أروع قصائد الشاعر المتنبي

تعريف بالشاعر المتنبي

تعريف بالشاعر المتنبي
تعريف بالشاعر المتنبي

أبو الطيب أحمد بن الحسين الكوفي، المعروف بالمتنبي، يُعَد واحدًا من أعظم شعراء العالم العربي، وأبرزهم في إتقان اللغة العربية وفهم قواعدها ومفرداتها. وصفه ابن رشيق بأنه “مالئ الدنيا وشاغل الناس”؛ ولا زالت أشعاره تُعتبر مصدر إلهام للعديد من الشعراء والأدباء في العصر الحديث. ترك المتنبي وراءه إرثاً شعرياً غنياً يضم 326 قصيدة، تمثل سجلًا تاريخيًا ثريًا للقرن الرابع الهجري، بالإضافة إلى أنها تعكس جوانب من سيرته الذاتية.

واحَرّ قلباه ممن قلبه شبم

واحَرّ قلباه ممن قلبه شبم
واحَرّ قلباه ممن قلبه شبم

تتجلى في الأبيات التالية عظمة شعر المتنبي وجماله:

واحَرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِم،

ومَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ.

مالي أُكَتِّمُ حُبّاً قَد بَرى جَسَدي،

وَتَدَّعي حُبَّ سَيفِ الدَولَةِ الأُمَمُ.

إِن كانَ يَجمَعُنا حُبٌّ لِغُرَّتِهِ،

فَلَيتَ أَنّا بِقَدرِ الحُبِّ نَقتَسِمُ.

قَد زُرتُهُ وَسُيوفُ الهندِ مُغمَدَة،

وَقَد نَظَرتُ إِلَيهِ وَالسُيوفُ دَمُ.

فَكانَ أَحسَنَ خَلقِ اللَهِ كُلِّهِمِ،

وَكانَ أَحسَنَ مافي الأَحسَنِ الشِيَمُ.

فَوتُ العَدُوِّ الَّذي يَمَّمتَهُ ظَفَرٌ،

في طَيِّهِ أَسَفٌ في طَيِّهِ نِعَمُ.

قَد نابَ عَنكَ شَديدُ الخَوفِ وَاِصطَنَعَت،

لَكَ المَهابَةُ مالا تَصنَعُ البُهَمُ.

أَلزَمتَ نَفسَكَ شَيئاً لَيسَ يَلزَمُها،

أَن لا يُوارِيَهُم أَرضٌ وَلا عَلَمُ.

أَكُلَّما رُمتَ جَيشاً فَاِنثَنى هَرَباً،

تَصَرَّفَت بِكَ في آثارِهِ الهِمَمُ.

عَلَيكَ هَزمُهُمُ في كُلِّ مُعتَرَكٍ،

وَما عَلَيكَ بِهِم عارٌ إِذا اِنهَزَموا.

أَما تَرى ظَفَراً حُلواً سِوى ظَفَرٍ،

تَصافَحَت فيهِ بيضُ الهِندِ وَاللِمَمُ.

يا أَعدَلَ الناسِ إِلّا في مُعامَلَتي،

فيكَ الخِصامُ وَأَنتَ الخَصمُ وَالحَكَمُ.

أُعيذُها نَظَراتٍ مِنكَ صادِقَةً،

أَن تَحسَبَ الشَحمَ فيمَن شَحمُهُ وَرَمُ.

وَما اِنتِفاعُ أَخي الدُنيا بِناظِرِهِ،

إِذا اِستَوَت عِندَهُ الأَنوارُ وَالظُلَمُ.

أَنا الَّذي نَظَرَ الأَعمى إِلى أَدَبي،

وَأَسمَعَت كَلِماتي مَن بِهِ صَمَمُ.

أَنامُ مِلءَ جُفوني عَن شَوارِدِها،

وَيسهَرُ الخَلقُ جَرّاها وَيَختَصِمُ.

وَجاهِلٍ مَدَّهُ في جَهلِهِ ضَحِكي،

حَتّى أَتَتهُ يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ.

إِذا نَظَرتَ نُيوبَ اللَيثِ بارِزَةً،

فَلا تَظُنَّنَّ أَنَّ اللَيثَ مُبتَسِمُ.

مَن يَعِزُّ عَلَينا أَن نُفارِقَهُم،

وِجدانُنا كُلَّ شَيءٍ بَعدَكُم عَدَمُ.

ما كانَ أَخلَقَنا مِنكُم بِتَكرُمَةٍ،

لَو أَنَّ أَمرَكُمُ مِن أَمرِنا أَمَمُ.

إِن كانَ سَرَّكُمُ ما قالَ حاسِدُنا،

فَما لِجُرحٍ إِذا أَرضاكُمُ أَلَمُ.

مَلُومُكُمَا يَجِلُّ عن المَلامِ

مَلُومُكُمَا يَجِلُّ عن المَلامِ
مَلُومُكُمَا يَجِلُّ عن المَلامِ

وهذه مقتطفات أخرى من مؤلفات المتنبي الرائعة:

مَلُومُكُمَا يَجِلُّ عن المَلامِ،

وَوَقْعُ فَعَالِهِ فَوْقَ الكَلامِ.

ذَرَاني والفَلاةَ بلا دَلِيلٍ،

وَوَجْهِي والهَجِيرَ بلا لِثَامِ.

فإِنِّي أَسْتَرِيحُ بِذِي وهَذَا،

وَأَتْعَبُ بَالإِنَاخَةِ والمُقَامِ.

