شعر عن التفاؤل
- يكتب محمد مهدي الجواهري:
إذا أُغلق عليك يومٌ،
فانتظر فتحاً جديداً،
كما تنزوي الوردةُ
بعد انشراحٍ وبهاء،
فستُحييها نسمات الصباح
وعبير الصباحات الفائتة.
قصيدة الأمل لمحمود درويش
ما زالت في صحونكم بقايا من العسل،
احموا أعشاشكم من الذباب،
ليحفظوا العسل الثمين!
ما زالت في كرومكم كميات من العنب،
احموا ثمار الكروم،
لندع العنب ينضج بسلام..
ما زال في منازلكم حصير وباب،
سدوا طريق الرياح عن صغاركم،
لينام الأطفال في أمان،
فالريح شديدة البرودة.. فلتغلقوا الأبواب!
ما زال في قلوبكم دماء،
لا تسفحوها أيها الآباء،
ففي أحشائكم جنينٌ يتوق للحياة..
ما زال في موقدكم وقود
وقهوة، وحزمة من اللهب..
قصيدة التفاؤل لأحمد مطر
دق بابي كائن يحمل أغلال العبيد،
في فمه عدوى وفي كفه حزن،
وفي عينيه وعيد.
كان رأسه بين قدميه، ورجلاه متلطختان بالدماء،
ذراعاه يمتلئان بالصديد.
قال: لدي لك بشرى.
قلت: خيرٌ؟!
قال: سجل،
حزنك الماضي سيتحول إلى مجرد ذكرى.
سوف يُستبدل بالقهر الفائق!
إذا كنت تسكن في الأجر،
فلن تدفع بعد اليوم شيئاً.
سيوفرون لك بيتاً يضم القضبان الحديد!
لم يعد مصيراً محتملاً أن تُقتل غدراً.
إنها حقيقة مؤكدة!
قوة الإيمان فيكم ستتزايد.
سوف تنجون من النار،
فلا يُدخل شهيد النار!
أنشودة الفرح لغادة السمان
سأغسل وجهي هذا الصباح عشرات المرات،
وسأبتسم بابتسامة مشرقة،
مثل الفجر الذي عرفتك فيه.
سأتلو آيات التفاؤل،
وأعيد أغاني الفرح
التي حفظتها عنك.
سأخلع عني ظلام الأيام وحزن الماضي،
وأرقص على أنغام كلماتك،
التي تعزف على أوتار قلبي.
ثم سأستمتع بفنجاني من القهوة،
دون الحاجة لوضع المزيد من السكر،
فطعم الأمس يغمرني بالعذوبة.
وفي زحام الطريق،
سأبحث عنك في كل الوجوه،
وكلما اشتقت إليك،
سأخرج صورتك من عمق القلب،
وأحدّق بها بشوق كبير،
ثم أضعها مرة أخرى في صدر صدري.
وإذا ما سمعت صوتك يناجي لي،
سأشعر بسعادة عظيمة حتى الاضطراب،
حتى يجنّ الدم في العروق.
وككل الفتيات، يمنعني حيائي من قول “أحبك”،
وأعزم في نفسي أن أقولها،
فاتحة لذاك اللقاء القريب.
وفي المساء، عندما يجمعنا الغروب،
في واحتنا الأسطورية،
سأركض فوق السهول والتلال المرجانية،
وسأفكّ شعري،
ليتطاير خلفي كإعلان للجنون.
وعندما يدركني التعب، سأعود إليك،
سأتمدد قرب الغدير،
فوق بساط العشب اللامع،
أستند إلى ذراعيك الدافئتين بالحنان،
كطفل صغير يعود في نهاية المطاف إلى حضن أمه.
سأستمع إلى حكايا النعناع،
واحتراق الشتاء في المواقد،
وإذا ما غلبني النعاس،
اعذرني حبيبي،
ثم لا تنس أن تدثرني بقبلة دافئة.
قصيدة الأمل القادم لعبد الرحمن العشماوي
كيف لك أن تبتعد ونور وجهك ساطع،
ويظل حبك في قلبي عائداً.
كيف يمكنك أن تبتعد وأنت في عيني كالشمس،
تلمع كبرق في خيالي.
كيف يمكن أن تبتعد وأنت بين أضلاعي،
تشرق كالقمر المنير في الظلام.
كيف يمكن أن تنأى وأنت ظلٌ لي عندما
تشتد الحرارة، فأسرع نحوك.
لقد حاصرتني في نصف دائرة الحب،
وأنا قنوع بما قدمته لي.
