الصلاة
أوجب الله تعالى على عباده خمسة فروض من الصلاة يوميًا، وتنعكس عظمة هذه العبادة في كونها فُرضت في السماء أثناء رحلة الإسراء والمعراج. في البداية كانت خمسين صلاة، ولكن الله خفف عنا وجعل عددها خمس صلوات بأجر يعادل خمسين، وذلك ليشعر العبد بعظمة هذا الموقف الفريد، حيث يقف بين يدي ربه، متضرعًا وصاليًا، متمنيًا الصفح والعفو. إن هذه اللحظات تمثل قمة العبودية الحقيقية، فهي أكثر روعة من الوقوف بين يدي أي ملك، فالله هو ملك الملوك ومسبب الأمور.
فضل الصلاة
تُعتبر الصلاة من أحب الأعمال إلى الله تعالى. فعندما سُئل النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن أحب الأعمال إلى الله، أجاب: “الصلاة على وقتها”. وهذا يعكس جانبًا واحدًا فقط من أهمية الصلاة، إذ يوجد العديد من الآيات والأحاديث التي تبرز فضلها. قال الله تعالى: “إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا”، مما يشير إلى وجوب أدائها في أوقاتها المحددة وعدم جواز تأخيرها. الصلاة تُعد العمود الثاني للإسلام بعد الشهادتين، التي إذا صلحت، صلحت معها بقية الأعمال، وإذا فسدت، فسدت سائر الأعمال. وهي واجبة على كل بالغ عاقل، كما أنها أول ما يُحاسَب عليه العبد يوم القيامة.
حكم ترك الصلاة
إن كانت الصلاة فرضًا واجبًا على كل مسلم ومسلمة، فإن تركها يُعتبر حرامًا ويؤثِم تاركها. إن التكاسل في أدائها هو صفة من صفات المنافقين الذين توعدهم الله بالخزي في الدنيا وعذابٍ شديد في الآخرة، كما ذُكر في قوله: “فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون.” فالويل هنا هو وادٍ في جهنم.
أسباب ترك الصلاة
تتعدد أسباب عدم أداء الصلاة، ومن أبرزها خلو القلب من الإيمان وتراجع الوازع الديني، مما يسمح للهوى أن يتربع على عرش القلب. كلما كان القلب قريبًا من الله، أصبح أكثر التزامًا بأوامره وحرصًا على ما يرضيه، لأنه يكون قلبًا مليئًا بذكر الله ومطمئنًا. في المقابل، عندما يبتعد القلب عن الله، تكون الشياطين أقرب إليه، وكأنه بيت محطم تدخل فيه اللصوص متى شاءوا. لذلك، يمكن أن يقود هذا القلب إما نحو الخير أو إلى الهاوية، كما قال الله تعالى: “فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيًا.” إن ترك الصلاة يزيد من ضلالهم ومقتهم. أيضًا، تُعَد كثرة السيئات والمُجاهرة بها عوامل تَصد عن الصلاة، بالإضافة إلى مصاحبة أصدقاء السوء، الذين يُؤثّرون سلبًا على الشخص. ولذا قد حذرنا النبي من جُل أصحابه بالقول: “المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل.”
المحافظة على الصلاة
أولى خطوات العودة إلى الطاعة هي الابتعاد عن الذنوب والابتعاد عن كل ما يمكن أن يعيق الحفاظ على الصلاة. ينبغي على العبد العودة إلى الله بالإكثار من الاستغفار والدعاء، خصوصًا في أوقات السجود، فقد كان أكثر دعاء للنبي هو: “يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك.” كما يُفيد تكرار ذكر الله وقراءة القرآن، فضلًا عن البحث عن أصدقاء صالحين. إن الصديق الصالح يُذكّرك بالله ويكون سببًا من أسباب الثبات، ولذلك يُستحسن اختيار الرفقة قبل الشروع في أي طريق.