أدعية لتيسير الولادة
يعتبر القرآن الكريم مصدراً للشفاء والعلاج والوقاية، كما أشار سبحانه وتعالى في قوله: “وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ” (الإسراء/82). وبعض الآيات في القرآن تحمل خصائص علاجية خاصة، كما ذكر السيوطي في كتابه “الإتقان”: “أن معظم ما يُذكر في هذا السياق مستند إلى تجارب السابقين”. وقد أورد البيهقي في “الدعوات” عن ابن عباس – رضي الله عنه – عدة آيات تُسهّل الولادة لدى النساء، كما روى الإمام أحمد عن أبي كعب – رَفَعَه – أن الآية 54 “إن ربكم الله” من سورة الأعراف تعد من الآيات التي يُستعان بها لمن تعسر عليها الولادة.
كما أشار ابن القيم إلى أن الآيات الأولى من سورة الانشقاق تُسهّل الولادة إذا كُتبت ومُحيّت بماء يُشربه الحمل وترشّ به، ويمكن للحامل أيضًا قراءة سورة الانشقاق وآية “إن ربكم الله” وغيرها من الآيات طلباً للشفاء والتيسير. (1)
يمكن للمرأة الدعاء بما تراه مناسبًا قبل أو أثناء أو بعد الولادة، إذ لا توجد أدعية مخصوصة لهذه الحالة. ولا يوجد دليل قطعي يثبت أن لحظة الولادة تعتبر ساعة استجابة، باستثناء حالة تعسر الولادة، حيث يكون الاضطرار قائمًا، والدعاء في هذه الحالة مُستجاب لما قاله سبحانه: “أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ” (النمل/62).
من الأمور التي وردت عن السلف التي تُيسر الولادة ما قاله ابن القيم في كتاب الطب: “قال الخلال: حدثني عبد الله بن أحمد أنه رأى أبا حنبل يكتب للمرأة التي تعسر عليها ولادتها في إناء نظيف، كحديث ابن عباس – رضي الله عنه – الذي يقول: “لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين”. كما ذكر أن عيسى – عليه السلام – عندما مر على بقرة تعسّر ولادتها، دعا لها، فخلصها الله، وأوصى بأن يُكتب مثل ذلك لمن تعسر عليها ولادتها.
ورخّص بعض الأئمة في كتابة آيات من القرآن وشربها، حيث يعتبر ذلك جزءًا من الشفاء الذي أنزله الله. كما ذكر ابن القيم أنه يمكن كتابة بعض الآيات مثل: “إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ” (الانشقاق/1) أو غيرها، لتشربها الحامل وترشّها على بطنها.
على الرغم من عدم توفر أدلة خاصة تعتمد على أحاديث تخص الولادة، فإن الدعاء بشكل عام مُستجاب، كما حدث مع زكريا عليه السلام، حيث استجاب الله لدعائه ووهبه يحيى في كبره، كما جاء في كتابه: “وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ” (الأنبياء/89). (2)
لحظات استجابة الدعاء
يوجد بعض اللحظات التي يُستجاب فيها دعاء العبد إن شاء الله، منها: (3)
- الدعاء خلال السجود، فقد ورد في حديث مسلم أن رسول الله – صلى الله عليه وسلّم – قال: “أما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم”.
- الدعاء في ساعة الاستجابة يوم الجمعة، حيث ورد في الصحيحن أن رسول الله قال:” فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه”.
- الدعاء في الثلث الأخير من الليل، حيث ينزل الله – تبارك وتعالى – إلى السماء الدنيا في تلك الساعة ويطلب من الدعاة أن يسألوا، حتى يُصبح الصباح.
شروط استجابة الدعاء
توجد بعض الشروط التي لا بد من توفرها في الدعاء ليستجيب الله تعالى للعبد، منها: (4)
- التوجه لله وحده بالدعاء بأسمائه الحسنى وصفاته العلى بصدق وإخلاص. كما جاء في القرآن: “ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ” (غافر/60).
- عدم الدعاء بما فيه إثم أو يكون قطيعة رحم. فقد رُوي عن أبي هريرة أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال: “يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم”.
- الدعاء بقلب حاضر ومتيقن بالإجابة، كما أشار إليه الرسول – صلى الله عليه وسلم -: “ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة”.
قواعد الدعاء
هناك قواعد يجب اتباعها في الدعاء، وتشمل: (5)
- الإخلاص في الدعاء، وأن يتم تصفية النية لله وحده دون رياء أو سمعة.
- استمرارية الدعاء، وهو شرط أساسي في جميع العبادات، كما أشار القرآن.
- الثقة المطلقة بالله وقدرته على استجابة الدعاء في أي وقت.
- حضور القلب والخشوع في الدعاء، مع الاعتراف برغبات الله ومهابته.