أحكام العدة للمطلقة
تعتبر أحكام العدة من الموضوعات الفقهية المهمة التي تتضمن جوانب ومسائل متعددة، لذا من الضروري التعرف على مفهوم العدة ومدة انتظارها وشروط وجوبها، وغيرها من الأمور ذات الصلة.
تعريف العدة والمواقف المعنية بها
تشير عدّة المطلقة إلى فترة الانتظار التي تحظر فيها الزواج، حيث وضع الشارع الحكيم شروطاً لهذه الفترة، وتُعرف العدة أيضاً بأنها “التربص بعد الطلاق”. خلال هذه المدة، لا يُسمح للمطلقة بالزواج حتى انتهاء العدة. وفي تأكيد لهذا المعنى، يقول الله تعالى: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ) مما يعني أنه خلال فترة العدة، فإن الزوج الأول له الحق في إرجاع زوجته. تعتمد مدة العدة على كون المرأة من ذوات الحيض أم لا، فإذا كانت تحيض، فإن عدتها تمتد إلى ثلاث حيضات كما جاء في قوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ). أما اللواتي لا يحضن بسبب كبر سنّهن أو صغرهن، فإن عدتهن تكون ثلاثة أشهر، وفقاً لقوله عز وجل: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ). وفي حال كانت المطلقة حاملاً، فإن عدتها تنتهي عند وضع الحمل، حيث يقول الله تعالى: (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ). ويتطلب وجوب العدة أن يكون الزواج قد تم بعقد صحيح وأن تكون الفرقة قد حدثت بعد الخلوة، سواء كان ذلك عبر الطلاق أو الفسخ. بينما المطلقة قبل الدخول لا تكون ملزمة بالعدة، كما ورد في قوله تعالى: (ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا).
علاقة العدة بالرجعة بين الزوجين
إذا قام الزوج بتطليق زوجته طلقة أولى أو ثانية وأراد إعادتها خلال فترة عدتها، فإنه يستطيع ذلك دون الحاجة إلى عقد جديد. لكن إذا انقضت العدة دون أن يعيدها، فإن ذلك يُعتبر طلقة بائنة، ما يعني أنها أصبحت حرة لتتزوج من غيره. وفي حال رغب في إعادتها بعد انتهاء العدة، فإنه يتطلب عقداً ومهوراً جديدين، مع ضرورة رضاها. وتتماثل أحكام الطلقتين الأولى والثانية، حيث يمكن للزوج أن يعيد زوجته فيهما قبل انتهاء العدة بدون عقد جديد. وعند انتهاء العدة سواء كانت من الطلقة الأولى أو الثانية، فلا يمكن إعادتها إلا بالشروط المذكورة. ويُطلق على الطلاق في حال الرجعة خلال العدة “طلاقاً رجعياً”. أما إذا انقضت العدة ولم يُرجعها، فإنه يسمى “بائناً بينونةً صغرى”. وإذا كانت الطلقة الأخيرة هي الثالثة، وانتهت العدة، فإنها تحرم عليه حتى تتزوج زوجاً جديداً يدخل بها دخولًا شرعيًا.