حجب البحر بحار دون
- يقول المتنبي:
حجبت البحر بحارٌ بعيدة عنه
يذمها الناس ويمدحونه
يا ماء، هل حسدتنا معينك؟
أم تمنيت أن تراه رفيقه؟
أم انطلقت نحو الغنى بيدك؟
أم زرتها مكثرًا من سكانها؟
أم أتيت متحصنًا بحصونها؟
إن الخيول والسيوف تفيه حاجته
يا ربي، لججٌ جعلت سفينته
وها هو البُعد المرهق لم يُشغل عونه
وهذا الجنون قد أخذت جنونه
وشرب كأسٍ قد أعادت رنينه
وغيرت غنائه إلى أنينه
وضيغَمٍ دخلت معصمه
وملكٍ انحنى برأسه
يقودها مستأنسًا جفونه
مباشرًا بنفسه شؤون حياته
مشرفًا بطعنه والثمار
بحرٌ يصبح كل بحر نونه
شمسٌ تتمناها الشمس أن تكونها
إن دعوت يا سيفُ لتستعين به
يجيبك قبل أن تُتمم سؤالك
أدام من أعدائه تمكينه
من حفظ منهم نفسه ودينه
عندما يغفو القدر
- يقول فاروق جويدة:
ورجعت أذكر في الربيع عهودنا
أيامًا صُغناها عبيرًا للزهر
والأغنيات الحالمة بسحرها
سكر الزمان بخمرها وغفا القدر
الليل يجمع في الصباح ثيابه
واللحن مشتاقًا يعانق الوتر
العمر ما أحلاه عند صفائه
يوم بقربك كان عندي بالعمر
إني دعوت الله دعوة عاشق
ألا تفرقنا الحياة ولا البشر
قالوا بأن الله يغفر في الهوى
كل الذنوب ولا يسامح من غدر
ولقد رجعت الآن أذكر عهدنا
من خان منا من تنكر؟ ومن هجر؟
فوجدت قلبك كالشتاء إذا صفا
سيعود يعصف بالطيور وبالشجر
يوماً تحملت البعاد مع الجفا
ماذا سأفعل خبريني.. بالسهر؟!
ورجعت أذكر في الربيع عهودنا
سألت مارس كيف عدت بلا زهر؟
ونظرت لليل الجحود وراعني
الليل يقطع بالظلام يد القمر
والأغنيات الحائرات توقفت
فوق النسيم وأغمضت عين الوتر
وكأن عهد الحب كان سحابةً
عاشت سنين العمر تحلم بالمطر
من خان منا صدقيني إنني
ما زلت أسأل أين قلبك؟ هل غدر؟
فلتسأليه إذا خلا لك ساعة
كيف الربيع اليوم يغتال الشجر؟!
حول الصمود
- يقول محمود درويش:
لو يذكر الزيتون غارسه
لصار الزيت دمعًا!
يا حكمة الأجداد
لو من لحمنا نعطيك درعًا
لكن سهل الريح
لا يعطي عبيد الريح زرعًا
إننا سنقلع بالرموش
الشوك والأحزان .. قلعًا
وإلام نحمل عارنا وصليبنا
والكون يسعى…
سنظل في الزيتون خضرته
وحول الأرض درعًا
إننا نحب الورد
لكننا نحب القمح أكثر
ونحب عطر الورد
لكن السنابل منه أطهر
فاحموا سنابلكم من الأعصار
بالصدر المسمّر
هاتوا السياج من الصدور…
من الصدور فكيف يكسر
اقبض على عنق السنابل
مثلما عانقت خنجر
الأرض والفلاح والإصرار
قل لي: كيف تقهر…
هذي الأقانيم الثلاثة
كيف تقهر؟
عيناك يا صديقتي العجوز، يا صديقتي المراهقة
عيناك شحاذان في ليل الزوايا الخانقة
لا يضحك الرجاء فيهما، ولا تنام الصاعقة
لم يبق شيء عندنا … إلا الدموع الغارقة
قولي: متى ستضحكين مرة، وإن تكن منافقة؟!
كفاك يا صديقتي ذئبان جائعان
مصّا بقايا دمنا، وبعدنا الطوفان
وإن سغبت مرة، لا تتركي الجثمان
وإن سئمت بعدها، فعندك الديدان
إنّا خلقنا غلطة … في غفلة من الزمان
وأنت يا صديقي العجوز… يا صديقتي المراهقة
كوني على أشلائنا، كالزنبقات العابقة
الغاب يا صديقتي يكفّن الأسرار
وحولنا الأشجار لا تهرب الأخبار
والشمس عند بابنا معمية الأنوار
واشية، لكنها لا تعبر الأسوار
إن الحياة خلفنا غريبة منافقة
فابني على عظامنا دار علاك الشاهقة
كان لي قلب!
- يقول أحمد عبد المعطي الحجازي:
على المرآة بعض غبار
وفوق المخدع البالي روائح نوم
ومصباح .. صغير النار
وكل ملامح الغرفة
كما كانت، مساء القبلة الأولى
وحتى الثوب، حتى الثوب
وكنت بحافة المخدع
وكنت ترين في عيني حديثًا .. كان مجهولًا
وتبتسمين في طيبة
وكان وداعًا
جمعت الليل في سمتي
ولفقت الوجوم الرحب في صمتي
وفي صوتي
وقلت.. وداع
وأقسم لم أكن صادقًا
وكان خداعًا
ولكني قرأت رواية عن شاعر عاشق
أذلّته عشيقته، فقال .. وداع!
ولكن أنت صدقت
على المرآة بعض غبار
وفوق المخدع البالي، روائح نوم
ومصباح .. صغير النار
وكل ملامح الغرفة
كما كانت، مساء القبلة الأولى
وحتى الثوب، حتى الثوب
وكنت بحافة المخدع
وكنت ترين في عيني حديثًا .. كان مجهولًا
وتبتسمين في طيبة
وكان وداعًا
جمعت الليل في سمتي
ولفقت الوجوم الرحب في صمتي
وفي صوتي
وقلت.. وداع
وأقسم لم أكن صادقًا
وكان خداعًا
لكنّي قرأت رواية عن شاعر عاشق
أذلّته عشيقته فقال .. وداع
ولكن أنت صدقت