الحرص على القيام بالأعمال بشكل متقن والسعي لتحقيق الإعمار في الأرض يُعد من الأساسيات التي لا غنى عنها لاستمرار الحياة. ومن هنا نستعرض بعض الأحاديث النبوية التي تدعو إلى الالتزام بالعمل، حيث توجد مجموعة كبيرة من الأحاديث التي تناولت هذا الموضوع. سوف نقدم لكم من خلال موقعنا بعض المقتطفات القرآنية حول العمل، بالإضافة إلى عشرة أحاديث نبوية تعكس أهمية الجهد والعمل.
- حديث العمل والإخلاص: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه.” (رواه الطبراني) يعكس هذا الحديث أهمية الإخلاص والإتقان في مسيرة العمل.
- حديث التشجيع على العمل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده.” (رواه البخاري) يؤكد الحديث على قيمة العمل وكسب الرزق الحلال.
- حديث الأجر على العمل الجيد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من بات كالاًّ من عمل يده بات مغفوراً له.” (رواه الطبراني) يوضح الحديث الفائدة الكبيرة التي تعود على الشخص نتيجة الجهد المبذول.
- حديث الزرع والعمل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها.” (رواه أحمد) يشجع الحديث على العمل حتى في أصعب الأوقات.
- حديث الأمانة في العمل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك.” (رواه الترمذي) يُبرز الحديث أهمية الأمانة في جميع مجالات العمل.
- حديث الحث على الاجتهاد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحداً فيعطيه أو يمنعه.” (رواه البخاري) يشجع الحديث على الاعتماد على النفس واجتهاد الفرد.
- حديث الأجر المستمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له.” (رواه مسلم) يشير الحديث إلى الأعمال التي ستظل تمنح الأجر حتى بعد الوفاة.
- حديث الرزق والعمل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا.” (رواه الترمذي) يربط الحديث بين أهمية العمل والتوكل على الله.
- حديث الأجر على الجهد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا فيأكل منه إنسان أو طير أو بهيمة إلا كان له به صدقة.” (رواه مسلم) يُعكس هذا الحديث البركة في العمل الذي يعود بالنفع على الآخرين.
- حديث السعي في الزراعة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من مسلم يزرع زرعًا إلا كان ما أكل منه له صدقة وما سرق منه له صدقة.” (رواه مسلم) يشير الحديث إلى أهمية العمل في الزراعة والإنتاج.
أحاديث شريفة عن العمل
هناك الكثير من الأحاديث الشريفة التي تشجع على العمل، ومن هذه الأحاديث: “أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: والذي نَفْسِي بيدِهِ، لَأَنْ يَأْخُذَ أحدُكُمْ حَبْلَه، فيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِه؛ خَيْرٌ له مِن أنْ يَأْتِيَ رَجُلًا، فيَسْأَلَه، أعطاهُ أو مَنَعَه” (المصدر: صحيح البخاري).
كما يؤكد الرسول على أهمية الاجتهاد لكسب الرزق الحلال، ويظهر أن العمل بجميع أشكاله هو أفضل من التوجه للسؤال عن المال، ويُنكر الإسلام التسول والبطالة.
يوجد حديث آخر يقول: “ما أكَلَ أحدٌ طَعامًا قَطُّ، خيرًا من أن يأكل مِن عَمَلِ يَدِهِ، وإنَّ نَبِيَّ اللَّهِ داوُدَ عليه السَّلامُ، كانَ يَأْكُلُ مِن عَمَلِ يَدِهِ” (المصدر: صحيح البخاري)، مما يعكس أن كسب الرزق من العمل هو الأفضل، ويعطي نموذجًا يُحتذى به عبر نبي الله داود.
آيات قرآنية تحث على العمل
لقد حث الله عباده عبر آياته على أهمية العمل، مع ذكر أمثلة لأنبيائه الذين كانوا نشطاء في أعمالهم. ومن بين هذه الآيات قوله تعالى {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} [المؤمنون: 27].
في هذه الآية، أوحى الله لنبيه نوح عليه السلام بأهمية العمل، من خلال صنع السفينة، وهو عمل يتطلب الكثير من الجهود والتحمل.
قال تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَرسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ * يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 10]
في هذه الآية، يأمر الله نبيه داوود بضرورة العمل كحداد، ويبرز أنه يراقب جميع الأعمال الصالحة. كما يقول تعالى {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]، مشيرًا إلى أهمية العمل الصالح ونتائجه المتعددة.
مفهوم العمل
تعبر كلمة العمل عن النشاط الذي يهتم به الإنسان كمهنة، وتتمثل في السعي والكسب الذاتي من أجل المال، وهو يشمل مجموعة متنوعة من الأنشطة مثل الصناعة والزراعة والمهن والتجارة. العمل هو كل ما يُمارَس من مجهود إنتاجي من قبل الأفراد.
في الإسلام، يمثل العمل الأساس الذي يقوم عليه عمران الأرض وتلبية الاحتياجات الأساسية للحياة. إن العمل يُعَد من الواجبات الأساسية للإنسان، وهو ضرورة للحياة.
إحدى الشروط الأساسية لتحقيق الإعمار هي العمل، وقد أكدت العديد من الآيات على أهمية هذا الهدف. كما ورد في كتاب الله أن الإنسان لم يُخلق للعبث وعلينا أن نستغل قدراتنا في العمل الصالح.
يجب ألا يظل الفقير في حالة من الركود، ولا أن يستسلم الضعيف لظروفه، حيث أكرم الله الإنسان بالقدرة على العمل وجعل الكون مسخرًا له، ليكون خليفته في الأرض ويعمل على إصلاحها.
يرتبط العمل دائمًا بمفاهيم العمل الصالح ولزوم السعي للكسب الحلال، فهو يساهم في نهضة الأمة ويحد من الفساد. كما يقول الله تعالى، إن العمل الصالح يؤدي إلى الأجر العظيم والجنة، وهو من العبادات التي تُقرب العبد إلى الله.