أروع قصائد الرثاء التي تعبر عن فقدان الأب

أبي

أبي
أبي
  • يقول الشاعر نزار قباني في رثاء والده:

أماتَ أبوكَ؟

ضلالٌ، فوالدي لا يموت

ففي المنزل منه

تنتشر روائح الإله وذكريات النبي

ها هنا ركنه.. تلك أشياؤه

تنبت منها ألف غصنٍ صبي

جريدته، تبغُه، مُتَّكَاهُ

كأنَّ والدي – بعد – لم يرحل

وصحن الرماد وفنجانه

ما زالا على حالهما، لم يُشرَبِ

ونظارتاه، هل يُنسى الزجاجُ

بعيونٍ أشفَّ من غروب الشمس؟

بقاياه في الغرف الفسيحة

تتواجد كالنسر في الملعب

أجوب الزوايا عليه، فأينما

مررت، أجد نفسي في حديقةٍ

أشد يديه، أميل عليه

وأصلي على صدره المتعب

أبي، لم يزل بيننا والحديث

حديث الكؤوس على المَشرَبِ

يحادثنا، فالدوالي الحُبلى

تنجب من ثغره الطيب

أبي كان خبراً من جنّة

ومعنى من الأرحب الأرحب

وعيناي أبي.. ملجأٌ للنجوم

فهل يذكر الشرق عيني أبي؟

بذاكرة الصيف، من والدي

كرومٌ وذاكرةِ الكوكب

أبي يا أبي.. إن تاريخاً طيباً

يمضي وراءك، فلا تعتبِ

على اسمك نمضي، فمن طيبٍ

شهيِّ المجاني إلى أطيب

حَمَلتُكَ في صحو عيني حتى

تخابر الناس أنني أبي

أحملك حتى بنبرة صوتي

فكيف رحلت، ولا زلتَ فيّ؟

إذا كانت فُلّةُ الدار أعطت لدينا

ففي البيت ألف فمٍ مُذهَبِ

فتحنا لتموز أبوابنا

ففي الصيف، لا بد أن يأتي أبي

سألوني لمَ لم أرثِ أبي

سألوني لمَ لم أرثِ أبي
سألوني لمَ لم أرثِ أبي
  • الشاعر المصري أحمد شوقي يعبّر عن حزنه تجاه والده في قصيدة:

سأَلوني: لمَ لم أَرثِ أبي؟

ورِثاء الأب دينٌ عظيم

أيها اللوم، ما أظلمكم

أين لي العقل الذي يسعد أين؟

يا أبي، ما أنتَ في ذاك بالأول

كل نفسٍ للمنايا فرضٌ عَين

هلكت قبلك ناس وقرى

وندب الناعون خير الثقلين

غاية المرء وإن طال المدى

آخذٌ يأخذه بالأصغرين

وطبيبٌ يتولى عاجزاً

نافضاً عن طبّه خفي حنين

إن للموت يداً إن ضَرَبَت

توشكت تصدع شملَ الفَرقَدَين

تنفذ الجو على عقبانه

وتلاقي الليث بين الجبلين

وتحط الفرخ من أيكته

وتنال الببغاء في المئتين

أنا من مات ومن مات أنا

لقي الموت كلانا مرتين

كنا مهجةً في بدنٍ

ثم صرنا مهجةً في بدنَين

ثم عدنا مهجةً في بدنٍ

ثم نُلقى جثةً في كفنَين

ثم نحيا في عليٍ بعدنا

وبه نُبعَثُ كما البَعثتين

انظر الكونَ وقل في وصفه

قل: هما الرحمةُ في مَرحمتين

فقدا الجنةَ في إيجادنا

ونعمنا منهما في جنتين

وهما العذرُ إذا ما أُغضِبَا

وهما الصفحُ لنا مُسترضَيَين

ليت شعري أي حيٍ لم يدن

بالذي دَانا به مُبتدئَين؟

ما أبي إلا أخٌ فارقتُه

وأمات الرُسلَ إلا الوالدين

طالما قمنا إلى مائدةٍ

كانت الكسرة فيها كسرتين

وشربنا من إناءٍ واحدٍ

وغسلنا بعد ذا فيه اليدين

وتمشّينا يدي في يدِه

من رآنا قال عنّا: أخوين

نظر الدهر إلينا نظرةً

سَوَّت الشرَّ فكانت نظرتين

يا أبي والموتُ كأسٌ مرةٌ

لا تذوقُ النفس منها مرتين

كيف كانت ساعة قضيتها

كل شيءٍ قبلها أَو بعدٌ هَين؟

أشربتَ الموت فيها جرعةً

أم شربتَ الموتَ فيها جرعتين؟

لا تخف بعدكَ حزناً أو بكاءً

جمَدت منّي ومنك اليوم عين

أنت قد علمتني تركَ الأسى

كل زينٍ منتهاه الموتُ شين

ليت شعري: هل لنا أن نتلقى

مرةً أم ذا افتراقُ المَلَوين؟

وإذا متُّ وأُودعتُ الثرى

أَنلقَى حُفرةً أم حُفرتين؟

ما كنت أحسب بعد موتك يا أبي

ما كنت أحسب بعد موتك يا أبي
ما كنت أحسب بعد موتك يا أبي
  • الشاعر أبو القاسم الشابي يعبّر عن مشاعره تجاه والده:

ما كنتُ أحسب بعد موتكَ يا أبي

ومشاعري عمياء بأحزانِ

أني سأظمأُ للحياة وأحتسي

من نهرها المتوهِّجِ النشوانِ

وأعودُ للدنيا بقلبٍ خَافقٍ

للحب والأفراح والألحان

ولكل ما في الكون من صُور المنى

وغرائب الأهُواء والأشجان

حتى تحرّكت السّنون وأقبلت

فتنُ الحياة بسحرها الفنان

فإذا أنا ما زلتُ طفلاً مُولعاً

بتعقب الأضواء والألوان

وإذا التشاؤم بالحياة ورفضها

ضربٌ من البهتان والهذيان

إن ابن آدم في قرارة نفسه

عبد الحياة الصادق الإيمان

كيف أنساك يا أبي

كيف أنساك يا أبي
كيف أنساك يا أبي
  • قصيدة عبدالله الفيصل في رثاء والده:

أي ذكرى تعود لي بعد عامٍ

لم تزل فيه نازفاتٍ جراحي

أي شهرٍ ربيعُ عمري ولّى

فيه وارتاح في ضلوعي التيّاح

أي خطبٍ مروعٍ كنت أخشى

هُ فأبلى عزمي وفلّ سلاحي

أي يتمٍ أذلّ كبر أنيني

وأراني دجن المسا في صباحي

أي يومٍ ودعت فيه حبيبي

ثم أسلمتُ مهجتي للنواح

إنه يوم ميتتي قبل موتي

واختلاج الضياء في مصباحي

إنه يوم من تمنيتُ لو ظلّ

قريباً من هينمات صُداحي

إنه يوم فيصلٍ خرّ فيه الـ

ـطود لله ساجداً غير صاح

يوم من كان للوجود وجوداً

عامراً بالتقى وكل الصلاح

ليتني كنتُ فديةً للذي ما

تَ فماتت من بعده أفراحي

“فيصلي” يا مهنداً ما أحبّت الـ

ـغمد يوماً ولا ارتوي من طماح

يا حساماً في قبضة الحق والإيمان

سلت شباهُ أعظمُ راح

راح “عبد العزيز” ملحمةُ العز

وأسطورة العُلى والكفاح

كيف أرثيك يا أبي بالقوافي

وقوافيّ قاصراتُ الجناح

كيف أبكيك والخلودُ التقى فيـ

ـك شهيداً مجسّماً للفلاح

كيف تعلو ابتسامةُ الصفو ثغري

كيف تحلو الحياةُ للمُلتاح

كيف لا أحسب الوجود جحيماً

يحتويني في جيئتي ورواحي

كيف أقوى على احتباس دموعي

وأنا لا أخاف فيك اللاحي

كيف أنساك يا أبي .. كيف يمحو

من خيالي خيالك الحلو ماح

ليس لي والذهول أمسى نديمي

والأسى رغم وأده فضاحي

غير ربي أرجوه مدّيَ بالصبر

ولقياكَ في الجنان الفساح

Scroll to Top