أسباب مرض البهاق
يُعتبر مرض البهاق حالة صحية ناتجة عن فقدان صبغة الميلانين (بالإنجليزية: Melanin)، والذي يحدث نتيجة لقلة عدد خلايا الميلانين (بالإنجليزية: Melanocyte) أو غيابها تمامًا. هذا النقص قد ينجم عن تضرر هذه الخلايا، مما يؤدي إلى ظهور بقع بيضاء على جلد المصابين. من المهم ملاحظة أن البهاق ليس مرضًا معديًا ولا يتطلب عدوى ميكروبية، بل يُصنف كأحد الأمراض الوراثية، رغم أن احتمال إصابة أقارب المصاب بالبهاق لا يمكن التنبؤ به بسهولة. ذلك بسبب وجود عوامل متعددة قد تؤثر على ظهور هذا الاضطراب، مثل تفاعل عدة جينات والعوامل البيئية غير المحددة.
هناك العديد من النظريات التي وضعت لتفسير الأسباب التي تؤدي إلى تلف خلايا الميلانين، وتشمل هذه النظريات: الآليات المناعية الذاتية، الآليات السُّمّية الخلوية (بالإنجليزية: Cytotoxic mechanisms)، عمليات الأكسدة والمواد المضادة لها (بالإنجليزية: Oxidant-antioxidant mechanisms)، الآليات العصبية، وعيوب الخلايا الميلانينية الداخلية (بالإنجليزية: Intrinsic melanocyte defects). سنتناول كل من هذه النظريات لاحقًا في المقال، ولكن هناك دليل قوي يدعم تأثير هذه العوامل مجتمعة في حدوث مرض البهاق، حيث لا توضح أي من هذه الفرضيات تأثيرها على حدة بشكل كافٍ.
نظرية السُمّية الخلوية وآليات المناعة الذاتية
تقترح هذه النظرية أن البهاق يعتبر من اضطرابات المناعة الذاتية (بالإنجليزية: Autoimmune disorder)، حيث يقوم الجهاز المناعي بمهاجمة خلايا الميلانين في البشرة مما يؤدي إلى تضررها. ومع ذلك، لم يتم تحديد الأسباب الدقيقة التي تحث جهاز المناعة على استهداف خلايا الميلانين، لكن يبدو أن الجهاز المناعي لدى المصابين يتفاعل بشكل غير طبيعي عند تعرضه لبعض العوامل مثل المواد الكيميائية أو الأشعة فوق البنفسجية. كما أن خلايا الميلانين في هؤلاء المصابين تبدو أكثر حساسية للإجهاد مقارنة بأقرانهم.
عيوب الخلايا الميلانينية الداخلية
تفترض هذه النظرية وجود خلل داخلي في خلايا الميلانين لدى المصابين بالبهاق، حتى عند فصلها عن تأثير الجهاز المناعي. وبالتالي، تشير هذه النظرية إلى أن أجسام هؤلاء الأفراد تحتوي على خلايا ميلانينية غير طبيعية منذ البداية.
نظرية السُّمية العصبية
تفسر هذه النظرية نشوء البهاق القطعي، حيث تُظهر البقع البيضاء في هذا النوع مناطق معينة ومحددة. بحسب هذه النظرية، يُعتبر أن البهاق ينتج بسبب تعرض خلايا الميلانين لمواد كيميائية تُنتج من النهايات العصبية في الجلد، والتي يعتقد أنها تحمل خصائص سُمّية تؤثر على خلايا الميلانين.
الإجهاد التأكسدي
تفترض هذه النظرية أن المركبات الناتجة عن عمليات الأيض نتيجة إنتاج صبغة الميلانين قد تسهم في تدمير خلايا الميلانين وتلفها.
عوامل خطر الإصابة بالبهاق
يمكن تلخيص عوامل خطر الإصابة بالبهاق كما يلي:
- العوامل الوراثية: إن إصابة أحد أفراد الأسرة بالبهاق أو ظهور شعر رمادي مبكر في العائلة يمكن أن يزيد من احتمالية إصابة أفراد آخرين بنفس الاضطراب. وفقًا للمعاهد الصحية الوطنية الأمريكية (بالإنجليزية: National Institutes of Health)، فإن 25-50% من المصابين بالبهاق لديهم أقارب مصابون أيضًا، بالإضافة إلى أن 6% من المصابين لديهم أشقاء يعانون نفس المرض.
- التاريخ العائلي للأمراض المناعية الذاتية: مثل إصابة أحد الوالدين بفقر الدم الخبيث (بالإنجليزية: Pernicious anaemia) أو الميلانوما (سرطان الخلايا الصبغية بالإنجليزية: Melanoma) أو الأورام اللمفاوية الجلدية.
- العوامل البيئية: مثل العمل في قطاع صناعي يرفع من فرص التعرض للمواد الكيميائية، وخاصة الفينولات (بالإنجليزية: phenolic chemicals).
هل يؤثر النظام الغذائي على الإصابة بالبهاق؟
هناك اعتقاد خاطئ شائع بأن تناول بعض الأطعمة، مثل مشتقات الألبان أو الأطعمة الحمضية، أو خلط الحليب مع السمك، قد يؤدي إلى الإصابة بالبهاق. ومع ذلك، يؤكد العلماء أن هذه المعتقدات لا تستند إلى أي دليل علمي، ولا يوجد ارتباط مثبت بين تناول أي نوع معين من الطعام والإصابة بالبهاق. كما يصاب ملايين الأشخاص بهذا الاضطراب في جميع أنحاء العالم بينما يتبعون أنظمة غذائية متنوعة تمامًا، مما يدعم رأي الخبراء بأن لا علاقة مباشرة بين النظام الغذائي وفرص الإصابة بالبهاق.
نصائح للوقاية من البهاق
لا يمكن تحديد طرق وقائية واضحة تقي من الإصابة بالبهاق بسبب عدم وضوح الأسباب المؤدية له. ومع ذلك، يُنصح باتباع وسائل العناية المناسبة بالجلد والتعرض الآمن لأشعة الشمس. كما يمكن للمصابين استخدام بعض المنتجات والعلاجات التي تساعد في الحد من انتشار البقع البيضاء. ويتعين أيضًا تجنب التدخين، واتباع نظام غذائي صحي يحتوي على مضادات الأكسدة والفيتامينات.