كيف أخرج من هذا السياج المحيط بي،
من جميع الاتجاهات، وأمرك قاطع.
أقول للجمال الموجود في حياتي
إن المسافر قادم.
يا جمال حياتي، اطمئني، لأنني
ما زلت أستعرض أحداث الحنين.
في قلبي يوجد شعور، قيل لي بأنه ألم،
وأنا أقول إنه الحريق المؤلم.
وفي عيني يوجد نهر سيتناقص قدره،
لو قلت إن هذه الدمعة في العيون.
وأمام أبواب الأحاسيس، تخرج شجرة،
وفي غصنها تثمر المحبة.
يا جمالي، الذي يسكن في دمّي،
اقبلي، فأنا أشعر بك دائماً.
لقد عاقبتني عندما كنت أشتكي، ومجرد
كنت أشتكي لأن الحق ضائع.
لأن جدران الكرامة قد دُمّرت
في أمتي، والذل موجود فيها.
ولأنني شاهدت الأفعى خطرة،
في نابها سموم قاتلة.
ولأنني رأيت ما لم تريه،
فهنالك ذئب عند بابك متربص.
أنا أقول لمن ينتقدني، أن يستيقظ،
فأنا أواجهك بشعر الحق.
انظر إلى لون السلام وطعمه،
كم فاقع لونه وطعمه.
قالوا: السلام قد أتى، لذا اتبعونا،
ووصفوا لنا، فظهر لنا الكلام الكاذب.
قلنا لهم: أين السلام؟ فأين نحن نرى،
إلا أيدي المخادعين تبايع.
شتان بين مسالم وباحث عن التجارة،
إن من يبحث عن التجارة يمس كرامته.
في يد داعية السلام زهور،
وفي يد تجار السلام أسلحة.
هل هناك سلام في الدنيا عادل،
يُدعى إليه بقنابل ومدافع؟
أخجل عند ضحكى وأنا ألهو،
وقد سقط طفل جائع على الأرض.
أخجل حين أنشغل عن الحب،
وعفاف ليلى البسنوية تسيل دموعه.
أخجل عندما أرى أمتي،
تنجذب نحو أعدائها وتودعهم.
ما زلت أدعوها، ولكن يبس فمي،
صوت المحب، ولا يستجيب الخاضع.
ما زلت أدعوها، وألف حكاية،
تروى عن الأهل الذين افترقوا.
عن إخوة كانوا على خلاف،
وتدافعوا نحو سراديب الشقاق.
يا أمة تتعالى بتأريخها،
ويمضي بها نحو الضياع.
يا أمة تذهب إلى أهوائها،
وتصم آذانها عندما يتحدث الحق.
يا أمة، ما زلت أسأل حالها،
عنك، فتجيبني الأجوبة الصادمة.
ما لي أراك تفتح أبواب الهوى،
وتقبل بمناشدة الطامعين.
توجهت غرباً، وكل الحقائق،
هي في الشرق، وفي يدك العلاج.
ما لي أراك تمدين للمال الربا،
جسراً، وفي القرآن نواهي.
هل نسيت حرب الله التي رهيبة،
أو ليس لديك العقيدة رادعاً؟
أو أنك تعتبر هدف الإسلام هو أن ترى،
لك مصانع ومعامل في الوجود؟
هل نسيت أن الناس فيك معادن،
هل نسيت أن الأرض فيك مواقع؟
لا تخدع بعض الوجوه القبيحة،
ولا تزينها للناظرين بمساحيق.
وإذا أراد الله أن ينزع الولاية،
عماها البصير وصم السامع.
يا أمتي، عوتبت فيك، لكنني،
خشى المعاتب أن يُسيء المتحدث.
قالوا: جادل بالقصائد، قلت،
بل بيقين قلبي أواجهك.
خرج الحروف عن طوق الصمت،
فلا يوجد حرف يزيف رؤيتي.
أسلمت للرحمن رأسي، فما،
تلهي القصائد أو يغيب الوازع.
إنني في شوق من أجل عقيدة،
فيها منابع الحياة.
قالوا: هل تتمرد على المستحيل؟ فقلت،
بل هو وعد من الرحمن حقيقة.
والله لو هدم العدو بيوتنا،
ورمينا خلف المحيط زوابع.
لظللت مؤمناً أن أمتي لها،
يوم من المجد ناصع.
هذه حقيقة، وليست صورة،
وهمية، فيها العقول تتنازع.
لن أمل من النداء، لعل،
صوتي يُؤتى ويكون مصنع.