الصبر كخلق نبوي
تحمل النبي -صلى الله عليه وسلم- أذى قومه كثيرًا، فقد روت عنه عائشة -رضي الله عنها- عندما سألت: “يَا رَسُولَ اللهِ، هلْ أَحَدٌ أَذَى لَقِيتَهُ يَوْمًا أشَدَّ مِن يَوْمِ أُحُدٍ؟”، فأجاب النبي قائلاً: “لَقَدْ لَقِيتُ مِن قَوْمِكِ وَكانَ أَشَدَّ ما لَقِيتُ منهمْ يَوْمَ العَقَبَةِ، عندما عَرَضْتُ نَفْسِي علَى ابنِ عبدِ يَليلَ بنِ عبدِ كُلَالٍ، ورفضوا أن يستجيبوا لي. انطلقتُ وأنا مغموم، ولم أستفق إلا عند قَرْنِ الثَّعَالِبِ، وعندما رفعتُ رأسي، وجدت سحابة قد أظلتني. فوجدت فيها جِبْرِيلَ، فقال لي: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ وما ردُّوا عليك، وقد أرسل إليك مَلَكَ الجِبَالِ لتأمره بما تشاء بشأنهم. ثم ناداني مَلَكُ الجِبَالِ، وأُخبرني بأنه قادرٌ على أن يُطبقَ عليهم الأخشبين، لكنني خيرت أن أرجوا أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يُشرك به شيئًا.
الحلم كأحد خصال النبي
- تتميز أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعظمة، ومنها خلق الحلم. فقد روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه مشى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، حيث أتى عليه أعرابي وجذبه بشدة. فكان أن نظر أنس إلى صفحة عاتق النبي وقد تركت أثرًا من شدة الجذب، وطلب الأعرابي: “يا مُحَمَّدُ، مُرْ لي من مالِ اللهِ الذي عندك”. فالتفت النبي إليه وضحك، ثم أمر له بعطاءٍ كرمًا.
- وعن أنس بن مالك أيضًا، قال: “كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أحسن الناس خلقًا، وقد أرسَلني يومًا لحاجة، فقلتُ: والله لا أذهب، وفي نفسي أردت الذهاب لما أمرني به. فخرجتُ ومررتُ على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا بالنبي يقبض على قفاي من ورائي، فنظرت إليه وهو يضحك، وقال: “يا أُنَيْسُ، أذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ؟” فأجبته: “نَعَمْ، أنا ذَاهِبٌ، يا رَسولَ اللهِ”.
العفو كخلق رفيع عند النبي
قال عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه-: “كَأَنِّي أنْظُرُ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يحكي نبيًّا من الأنبياء، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فأدْمَوْهُ، وهو يمسح الدمَ عن وجههِ ويقول: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي؛ فإنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ”.
وفاء العهد كميزة من ميزات النبي
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- حريصًا جدًا على الوفاء بعهوده. فقد ذكر أن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: “إنَّ قُرَيْشًا صَالَحُوا النبيَ -صلى الله عليه وسلم- وكان منهم سهيل بن عمرو. فطلب النبي من عليٍّ أن يكتب: باسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل: أما باسم الله، فما ندري ما هو، ولكن اكتبه باسمك. فقال النبي: اكتب من مُحَمَّدٍ رسول الله، فاعترضوا: لو علمنا أنك رسول الله لما اتبعناك، فاكْتُب اسمك واسم أبوك. فقال النبي: اكتُبْ من مُحَمَّدِ بنِ عبدِ اللهِ. وقد اشترطوا أن من جاء منهم إلينا لم نرده، ومن جاءكم مننا رددتموه إلينا. فقالوا: يا رسول الله، أنكتب هذا؟ قال: نعم، من ذهب منا إليهم فليبعده الله، ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجًا ومخرجًا.