شعر عراقي حول الحب
أحبك ليس لأنك جذاب، بل
لأن روحي التقت بروحك، وجدت فيك
عندما تمر أمام الأعمى، يستغيث بالله
بينما الأخرس يحاول التحدث إليك
جروحي تنزف بسهامك، وأنا مكشوف
وأسألك بأن تحذر، فأنا أخشى أن أؤذيك
اجرحني، لكن افعل ذلك بعناية
لأنك تسري في دمي، وأخشى أن أبقى
اجرحني، لكن بشرط ألا تموت
حتى لو اتهموك، سأبرئك
في المرآة، حين أنظر لها، لا أرى وجهي
بل أرى وجهك الذي ينعكس، وأبدأ الحديث
وجهك ثابر في ذكري، وصورتك ترافقني
وكلما نظرت في المرآة أراك
مع قولك: احتفظ بحبك، وأُطلق العنان لأفكاري
أنا هنا، أريدك بأن تبقى قربي
وفي أي شوارع أنا، أجدك تنتظرني
أدخل أي طريق وأراك تتجلى فيه
أعود للمنزل، أراك عند الباب
أطرق الباب، فأنت تجيبني: أتيتني
قررت أن أنساك، لكن صورتك لا تفارقني
كل شخص أشبهك، يعيدني إليك
كل من هو شبيه بك، يذكرني بك
شعر عراقي مميز عن الحب
تصبح كحلا على جفنيّ
أحلم بك وسط الظلام، أذرف الدموع
لكن لا تطفئ النار التي تكمن في قلبي
أخشى أن تنفجر إذا تأخرت عني
لم يعد لديك أي عذر
ألم جرحك تحول إلى بدر
صدكني، لقد تعبت كثيراً من حبك، فهو يؤلمني
كم تمنيت أن تتوسل لعيني
لكن كل المحاولات لم تفد
لن أظل في عذاب، خذ حذرك منّي
ولا تخجل من قول الحقيقة، قل هذا هو طبعك.
شعر عراقي عن الحب لبدر شاكر السياب
لا تجعل قلبه يزداد لوعة، فهو ينتظرك
لينسى بعضاً من أحزانه
اجعلي عينيك قريبتين من وجهه المتعب
في ظلال الشحوب يكمن سر اليأس
وانظري إلى جذور غصونه الحزينة
لهفة تجرف خطاه بين جفنيه
وحرمة تموت في رمشيه
واسمعيه إذا اشتكى من فراقكم
وخشية من الرحيل، يجعل اللقاء أضعف
واحفظي بصيرته في صدرك العطر
بعيداً عن الرصيف المضيء
عن الشراع الذي يتراءى في خيال
وموج يلمسه في الغسق
وداع حزين، عطر ذراعيك عليه
على الأسى والألم
أخبريه حكايات عن تلك الأكواخ
وراء النخيل بين التلال
حلم أيامه القاسية
لا تحرميه حلم الشباب
وأوهميه بأنه سيراك
على ضفاف النهر وسط الضباب
أضيئي الشموع في ذلك الكوخ
حتى لو كان كل شيء سراباً
عندما يشتكي في ذراعيك
من لحظات الفراق، صرخاته عالية
فارتمي في أحضانه، عندما تجدينه
حزيناً ومشتتاً في انتظارك
اغضبي وادفعيه عن صدرك
لتتركي فعلاً للطبيعة الخاتمة
واغلقي الباب خلفه، ودعيه
مثلما فعل الدجى والصحارى.
