الثورة الفرنسية
يعتبر العديد من المؤرخين أن الثورة الفرنسية تمثل واحدة من أهم الثورات في تاريخ البشرية، حيث أحدثت تغييرات جذرية ألقت بظلالها على التاريخ الحديث، ليس فقط في أوروبا ولكن في جميع أنحاء العالم. بدأت الثورة الفرنسية في عام 1789 واستمرت لعقد من الزمن شهدت خلاله فرنسا سلسلة من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية المتزايدة، مما أدى في النهاية إلى صعود الطبقة البرجوازية إلى سدة الحكم بعد تحالفها مع الطبقة العمالية. خلال فترة حكم نابليون، عملت فرنسا على تصدير أفكار الثورة من خلال الاستعمار وتأسيس الإمبراطورية الفرنسية، وهو الأمر الذي ساهم في انهيار العديد من الأنظمة الملكية وترويج الحكم الجمهوري.
أسباب الثورة الفرنسية
الأوضاع قبل الثورة
- تألف المجتمع الفرنسي من ثلاث طبقات رئيسية، وهي التي استحوذت على الحكم والنصيب الأكبر من العوائد الاقتصادية للدولة: الملك والحاشية، والأرستقراطيين (النبلاء)، ورجال الدين. في المقابل، جاءت الطبقة البرجوازية ثم العمال والحرفيين والفلاحين. ورغم الازدهار الذي شهدته البرجوازية بفضل الاكتشافات الجغرافية وفتح مجالات التجارة في البحار، إلا أنهم كانوا محرومين من المشاركة في العملية السياسية ومن الدفاع عن مصالحهم.
فضلًا عن ذلك، تمتعت الطبقة البرجوازية بقدر كبير من التعليم والثقافة نظرًا لظروفهم المادية الجيدة، مما جعلهم يعون أهمية المشاركة السياسية. في قاعدة الهرم الاجتماعي الفرنسي، كان العمال والفلاحون يتحملون العبء الاقتصادي الأكبر، بينما كانت الطبقات العليا تتمتع بامتيازات ضخمة تجعلهم فوق القانون، حيث لم تكن تطبق عليهم العقوبات أو الضرائب المفروضة على باقي المواطنين.
العوامل السياسية
سادت مظاهر الاستبداد في الحكم الملكي، مما غيب العدالة الاجتماعية؛ حيث كانت فرص التقدم تعتمد على الوضع الطبقي بدلاً من الكفاءة أو الأهلية، مما أدى إلى فساد شامل في النظام الإداري للدولة، وخاصة في النظام الضريبي الذي كان يتسم بالعشوائية وعدم التوحيد على مستوى البلاد. وبالتالي، تحمّلت الطبقة الأدنى، وهي العمال والفلاحون، ضغوطًا هائلة من الأعباء الاقتصادية.
العوامل الاقتصادية
عانت فرنسا من أزمات اقتصادية خانقة تحت حكم الملك لويس السادس عشر، حيث شهدت انخفاضًا في أسعار الحبوب والنبيذ، وهما العنصران الأساسيان في تحقيق الفلاحين لالتزاماتهم المالية. كما أثرت الأزمة الزراعية بدورها على النشاط الصناعي، مما أسفر عن تدهور أرباح الطبقة البرجوازية وظروف العمل والاستهلاك، خاصةً مع إضافة رسوم جمركية جديدة، مما زاد الضغوط على الطبقة العاملة من عمال يدويين وحرفيين.
العوامل الاجتماعية
برز التفاوت الكبير بين الطبقات في المجتمع بشكل أوضح في السنوات التي سبقت الثورة؛ حيث كانت الفئة الأكبر من الفلاحين والعمال تتعرض للجوع بسبب نقص الموارد، بينما أُثقل كاهل البرجوازية بالضرائب التي كانت مُعفاة منها الطبقات المسيطرة في الدولة.