لقد تلقينا الكثير من التعليمات في الأحاديث النبوية حول عدم الغضب والنهي عنه. إذ يعد الغضب من عدم قدرة الشخص على التحكم في سلوكياته وتصرفاته، حيث يُثار انفعاله مما يؤدي إلى رد فعل قوي وعنيف.
قد يترافق الغضب مع بعض الأعراض الجسدية مثل احمرار الوجه ورفع مستوى الصوت. وتتعدد الأسباب التي تؤدي إلى الغضب، مثل التعرض للإهانة أو الشتم. في هذا المقال، سنستعرض بعض الأحاديث المتعلقة بالغضب.
الغضب
من المؤكد أن الغضب يمكن أن يتسبب في إصابة الشخص بعدد من الأمراض نتيجة الانفعال الشديد، مثل مرض السكري. لذلك، يجب علينا توخي الحذر والتحكم في مشاعرنا، مع ذكر الله عز وجل والاستغفار، إذ يساعد ذلك في تهدئة النفس.
أحاديث تحذر من الغضب
كما ذكرنا، فإن الأحاديث النبوية تنصح كثيراً بتجنب الغضب لأنه سمة غير مستحبة وتنتج عنها العديد من الأضرار، ومن الأحاديث الدالة على ذلك:
- رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “أنَّ رَجُلًا قالَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أوْصِنِي، قالَ: لا تَغْضَبْ. فَرَدَّدَ مِرَارًا، قالَ: لا تَغْضَبْ”.
- وكذلك رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ليسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّما الشَّدِيدُ الذي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ”.
- وروي أيضاً عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “لا تغضبْ، ولَكَ الجنَّةُ”.
أحاديث تتعلق بعلاج الغضب
تتضمن السنة النبوية العديد من الأحاديث التي يمكن أن تسهم في معالجة الغضب وتخفيفه، لذا ينبغي ترديدها دائماً ومن بينها:
تغيير الوضع
- ما رُوي عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إذا غضبَ أحدُكم وهو قائمٌ فلْيجلسْ، فإن ذهبَ عنه الغضبُ وإلاَّ فلْيَضْطَجِعْ”.
- كما رُوي عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ألا وإنَّ الغضبَ جمرةٌ في قلبِ ابنِ آدمَ، أما رأيتُمْ إلى حُمرةِ عَينيهِ وانتِفاخِ أوداجِهِ، فمَن أحسَّ بشَيءٍ من ذلِكَ فليُلصِق بالأرضِ”.
الاستعاذة من الشيطان الرجيم
- كما رُوي عن سليمان بن صرد -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “كُنْتُ جَالِسًا مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورَجُلَانِ يَسْتَبَّانِ، فأحَدُهُما احْمَرَّ وجْهُهُ، وانْتَفَخَتْ أوْدَاجُهُ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لو قالَهَا ذَهَبَ عنْه ما يَجِدُ، لو قالَ: أعُوذُ باللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، ذَهَبَ عنْه ما يَجِدُ”.
الصمت
- ورُوي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “علّموا ويسّروا ولا تعسّروا، وبشّروا ولا تنفّروا، وإذا غضبَ أحدكُم فليسكُت”.
الوضوء أو الاغتسال
يشجع الإسلام على أداء الوضوء أو الاغتسال عندما يشعر الشخص بالغضب، إذ يمكن أن يساعد ذلك في تهدئة الاعصاب واستعادة الهدوء الداخلي.
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ”.
التفكر في ثواب كظم الغيظ
تشدد التعاليم الإسلامية على أهمية التفكير في الثواب المنتظر من كظم الغيظ، فالتأمل في ذلك قد يعين الشخص على التحكم في غضبه وتحمل المشاق.
روى معاذ بن أنس الجهني عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال: “من كظم غيظا وهو يستطيع أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيره في أي الحور شاء”.
يمكنكم أيضاً التعرف على:
أحاديث في فضل كظم الغيظ
سنستعرض بعض الأحاديث التي تُظهر كيفية كظم الغيظ، إذ إن كظم الغيظ يتطلب قوة، لذا ينبغي علينا جميعاً ممارسته، ومن تلك الأحاديث:
- ما رُوي عن معاذ بن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وهوَ قادِرٌ على أنْ يُنْفِذَهُ؛ دعاهُ اللهُ سبحانَهُ على رُؤوسِ الخَلائِقِ يومَ القيامةِ حتى يُخَيِّرَهُ مِن الحُورِ العِينِ ما شاءَ”.
- كما رُوي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ مرَّ بقومٍ يَصطرعونَ فقال: ما هذا؟ قالوا: فلانٌ ما يُصارعُ أحدًا إلا صرعَهُ، قال: أفلا أدلُّك…”.
أقسام الناس في الغضب
البطيء الغضب سريع الفيء
- يتميز هؤلاء الأشخاص بتأخر شعورهم بالغضب، ولكن عندما يحدث، فإن ردود أفعالهم تكون عادةً سريعة وعنيفة.
السريع الغضب سريع الفيء
- هؤلاء الأشخاص يغضبون بسرعة وبشكل مفاجئ، ويتصرفون بشكل عاطفي وعدواني دون تفكير كافٍ.
السريع الغضب بطيء الفيء
- يشعر هؤلاء الأشخاص بالغضب بسرعة، لكنهم لا يُظهرونه على الفور، بل يحتفظون به داخلهم ويعبرون عنه لاحقاً بعد فترة من التفكير أو الانفعال الداخلي.
روي عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا وإن منهم البطيء الغضب سريع الفيء، ومنهم سريع الغضب سريع الفيء، فتلك بتلك، ألا وإن منهم سريع الغضب بطيء الفيء، ألا وخيرهم بطيء الغضب سريع الفيء، ألا وشرهم سريع الغضب بطيء الفيء».
آثار الغضب
يعتبر الغضب شعوراً طبيعياً ينتاب الجميع بين الحين والآخر، ولكن عندما يصبح مفرطًا أو غير مسيطر عليه، قد يكون له تأثير سلبي على الصحة النفسية والعلاقات الشخصية، ومن تلك الآثار:
- التوتر والقلق: يمكن أن تزيد مستويات التوتر والقلق نتيجة الغضب، مما يؤثر سلبًا على الأداء الوظيفي للجسم ويسبب مشكلات صحية مثل ارتفاع ضغط الدم، الصداع، واضطرابات في الجهاز الهضمي.
- التأثير على العلاقات: الغضب قد يُسبب توتراً في العلاقات الشخصية، مما يؤدي إلى صراعات وخلافات بين الأفراد.
- التصرفات العدائية: يمكن أن يؤدي الغضب إلى اتخاذ قرارات عدوانية أو عنيفة قد تضر بالأشخاص الآخرين وتؤثر سلبًا على الفرد ذاته.
- تدهور الصحة العقلية: الغضب المستمر قد يسهم في تدهور الحالة العقلية للفرد، مما يزيد من مخاطر الاكتئاب والقلق، والاضطرابات النفسية الأخرى.
- تأثير على العمل والأداء: الغضب قد يعوق القدرة على التركيز واتخاذ القرارات الصحيحة، مما يعكس سلبيًا على الأداء في العمل أو الدراسة.
- الإضرار بالذات والآخرين: قد يتسبب الغضب في اتخاذ أفعال مسيئة قد تضر الشخص نفسه أو غيره، سواء من خلال الكلمات الجارحة أو العنف الجسدي.