شعر عراقي عن الحب لسعدي يوسف
في لحظة واحدة غمرتك بالقبلات
ثم نأيت مرتدية خوصاً أبيضاً
في أي نهر ستغرق أناملك؟
أي ماء سيلامس القميص؟
وأي نخلة ستكون مرتكزاً لك؟
وهل سيسقط الرطب الجني؟
هل كانت أغصان النخلة هي أقصى ما استطاعت مريم؟
الأشجار تردد موسيقى
وهذه الشقة البيضاء في بيروت ما تزال قريبة من البحر
تخفق من بعيد في مدينة مائية أخرى
وأرى وجه جدي، الزرقاء العيون، والكوفية الحمراء
أرى في الحواجز وجه مريم
في الطرقات خطوات الملك المتوج بالقذيفة
يدخل الرومان في صفوف منتظمة
بينما قوميون يتنافسون في المتاجر
مريم في مدينتها
وأنت تراقب الطرق العامة، هل ستأتي اليوم؟
كانت عند مزبلة الرصيف
وقد أضاءت نيرانها
وانطلقت وهي تشق دخانها
المباركة للمدينة
أشعر بالألم من أجلك وأنت مشتعلاً
في الليل خلف الأكوام الرملية
هل كان ينبض الأمل لمجرد كونك بعيداً؟
أم كان يحمل فكر الخيل البعيدة؟
كلما زرت بيتاً، تذكرت الآخر
كلما كنت حياً، نسيت الميت
لكن ما جاءني
ليس كما كنت عليه
لم يعد لي شيء
فليكن
إن الظل يصبح
أفضل ما يمكن أن يطقن في دياجير الطريق
لو كنت أعلم أين مريم
لتبعت النجم حتى بلادها
لكن مريم تركتني في المتاهة حين رحلت
وقالت: ستجدني إذا أحببتني
في الرمال أبحث عن أصابعها
وفي أطلال “عين الحلوة” السوداء عن عينيها
أسأل الشباب عند الوكالة: هل مرت؟
بين ورقة وصحيفة، أنتظر الأخبار
أمس، سمعت أصواتًا: هل كانت مريم؟
أم أنها تسكن بين الرصاص
بين الألوان بين حي السلّم المهدم؟
بيروت، التي اتكأت على حجارتها
طارت كطائر البحر
وكأن العشاق أطلقوا سلاحهم
والبحر يعيش صمتًا
استمع الأطفال للأصوات البعيدة وكأنها نيران
بينما الطائرات تدور في سماء رمادية
نجوم العشاق مريم، هل ستدخلين؟
تعالي…
هذا الفضاء الذي نطقه
حتى نرى في الوحدة العلامة
حتى يحلق الطائر ويطلق قسمه
في الحقول فلسطين، في عواصم الحماية
في الرصاص الكثيف
وفي صراخ المدافع
في الأغاني فلسطين، في الخصلة القاتمة
في قميص الشهيد
في حديد يرد الحديد
في يد
في زناد
في تقارب البلاد
ها نحن، مريم، نصنع الطرق في الليل
نتتبع الرصاص الذي يلي
ونطير مثل العصافير بين القذائف
ها نحن، مريم، ننحدر الدرجات نحو الملجأ الليلي
نعد الطائرات المتغيرة
ونقول: آمنّا…
ونمشي خلسة نحو البحر
نجلس خلف أكياس التراب
نراقب الأمواج تتلاطم، والشباب مجاهدين…
ملابسهم خضراء كالصخور على شواطئ البحر الأبيض المتوسط
انتظري قليلاً، لنقول لهم سلاماً
لنبارك دموعهم سلاحهم
لنمسح الأكوام بالماء القليل
ونمضغ الخبز الجاف في صمت…
ومريم، المرآة والرؤية
بشارة بأن نموت مخلدين
وأن نعيش كما يعيش رفاق البساطة
مريم تسكن الميلاد
تسكن في الدم العربي
نتبعها، وتتبعنا
لكن هنا، في قسوة اللحظات
ننسج من عباءتها هويتنا
وندخل في القيامة
في الموقع التاريخي تبقى رايتنا
مغروزة في وقوف الزمن
سنستمر في غرزها
حتى ننفجر الوطن
فليكن ما يحدث
وليكن مجنوناً
وليكن…
إننا قادمون
شعر باللغة الفصحى للشاعر العراقي بدر شاكر السياب
هل تسميين ما ألقى هياماً؟
أم جنوناً بالشوق؟ أم غراماً؟
ما هو الحب؟ نحيباً وابتسامة؟
أم خفقان الأضلاع المرتجفة عندما يحين اللقاء
بين عينيك، بينما أطرق فراراً من شوقي
تجاه سماء لا تسقيني، إذا ما؟
جئت أطلب الماء، إلا أوهاماً
العيون الحور، لو صرن ظلاً في شرابي
جفت الكؤوس في أيدي رفاقي
دون أن يقابلن حتى اللذة
هيئي، يا كأس، من حوافك السكرى، مكاناً
لم لقاء شفتينا يوماً
في نبضٍ وحرارة
وبعدٍ يتسع في آفاقه أثر الاقتراب
كم تمنت قلبي الجريح لو لم تستجيبي
من بعيد للعشق، أو من قريب
آه لو لم تعرفي، قبل اللقاء، من حبيبي!
أي ثغر قد مس تلك الشفاة
يسكب شكوته في آهات… ثم آهات؟
غير أني جاهل بمعنى السؤال عن حبها
أهو شيء من ولعها؟ يا لعشقها؟
أحسد الضوء الحاقن
موشكاً على الانصهار مما يلاقيه
في رباطٍ أوسع الشعر عتاباً،
السماء البكر من ألوانها
تُعطي للطرف الأرجواني
ليت قلبي لمحة من ذلك الضوء السجين
أهو حب كل هذا؟ خبّريني