوقت وقت غَدوةٍ وضحوهْ
إذا دعاك صاحبٌ لدعوهْ
فامتثلِ الأمر ولَبِّ الدعوهْ
ولا تجاوز عنه وانحُ نحوهْ
ولو لتمرةٍ دعا وقهوهْ
فالسعيُ بالصفا لذي المُروَّهْ
كالسعِي ما بين الصَّفا والمروهْ
لا شربةٌ في ذا الزمان حُلوهْ
إلا مع الصَّافي وأين هُوَّهْ
أينَ الوفا طاح الوفا في هُوَّهْ
ليسَ لهُ في دهرنا من نجوهْ
في انفِ أبناءِ الزمان نخوهْ
وفي عقولهم عمىً ونشوهْ
ما فيهمُ لذي العلوم صفوهْ
وسعيهم له قِلىً وجفوهْ
لا حشمةٌ لا حرمةٌ لا عزوهْ
فدهرهم عن عزهم في غفوهْ
كساهمُ من الخمول كسوهْ
فهو لهم في كل ذمٍّ اسوهْ
دعهم فعنهم بالإِله سلوهْ
وفضله في خلوة وجلوهْ
فأخذوا منه الجفا والقسوَهْ
ونبذوا عنهُ الوفا والصفوهْ
لكل صارم الغِرار نبوهْ
وكل سابق الكِرار كبوهْ
وللحليم المستشار هفوهْ
والكاملُ المولى الشديد القوّهْ
قصيدة يا طالب الحكمة من أهلها
يقول أبو العتاهية:
يا طالِبَ الحِكمَةِ مِن أَهلِها
النورُ يَجلو لَونَ ظَلمائِهِ
وَلأَصلُ يَسقي أَبَداً فَرعَهُ
وَتُثمِرُ الأَكمامُ مِن مائِهِ
مَن حَسَدَ الناسَ عَلى مالِهِم
تَحَمَّلَ الهَمَّ بِأَعبائِهِ
وَالدَهرُ رَوّاغٌ بِأَبنائِهِ
يَغُرُّهُم مِنهُ بِحَلوائِهِ
يُلحِقُ آباءً بِأَبنائِهِم
وَيُلحِقُ الإِبنَ بِآبائِهِ
وَالفِعلُ مَنسوبٌ إِلى أَهلِهِ
كَلشَيءِ تَدعوهُ بِأَسمائِهِ
قصيدة إن كنت قد أوتيت لبا وحكمة
يقول أبو العلاء المعري:
إِن كُنتَ قَد أوتيتَ لُبّاً وَُحِكمَةً
فَشَمِّر عَنِ الدُنِّيا فَأَنتَ مُنافيها
وَكُونَن لَها في كُلِّ أَمرٍ مُخالِفاً
فَما لَكَ خَيرٌ في بَنيها وَلا فيها
وَهَيهاتَ ما تَنفَكُّ وَلهانَ مُغرَماً
بِوَرهاءَ لا تُعطي الصَفاءَ مُصافيها
فَإِن تَكُ هَذي الدارُ مَنزِلَ ظاعِنٍ
فَدارُ مُقامي عَن قَليلٍ أُوافيها
أُرَجّي أُموراً لَم يُقَدَّر بَلَوغَنُها
وَأَخشى خُطوباً وَالمُهَيمِنُ كافيها
وَإِنَّ صَريعَ الخَيلِ غَيرُ مُرَوَّعٍ
إِذا الطَيرُ هَمَّت بِالقَتيلِ عَوافيها
بِغَبراءَ لَم تَحفِل بِطَلٍّ وَوابِلٍ
وَنَكباءَ تَسفي بِالعَشِيِّ سَوافيها
أَرى مَرَضاً بِالنَفسِ لَيسَ بِزائِلٍ
فَهَل رَبُّها مِمّا تُكابِدُ شافيها
وَفي كُلِّ قَلبٍ غَدرَةٌ مُستَكِنَّةٌ
فَلا تُخدَعَن مِن خُلَّةٍ بِتَوافيها
قصيدة ألكني إلى من له حكمة
يقول أبو العلاء المعري:
أَلِكني إِلى مَن لَهُ حِكمَةٌ
أَلِكني إِلَيهِ أَلِكني أَلِك
أَرى مَلَكاً طانَهُ لِلحِمامِ
فَكَيفَ يُوَقّى بَطينُ المَلِك
فَما لي أَخافُ طَريقَ الرَدى
