صور الجنابة التي تستدعي الغسل
تُعد صور الجنابة التي تتطلب القيام بالغسل من المسائل المهمة التي تناولها العلماء، ومن أبرزها الجماع، حتى في حالة عدم خروج المني. وقد استند دليل ذلك إلى السنة النبوية حيث قال النبي محمد عليه الصلاة والسلام: (إِذَا جَلَس بَيْن شُعَبِهَا الْأَربَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغَسْلُ). وقد أوضح الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث أن الغسل يصبح واجباً على كلاً من الرجل والمرأة بمجرد إدخال الحشفة في الفرج، ولا يتوقف الأمر على خروج المني فقط، وقد اتفق العلماء على هذه المسألة.
كذلك، من صور الجنابة التي تستوجب الغسل نزول المني من الرجل أو المرأة. حيث يُعرّف المني بأنه سائل أبيض غليظ عند الرجل، بينما يكون أصفر رقيق عند المرأة. ومن الخصائص المشتركة للمني في كلا الجنسين أنه يحمل رائحة معينة ويصاحبه شعور بالفتور الجسدي. ولا بد من الذكر أن سائل الرجل ينزل بدفق، في حين ينزل سائل المرأة بدون دفق، وفي كلا الحالتين يكون مصاحباً للشهوة. أما إذا كان نزول المني بغير شهوة، كأن يحدث بسبب البرد أو المرض، فلا يُعتبر ذلك سبباً لإيجاب الغسل على المسلم في تلك الحالة.
الممنوعات على الجنب
ذكر الفقهاء عدة أمور يحرم القيام بها على الجنب، من أهمها: الصلاة سواء كانت فرضاً أو نَفَلاً، بالإضافة إلى فتح المجال للطواف حول الكعبة، نظراً لأن الطواف يُعتبر في حكم الصلاة، فيما يتفق عليه المالكية والشافعية والحنابلة، بينما يرى الحنفية أنه جائز بشرط أن يتقرب الجنب ببدنة أو ما شابه، حيث يعتبرون الطهارة واجبة ولكنها ليست شرطاً. كما يُمنع الجنب من البقاء في المسجد أو الاعتكاف فيه، ومع ذلك اجاز بعض المالكية والحنابلة والشافعية عبور المسجد. بالإضافة إلى ذلك، يُمنع الجنب من مس القرآن أو قراءته، إلا في حال كان القرآن من ضمن حوائجه أو خشية أن تلحقه النجاسة، وقد نص الفقهاء على جواز حمله مع وجود غلاف.
حكمة أحكام الجنابة
أوضح علماء الأمة بعض الحكم والفوائد المرتبطة بغسل الجنابة، حيث أشار العالم ابن القيم إلى فوائد الاغتسال لجسد الإنسان، إذ يساعد على استعادة القوة والنشاط والحيوية التي قد تنخفض بفعل الجنابة. فالجنابة تُسبّب عادةً شعوراً بالكسل والثقل، ولا يمكن التخلص من تلك الأعراض إلا من خلال الاغتسال.