تُعد أسباب بطلان شهادة الشهود من المسائل القانونية الحساسة التي تتطلب فهماً دقيقًا، إذ تلعب الشهادة دورًا حيويًا في إرساء الحقوق ورفع الظلم.
نظراً لأهمية الشهادة، فقد حُدّدت تشريعات قانونية ودينية تنظمها، مما يستدعي الوعي بالضوابط والقواعد التي تحكمها، بالإضافة إلى الأسباب التي قد تدفع القاضي إلى عدم قبولها.
أسباب بطلان شهادة الشهود
يتبادر إلى ذهن البعض أحيانًا سؤالٌ محوري: هل يمكن لأي فرد من المجتمع تقديم شهادته في القضايا المختلفة ومعاملتها بجدية، أم أن الشهادة تخضع لقوانين محددة تحكمها، ونجد هناك حالتين:
- حالات تُعدّ فيها شهادة الشهود باطلة ولا يُعتد بها.
- حالات يتم فيها مراجعة شهادة الشهود وفق شروط معينة ينظمها القانون.
تعريف الشهادة
الشهادة تمثل وسيلة أساسية تُعتمد عليها الجهات القضائية لتحقيق العدالة، فهي تُستخدم كدليل في القضايا المختلفة وتتنوع كما يلي:
تعريف الشهادة وفق فقهاء فرنسا
هي الإقرار الذي يُقدّمه الفرد استنادًا إلى معرفته الشخصية بحدث معين.
تعريف الشهادة وفق الفقهاء العرب
تُعرَّف الشهادة بأنها حضور الفرد إلى المحكمة للإدلاء بما يعرفه حول حقوق الأشخاص المهدرة والمستحقة للغير.
أهمية شهادة الشهود
قبل الخوض في أسباب بطلان شهادة الشهود، يجب أولًا إدراك أهميتها، ولماذا يتم اعتمادها من قبل القضاة في بعض الأوقات والتخلي عنها في أوقات أخرى.
- تشكل الشهادة ركيزة أساسية في إثبات الحقوق في مختلف القضايا.
- تُعدّ الشهادة أحيانًا الدليل الوحيد في القضايا الحساسة.
- تحظى الشهادة الشفهية بأهمية خاصة كأقوى دليل في الدعاوى الجنائية.
- في الدعاوى المدنية، يتم دعم الأدلة الكتابية كوسيلة ثبوت قوية للحقوق.
أنواع شهادة الشهود
بعد استعراض مفهوم الشهادة وأهميتها، نرغب في تسليط الضوء على أنواع شهادة الشهود قبل البدء في مناقشة أسباب بطلانها:
الشهادة المباشرة
تُعتبر الشهادة المباشرة دليلًا موثوقًا يعتمد عليه في التقاضي، حيث يتم الاستناد إلى معرفة الشاهد عن الأحداث عن كثب من خلال أي من حواسه مثل الرؤية أو السمع.
حتى الأفراد غير القادرين على النطق أو السمع يمكنهم الإدلاء بشهاداتهم كتابةً أو عبر مترجم.
الشهادة السماعية (غير المباشرة)
تتعلق بالشهادة التي يستند فيها الشاهد إلى ما سمعه من أشخاص آخرين، وتعتبر هذه الشهادة أقل قوة وقد تتعرض للتلاعب أو الشك في دقتها، لذا لا يُعتمد عليها كدليل قوي.
الشروط الواجب توفرها بالشهود
عند التطرق لأسباب بطلان شهادة الشهود، من الضروري معرفة الشروط الأساسية اللازمة لتحقق صحة الشهادة، وهي كالتالي:
شروط خاصة بالشهود في الإسلام
توجد شروط إسلامية يُفترض توفرها في الشهود، تشمل:
- أن يكون الشاهد مسلمًا.
- توفر العدالة كشرط أساسي للشهادة.
- أن يكون الشاهد بالغًا وعاقلًا.
- تمتع الشاهد بالقدرة على الإدراك والتعبير.
- يجب ألا يكون هناك أي تعارض في مصلحة الشاهد.
بالإضافة إلى الشروط الإساسية، يجب أن تتوافر متطلبات قانونية أخرى، مثل:
- القدرة على التعامل العقلي السليم.
- حضور الشاهد طواعية دون تأثيرات خارجية.
- التزام الشاهد بأداء اليمين القانونية.
- الحياد وعدم وجود مصلحة شخصية للشاهد.
أسباب بطلان شهادة الشهود والطعن فيها
بعد مرورنا على الشروط اللازمة لسلامة الشهادة، نجد أنه يمكن تحديد الأسباب الموضوعية التي قد تؤدي إلى بطلان الشهادة، مثل:
- عدم ارتباط الشهادة بمضمون القضية المطروحة.
- أن يكون الشاهد غير مؤهل قانونياً للإدلاء بشهادته.
- عدم أداء الشاهد ليمين الأداء كإجراء قانوني لازم.
- وإذا كان الشاهد يجسد أحد أصحاب المهن التي تفرض عليه عدم الإفصاح، مثل الأطباء والمحامين.
- في وجود مصلحة شخصية تعود على الشاهد من الشهادة.
- وجود إكراه يتعرض له الشاهد لإرغامه على الإدلاء بشهادته.
كيفية الطعن في شهادة الشهود
بعد التعرف على أسباب بطلان الشهادة، نأتي إلى كيفية الطعن فيها:
- يعد تقدير الشهادة من اختصاص القاضي الناظر في القضية.
- إذا ثبتت زيف شهادة الشهود أو عدم تحقق الشروط المطلوبة، فقد يتعرض الشاهد للمسائلة بتهمة الشهادة الزور.
- تجدر الإشارة إلى أن عقوبته قد تصل إلى الأشغال الشاقة أو السجن المؤقت.
- في حال تأثير الشهادة الزور على مجرى القضية، يجب إعادة المحاكمة.
متى يجب الامتناع عن الادلاء بالشهادة؟
حدد القانون العقوبات المتعلقة بالإجراءات الجنائية حالات معينة تسمح للشهود بالامتناع عن الإدلاء بشهاداتهم، منها:
- عند وجود احتمال أن تُدين الشهادة المتهم.
- إذا كانت الجريمة بعيدة عن الشاهد.
- وجود أدلة إثبات أخرى غير الشهادة.
- مع وجود صلة شخصية بين الشاهد والمتهم.
- وفي حالة عدم وجود أي من الحالات السابقة، فلا يُقبل الامتناع عن الإدلاء بالشهادة.