أساليب الدعوة إلى الله
تعتبر الدعوة إلى الله -عز وجل- من الواجبات التي فرضها الله على عباده، حيث يلتزم المسلم بتنفيذها وفقًا لقدراته وظروفه. إنها عبادة تتسم بالأهمية، إذ تعود بالفائدة على كلاً من الداعي والمدعوين. ولا بد في الدعوة من الإخلاص لله والاقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أدائها. في هذا المقال، سنلقي الضوء على مجموعة من أساليب الدعوة المختلفة.
الدعوة بالحكمة
- شرح الأسلوب
يشير مفهوم الدعوة بالحكمة إلى أن الداعية يجب أن يكون عارفًا بما يدعو إليه، وأن يدرك احتياجات المدعوين وما يتناسب معهم من أساليب الدعوة. فمثلاً، الأساليب المستخدمة لصغار السن قد لا تناسب الكبار، كما أن ما يناسب المتعلمين قد لا يكون ملائمًا لغيرهم. يجب كذلك البدء بالأمور الأكثر أهمية ثم الانتقال إلى الأقل أهمية، وأخذ السياق الاجتماعي والثقافي بعين الاعتبار.
- الدليل
قال الله -تعالى-: (ادعُ إِلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجادِلهُم بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبيلِهِ وَهُوَ أَعلَمُ بِالمُهتَدينَ).
- الأهمية
هذا الأسلوب يُعتبر من أكثر الأساليب فعالية، إذ يُعدّ معايير لنجاح بقية الأساليب. وقد أبرز الله -سبحانه وتعالى- أهميته، نظرًا لنجاحه في مخاطبة جميع فئات المجتمع بأسلوب يتناسب مع احتياجاتهم.
- مثال على الأسلوب
من أمثلة حكمة النبي -صلى الله عليه وسلم- في تقديم الدعوة هو حواره مع الحصين، حيث قال: (قال النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- لأبي: يا حصين؛ كم تعبد اليوم إلها؟ فذكر عدد الآلهة التي كان يعبدها).
الدعوة بالموعظة الحسنة
- شرح الأسلوب
تتضمن هذه الطريقة استخدام العبر والتوجيهات والكلمات الطيبة التي تؤثر في النفوس، والترفق بالناس عند توصيل الرسالة.
- الدليل
المقطع ذاته: (ادعُ إِلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجادِلهُم بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ إنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبيلِهِ وَهُوَ أَعلَمُ بِالمُهتَدينَ).
- الأهمية
يعد هذا الأسلوب وسيلة فعالة لتنبيه الغافلين على واجباتهم، وللتوعية ضد الانحرافات والأخطاء.
- مثال على الأسلوب
ما ورد عن العرباض بن سارية، حيث قال: (وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موعظةً إن قلبت من خلالها القلوب وذرفت الأعين).
المجادلة بالتي هي أحسن
- شرح الأسلوب
هذا الأسلوب يعتمد على استخدام العقل والمنطق في إقناع المخاطبين، مع ضمان الرفق واللين في الحوار، والهدف هو الوصول إلى الحق دون استخدام الألفاظ السلبية أو السخرية.
- الدليل
كما ورد سابقًا.
- الأهمية
يساعد هذا الأسلوب على دحض حجة المخالفين من خلال الحوار العقلاني.
- مثال على الأسلوب
سيدنا إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- كان نموذجًا واضحًا لهذا الأسلوب عند مناقشته للأشخاص الذين يدعون الألوهية.
الترغيب والترهيب
- شرح الأسلوب
يتم استخدام التشويق لجذب المدعوين للاستجابة للإيمان، بالإضافة إلى التحذير من العواقب السلبية التي قد تلحق برفضهم للحق.
- الدليل
قال الله -سبحانه وتعالى-: (إِنَّ اللَّـهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ).
- الأهمية
يُعتبر هذا الأسلوب فعّالًا نظرًا لطبيعة النفس البشرية التي تميل إلى الخوف والطمع، مما يجعله من الأساليب المثمرة بإذن الله.
- مثال على الأسلوب
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعد الذين يبايعونه بالجنة إذا أوفوا بالعهد.
وسائل تبليغ الدعوة
التبليغ بالقول
- شرح الأسلوب
يشمل هذا الأسلوب استخدام الخطب والدروس والمحاضرات وغيرها من وسائل التعليم.
- الدليل
قال الله -تعالى-: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّـهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
- الأهمية
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يطبق هذا الأسلوب من خلال تحديد موعد أسبوعي على الأقل، كما في خطبة الجمعة.
التبليغ بالعمل
- شرح الأسلوب
يهدف هذا الأسلوب إلى تطبيق الأعمال التي تسهم في إزالة المنكرات وتعزيز الحق.
- الدليل
قال الله -تعالى-: (مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلسَانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضعفُ الإيمانِ).
- الأهمية
يساعد التبليغ من خلال العمل على تحويل الأفكار إلى تطبيقات عملية على أرض الواقع.
التبليغ بالقدوة الصالحة
- شرح الأسلوب
عندما يتجسد الداعية في سلوكيات تعكس ما يدعوه إليه، يؤثر الناس من حوله بشكل أعظم.
- الدليل
قال -صلى الله عليه وسلم-: (خذوا عني مناسككم).
- الأهمية
تعتبر التأثيرات الناتجة عن الأفعال والسلوك أكثر تأثيرًا من الكلمات وحدها.