التشبيه
بشكل عام، يُعرَّف التشبيه في اللغة على أنه مصدر الفعل شَبه، وهو إقامة مقاربة بين شيئين أو شخصين. أما من الناحية الاصطلاحية، فإنه يتمثل في اشتراك شيئين أو شخصين في صفة واحدة تجعل منهما أقرب إلى بعضهما البعض، حيث يكون الأول متفوقاً على الثاني في هذه الصفة. تُستخدم أدوات التشبيه بهذا المعنى لأغراض جمالية، توضيحية، أو لتقريب التصور للسامع. ومن الجدير بالذكر أيضاً، أنه ليس شرطاً أن ينتمي العنصران المشبَّه والمشبَّه به إلى نفس الجنس أو الفصيلة؛ فقد يتم تشبيه الرجل بالأسد، حيث إن الإنسان والحيوان يتعاملان من منظور مختلف. وعندما يُشبَّه الفتاة بالقمر، فنرى أن الفتاة كائن حي بينما القمر هو عبارة عن جسم صامت.
أدوات التشبيه
تُعتبر أدوات التشبيه الوسيلة الأساسية التي تربط بين المشبَّه والمشبَّه به، حيث لا يُمكن تحقيق التشبيه إلا بواسطة هذه الأدوات، والتي يمكن حذفها في بعض الحالات. يُعتبر حذف الأداة أكثر بلاغة من الإبقاء عليها في بعض الأحيان. وتنقسم هذه الأدوات إلى ثلاثة أنواع:
- أدوات أسماء: مثل (شبه، مثل، شبيه، مثيل)، مثلما يُقال: “المرأة مثل الوردة”.
- أدوات حروف: مثل حرف الكاف (ك) و(كأن)، كما في: “محمدٌ كالغيث”، حيث تبرز الأداة نوع الكرم، وفي حال استخدام أداة التشبيه كأن ينبغي تقديمها في بداية الجملة مثل: “كأنّ زيدٌ أسدٌ”.
- أدوات أفعال: مثل (يُشبه، يُماثِل، يشابه، يحسب)، كما في: “صوتها يُماثل النغمة”، للدلالة على جمال صوتها.
أداة التشبيه الكاف
تعد أداة التشبيه الكاف من أكثر الأدوات المستخدمة في لغتنا. ومن المفترض أن تظهر بعدها المشبَّه به، كما في قوله سبحانه وتعالى: (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ). ومع ذلك، يمكن أن تتجاوز ظهور المشبَّه به، كما في قوله: “وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ”. هنا لا يتناول المشبَّه به الماء، وإنما “نزول الماء” يشكل وحدة شبه، ويعتبر في هذه الحالة تركيباً مستقلاً.
“حاتم كالأسد في شجاعته”. |
“عندما يتساقط الثلج تصبح الأرض كالعروس”. |
“أنا كالماءَ إِنْ رَضيتُ صفاءً”. |
“أحمد سريع كالفهد”. |
أداة التشبيه كأنّ
تُعد أداة كأنّ واحدة من الأدوات الأكثر شيوعًا في التشبيه، وغالبًا ما تُستخدم قبل المشبَّه به، كما يظهر في قوله تعالى: (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ). وللتشبيه باستخدام كأن خصائص متعددة، منها:
- تُظهر المبالغة والتأكيد.
- تركز اهتمام الجملة عند استخدامها على المشبَّه.
- يمكن أن يكون المشبَّه به غير محقق الوقوع أو مستحيلاً، كما في قوله: (يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ).
“كانوا مندهشين كأنّ على رؤوسهم الطير”. |
“كأنّك نجم في تفوّقك”. |
“كأنّ مثار النقع فوق رؤوسنا”. |
“فَكأَنَّ لذَّةَ صَوْتِهِ وَدَبيبَها … سِنَةٌ تَمَشَّى فِي مَفَاصِل نُعَّس”. |
أنواع التشبيه
هناك العديد من أنواع التشبيه في العربية، حيث تختلف الاستخدامات وفقاً لكل نوع، مما يظهر بلاغة العربية وشموليتها. ومن الأنواع الأساسية للتشبيه:
- التشبيه المُرسَل: حيث تُذكر فيه أداة التشبيه.
- التشبيه المُؤكّد: حيث تُحذف الأداة.
- التشبيه المُجمَل: حيث يُحذف وجه الشبه.
- التشبيه المُفصّل: حيث يُذكر فيه وجه الشبه.
- التشبيه البليغ: حيث تُحذف الأداة ووجه الشبه.
- التشبيه المُفرَد: حيث يُشبه المُفرد بالمفرد.
لمعرفة المزيد عن أنواع التشبيه بتفصيل، يُرجى قراءة المقال التالي: أنواع التشبيه.
أركان التشبيه
التشبيه يحتوي على أربعة أركان أساسية، وهي:
- المشبَّه: وهو العنصر الذي يرغب المتحدث في تشبيهه بشيء ما.
- المشبَّه به: وهو العنصر الذي يتم تشبيه العنصر الآخر به.
- أداة التشبيه: الكلمة أو الحرف الذي يستخدمه المتحدث لتشبيه المشبَّه بالمشبَّه به، مما يربط بينهما بعد أن يكونا متباعدين في الجملة، ويمكن ذكرها أو حذفها بناءً على نوع التشبيه المستخدم.
- وجه الشبه: الصفة المشتركة التي تجمع بين المشبَّه والمشبَّه به، ويكون هذا العامل أقوى في المشبَّه به مقارنة بالمشبَّه، وقد يُحذف أو يُذكر بحسب نوع التشبيه.
أمثلة على التشبيه في القرآن الكريم
التشبيه يُعَد من أكثر الأساليب البلاغية استخدامًا في القرآن الكريم، نظرًا لما يحتويه من إيحاءات وقدرة تصويرية مذهلة تُحيي في روح القارئ الصور بتفاصيلها. ومن الأمثلة المتنوعة على التشبيه في القرآن:
- قال تعالى: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا).
- قال تعالى: (وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ).
- قال تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
- قال تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ).
بلاغة فنّ التشبيه
تكمن بلاغة فنّ التشبيه في القدرة على صياغة ألفاظ تربط بين شيئين مختلفين تمامًا وفق علاقة التشبيه، مما يعكس موهبة الأدباء والشعراء. إنه فن يتطلب حساسية وأفكار مبتكرة تدهش المتلقي وتفتح له آفاقًا جديدة في التفكير. يتفاوت مستوى البلاغة في التشبيه حسب نوعه وأركانه، على سبيل المثال، يعتبر التشبيه المكتمل الأركان أقل بلاغة مقارنة بأنواع أخرى حيث تكون الأهداف أكثر وضوحًا مع الحفاظ على الإيجاز. وعليه، تختلف درجات البلاغة وجماليتها في التشبيه كما هو الحال مع جميع الفنون الأدبية.
تدريبات على أدوات التشبيه
كانت (……………….) في أدبها. |
أبي (……………….) في أخلاقه. |
هو (……………….) في كرمه. |
كان أحمد طالبًا متميزًا (……………….). |
“كأنّك شمسٌ والنجوم كواكبُ” | (……………….) |
الناس كأسنان المشط. | (……………….) |
قلب الشخص الظالم مثل الصخرة. | (……………….) |
كلامه يشبه البحر. | (……………….) |