وَذَلِكَ خَيرُ طَريقٍ سُلِك
يُريحُكَ مِن عيشَةٍ مُرَّةٍ
وَمالٍ أَضيعَ وَمالٍ مُلِك
من أين للعارض الساري تلهبه
يقول أبو الحسن الجرجاني:
من أين للعارِضِ السَّاري تلهُّبُه
وكيفَ طَبَّق وَجهَ الأَرضِ صَيِّبُه
هل استعانَ جُفُوني فهيَ تُنجِدُهُ
أم استعارَ فُؤادي فهو يُلهبُهُ
بجانب الكرخ من بغدادَ لي سَكَنٌ
لولا التَجَمُّلُ ما أَنفَكُّ أَندبُهُ
وصاحبٍ ما صَحِبتُ الصَّبرَ مذ بَعُدت
ديارُهُ وأرِاني لستُ أَصحبُهُ
في كل يومٍ لعَيني ما يؤرِّقُها
من ذِكرِه ولقلَبي ما يُعَذِّبُه
ما زال يُبِعدُني عنه وأُتبِعُهُ
ويستمرُّ على ظُلمي وأعتبُهُ
حتى لَوَت لي النوى من طولِ جَفوِتهِ
وَسَهَّلت لي سبيلاً كنت أَرهبُهُ
وما البعادُ دَهَاني بل خَلائقُه
ولا الفراقُ شَجاني بل تجنُّبهُ
لو أن قلبي على ما فيه من جَزَعٍ
يَومَ النَّوَى بيدي ما ضاق مهرَبُه
إذاً لَجُدتُ به طوعاً بينهم
كي لا أكون برغمي حين أَسلبهُ
ما فائت بذَلَتهُ النَّفسُ طائعةً
كما تُمانع عنه ثم تُغلبُه
ماذا يريد المرء ما يشفيه
يقول عبد الله البردوني:
ماذا يريد المرء ما يشفيه
يحسو روا الدنيا ولا يرويه
ويسير في نور الحياة وقلبه
ينساب بين ضلالة والتيه
والمرء لا تشقيه إلاّ نفسه
حاشى الحياة بأنّها تشقيه
ما أجهل الإنسان يضني بعضه
بعضا ويشكو كلّ ما يضنيه
ويظنّ أن عدوّه في غيره
وعدوّه يمسي ويضحي فيه
غرّ و يدمي قلبه من قلبه
ويقول: إن غرامه يدميه
غرّ وكم يسعى ليروي قلبه
بهنا الحياة وسعيه يظميه
يرمي به الحزن المرير إلى الهنا
حتّى يعود هناؤه يرزيه
ولكم يسيء المرء ما قد سرّه
قبلا و يضحكه الذي يبكيه
ما أبلغ الدنيا وأبلغ درسها
وأجلّها وأجلّ ما تلقيه
ومن الحياة مدارس و ملاعب
أيّ الفنون يريد أن تحويه
بعض النفوس من الأنام بهائم
لبست جلود الناس للتمويه
كم آدمي لا يعدّ من الورى
إلاّ بشكل الجسم والتشبيه
يصبو فيحتسب الحياة صبيّة
وشعوره الطفل الذي يصبيه
قم يا صريع الوهم واسأل بالنهى
ما قيمة الإنسان ما يعليه
واسمع تحدّثك الحياة فإنّها
أستاذة التأديب والتّفقيه
وانصب فمدرسة الحياة بليغة
تملي الدروس وجلّ ما تمليه
سلها وإن صمتت فصمت جلالها
أجلى من التصريح والتنويه
وَالماءُ لا قَسَمٌ وَلا أَقلادُ
يقول أبو وجزة السعدي:
وَالماءُ لا قَسَمٌ وَلا أَقلادُ
هُزاهزٌ أَرجاؤُها أَجلادُ
لا هُنَّ أَملاحٌ وَلا ثِمادُ
أَفرِغ لِجوفٍ وردُها أَفرادُ
عَباهِلٌ عَبهَلَها الوُرّادُ
يَحبو قصاها مُلبَدٌ سِنادُ