أروع قصائد الشاعر أبي العلاء المعري

مديح للمفضل تكسوني

مديح للمفضل تكسوني
مديح للمفضل تكسوني

يا للمفضل تكسوني مدائحه

لقد خلعتُ ثوب الأنق المميز

وما زدتُ اندهاشًا وأثواب الطفولة جديدة

فكيف أكون فخورًا بثوب من صبا يزول

لله درك من مهر جرى وجرتْ

عتيق المذاق فخابت صفقة الأحرار

إنّا بعثناك تبتغي القول من كثب

فجئتَ بالنجم مصفودًا من الأفق

وقد تفرستُ فيك الفهم الملتهب

من كل وجه كجمر الفروسية في السذق

أيقنت أن حبال الشمس تبلغني

لما بصُرت بخيط المشرق المتلألئ

هذا قريض عن الملوك محتجب

فلا تضعفه بإكثار في السوق

كأنه الروض يظهر منظرًا عجبًا

وإن تضاءل وهو مبذول على الطرق

وكم رياض بحزن لا يزور بها

ليث الشرى وهي مرعى الشادن الأخرق

فاطلب مفاتيح باب الرزق من ملك

أعطاك مفتاح باب السؤدد الغارق

لفظ كأن معاني السكر تسكنه

فمن تحفظ بيتًا منه لم يفق

صباحتي منه كاسات غنيت بها

حتى المنية عن قيل ومغتبق

جزل يشجع من وافى بأذنه

فهو الدواء لداء الجبن والقلق

إذا ترنّم شاد لليراع به

لاقى المنايا بلا خوف أو فرق

وإن تمثل صدًى للصخور به

جادت عليه بعذب غير ذي رنق

فرتب النظم ترتيب الحلى على

شخص الجلي بلا طيش أو خرق

الحجل للرجل والتاج المنيف لما

فوق الحِجاج وعقد اللؤلؤ للعُنُق

وانهض إلى أرض قوم صوب جوّهم

ذوب اللجين مكان الوابل الغدق

يغدو إلى الشول راعيهم ومحلَبه

قعب من التبر أو عُسّ من الورق

ودع أناسًا إذا أجادوا على رجل

رنو إليه بعين المغضب الحانق

كأنما القُرّ منهم فهو مستلب

ما الصيف كاسيه أشجاراً من الورق

لا ترضَ حتى ترى يسراك واطية

على رِكابٍ من الإرهبت كالشفق

أمامك الخيل مسحوبة أجنحتها

من فاخر الوشَى أو من ناعم السرَق

كأنما الآل يجري في مراكبها

وسط النهار وإن أسرجت في الغسق

كأنها في نضار ذائبة سبحت

واستمقذت بعد أن أشرفت على الغرق

ثقلية النهض مما حلّيت ذهبًا

فليس تملك غير المشي والعنق

تسمو بما قلّدتهُ من أعِنّتها

منيفة كصوادي يثرِب السحق

وخلّة الضرب لا تبقي له خِللاً

وحلّة الحرب ذات السرد والحلق

لا تنس لي نَفَحاتي وانسَ لي زَلَلي

ولا يضرك خلقي واتبع خلقي

فرُبما ضَرّ خِلٌ نافِعٌ أبدًا

كالرّيق يحدث منه عارض الشّرق

وعطفة من صديق لا يدوم بها

كعطفة الليل بين الصبح والفلق

فإن توافق في معنىً بنو زمنٍ

فإن جلّ المعاني غير متفق

قد يبعد الشيء من شيء يشابهه

إن السماء نظير الماء في الزرَق

يا راعي الود الذي أفعاله

يا راعي الود الذي أفعاله
يا راعي الود الذي أفعاله

يا راعي الوّد الذي أفعاله

تُغني بظاهر أمرها عن نعتِها

لو كنت حيًا ما قَطعتُك فاعتذر

عني إليكَ لخُلّة بأمتّها

فالأرض تعلم أنني متصرفٌ

من فوقها وكأني من تحتها

غدرت بي الدنيا وكل مصاحبٍ

صاحبته غدر الشمال بأختها

شغفت بوامقها الحريص وأظهرت

مقتي لما أظهَرْتُهُ من مَقتِها

لا بد للحسناء من ذامٍ ولا

ذامٌ لنفسي غير سيئ بختها

ولقد شرِكتكَ في أساكَ مشاركًا

وحَلّلتُ في وادي الهموم وخبتها

وكرهتُ من بعد الثلاث تجشمي

طرق العزاء على تغير سمتها

وعليّ أن أقضي صلاتي بعدما

فاتت إذا لم آتِها في وقتها

إن الصروف كما علمتَ صوامتٌ

عنا وكل عبارة في صمتها

متفقهٌ للدهر إن تَستفتِهِ

نفس امرئ عن جرمِه لا تُفْتِه

وتكون كالأوراق الذنوب على الفتى

ومصابُه ريح تهب لحتّها

جازاكَ ربكَ بالجنان فهذه

دارٌ وإن حسنت تغرّ بسُحتها

ضلّ الذي قال البلاد قديمةٌ

بالطبع كانت والأنام كنبتِها

وأمامنا يومٌ تقوم هجوده

من بعد إبلاءِ العظام ورفْتِها

لا بد للزمن المسيء بنا إذا

قويت حبال أخوةٍ من بتّها

فالله يرحم من مضى متفضلًا

ويقيك من جزل الخطوب وشختها

ويطيل عمرك للصديق فطوله

سببٌ إلى غيظ الأعداء وكبتها

الأمر أيسر مما أنت مضمره

الأمر أيسر مما أنت مضمره
الأمر أيسر مما أنت مضمره

الأمرُ أيسر مما أنت مضمرهُ

فاطرح أذاك ويسر كل ما صعبا

ولا يسرك إن بلّغته أملٌ

ولا يهمك غربٌ إذا نعبا

إن جدّ عالمك الأرضي في نبأٍ

يغشاهُم فتصوّر جدهم لعبًا

ما الرأي عندك في ملكٍ تدين لهُ

مصرٌ أيختار دون الراحة التعبا

لن تستقيم أمور الناس في عصر

ولا استقامت فذا أمنًا وذا رعبا

ولا يقوم على حقٍ بنو زمنٍ

من عهد آدم كانوا في الهوى شعبًا

Scroll to Top