عُيُونُ رَوَاحِلِي إِن حِرْتُ عَيْني،

وَكُلُّ بُغَامِ رَازِحَةٍ بُغَامِي.

فَقَدْ أَرِدُ المِيَاهَ بِغَيْرِ هَادٍ،

سِوَى عَدِّي لَهَا بَرْقَ الغَمَامِ.

يُذِمُّ لِمُهْجَتي رَبِّي وَسَيْفِي،

إذَا احْتَاجَ الوَحِيدُ إِلَى الذِّمَامِ.

ولا أُمْسِي لأَهْلِ البُخْلِ ضَيْفًا،

وَلَيْسَ قِرًى سِوَى مُخِّ النَّعَامِ.

وَلَمَّا صَارَ وُدُّ النَّاسِ خِبًّا،

جَزَيْتُ عَلَى ابْتِسَامٍ بِابْتِسَامِ،

وَصِرْتُ أَشُكُّ فِيمَنْ أَصْطَفِيهِ،

لِعِلْمِي أَنَّهُ بَعْضُ الأَنَامِ.

أرق على أرق

أرق على أرق
أرق على أرق

أَرَقٌ عَلى أَرَقٍ وَمِثلِيَ يَأرَقُ.

وَجَوىً يَزيدُ وَعَبرَةٌ تَتَرَقرَقُ.

جُهدُ الصَبابَةِ أَن تَكونَ كَما أَرى،

عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وَقَلبٌ يَخفِقُ.

ما لاحَ بَرقٌ أَو تَرَنَّمَ طائِرٌ،

إلّا اِنثَنَيتُ وَلي فُؤادٌ شَيِّقُ.

جَرَّبتُ مِن نارِ الهَوى ما تَنطَفي،

نارُ الغَضى وَتَكِلُّ عَمّا تُحرِقُ.

وَعَذَلتُ أَهلَ العِشقِ حَتّى ذُقتُهُ،

فَعَجِبتُ كَيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ.

وَعَذَرتُهُم وَعَرَفتُ ذَنبِيَ أَنَّني،

عَيَّرتُهُم فَلَقيتُ فيهِ ما لَقوا.

أَبَني أَبينا نَحنُ أَهلُ مَنازِلٍ،

أَبَداً غُرابُ البَينِ فيها يَنعَقُ.

نَبكي عَلى الدُنيا وَما مِن مَعشَرٍ،

جَمَعَتهُمُ الدُنيا فَلَم يَتَفَرَّقوا.

أَينَ الأَكاسِرَةُ الجَبابِرَةُ الأُلى،

كَنَزوا الكُنوزَ فَما بَقينَ وَلا بَقوا.

مِن كُلِّ مَن ضاقَ الفَضاءُ بِجَيشِهِ،

حَتّى ثَوى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيِّقُ.

خُرسٌ إِذا نودوا كَأَن لَم يَعلَموا،

أَنَّ الكَلامَ لَهُم حَلالٌ مُطلَقُ.

وَالمَوتُ آتٍ وَالنُفوسُ نَفائِسٌ،

وَالمُستَغِرُّ بِما لَدَيهِ الأَحمقُ.

وَالمَرءُ يَأمُلُ وَالحَياةُ شَهِيَّةٌ،

وَالشَيبُ أَوقَرُ وَالشَبيبَةُ أَنزَقُ.

وَلَقَد بَكَيتُ عَلى الشَبابِ وَلِمَّتي،

مُسوَدَّةٌ وَلِماءِ وَجهِيَ رَونَقُ.

حَذَراً عَلَيهِ قَبلَ يَومِ فِراقِهِ،

حَتّى لَكِدتُ بِماءِ جَفنِيَ أَشرَقُ.

أَمّا بَنو أَوسِ اِبنِ مَعنِ اِبنِ الرِضا،

فَأَعَزُّ مَن تُحدى إِلَيهِ الأَينُقُ.

كَبَّرتُ حَولَ دِيارِهِم لَمّا بَدَت،

مِنها الشُموسُ وَلَيسَ فيها المَشرِقُ.

وَعَجِبتُ مِن أَرضٍ سَحابُ أَكُفِّهِم،

مِن فَوقِها وَصُخورُها لا تورِقُ.

وَتَفوحُ مِن طيبِ الثَناءِ رَوائِحٌ،

لَهُمُ بِكُلِّ مَكانَةٍ تُستَنشَقُ.

مِسكِيَّةُ النَفَحاتِ إِلّا أَنَّها،

وَحشِيَّةٌ بِسِواهُمُ لا تَعبَقُ.

أَمُريدَ مِثلِ مُحَمَّدٍ في عَصرِنا،

لا تَبلُنا بِطِلابِ ما لا يُلحَقُ.

لَم يَخلُقِ الرَحمَنُ مِثلَ مُحَمَّدٍ،

أَبَداً وَظَنّي أَنَّهُ لا يَخلُقُ.

يا ذا الَّذي يَهَبُ الجَزيلَ وَعِندَهُ،

أَنّي عَلَيهِ بِأَخذِهِ أَتَصَدَّقُ.

أَمطِر عَلَيَّ سَحابَ جودِكَ ثَرَّةً،

وَانظُر إِلَيَّ بِرَحمَةٍ لا أَغرَقُ.

كَذَبَ اِبنُ فاعِلَةٍ يَقولُ بِجَهلِهِ،

ماتَ الكِرامُ وَأَنتَ حَيٌّ تُرزَقُ.

وهذا غيض من فيض من روائع أشعار أبو الطيب المتنبي.

Scroll to Top