تُعد قضايا الخلع من أكثر الأمور ازدحاماً في محاكم الأسرة، حيث تلجأ العديد من الزوجات إلى رفع دعاوى الخلع كوسيلة للحصول على الطلاق بسرعة، خاصةً عند رفض الزوج الطلاق. وهذا بدوره يؤدي إلى تقديم دعوى الخلع.
تعريف الخلع
- الخلع هو عملية تفريق بين الزوجين، حيث يُلزم الزوج بدفع تعويض للزوجة. ولا يُمكن للزوج العودة إلى زوجته بعد وقوع الخلع، حيث يرمز الخلع إلى تخلي المرأة عن زوجها كما تتخلص من ملابسها.
- كما ورد في القرآن الكريم، ﴿هن لباس لكم وأنتم لباس لهن﴾، وقد يُقبل الخلع في حالات سوء العشرة، استنادًا للآية ﴿فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به﴾.
- عندما تكره المرأة زوجها وتشعر أنها لم تؤدي حق الله في طاعته، فإنها مُبرّرة في طلب الخلع، إلا أن بعض العلماء يرون أن الخلع محرم.
- استنادًا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، (أَيِّمَا امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة).
آثار الخلع شرعاً
1- الطلاق البائن
- يؤدي الخلع إلى الطلاق البائن، فعلى الزوج الحق في التوجه للمحكمة إذا كان القرار ليس بديهيًا.
- الغرض من الخلع هو إنهاء الأذى الذي قد تتعرض له المرأة، فإذا أُعيدت للزوج يمكن أن تتعرض مرة أخرى للأذى.
- عدد مرات الطلاق لا يؤثر في حوادث الخلع، كما أن الطلاق والخلع يُذكران في القرآن الكريم، والاختصاص القضائي ليس شرطًا لتطبيق حكم الخلع.
- إذا انتهكت شروط الخلع، مثل احتفاظ الزوج بطفل خلال الحضانة، فإن الخلع يظل ساريًا وعلى الزوجة دفع بدل الخلع.
2- الديون الزوجية
نتيجة لدعوى الخلع والنفقة السابقة المتعلقة بالزواج، فإن الخلع يُؤدي إلى تقليل الديون بين الزوجين، ومع ذلك تبقى الديون العادية قائمة.
3- النزاع بعد الخلع
إذا زعمت امرأة وجود خلع بينها وبين زوجها، ونفى الزوج ذلك، دون وجود أدلة من أي من الطرفين، فإن الزوج يُعتبر هو الأكثر صدقاً، باعتبار أن الزواج لا زال قائمًا.
أسباب رفض دعوى الخلع للزوجة
- أوضح المحامي والخبير القانوني (تامر الباشا) أن قانون الأحوال الشخصية يتضمن شروطًا معينة، وفي حال مخالفة هذه الشروط، يُمكن أن تُرفض المحكمة إجراءات الطلاق.
- طبقاً للقانون، يجب أن تعوض الزوجة نفسها بإرجاع المهر الذي تلقته من زوجها، بالإضافة إلى التخلي عن جميع الحقوق المالية المحددة قانونياً.
- تصرح الزوجة أمام القاضي بأنها تكره العيش مع زوجها، ولا تستطيع الاستمرار في حياتها معه، وتخشى ألا تلتزم بحدود الله جراء هذه الكراهية.
- كما أن تقديم الزوجة لوثائق مزورة، أو عدم تقديم المستندات المطلوبة من قبل المحكمة، قد يؤدي إلى رفض الدعوى.
- يتعين على الزوجة توضيح قيمة المهر والمستحقات المتفق عليها في عقد الزواج خلال الدعوى، وإلا قد تتطلب المحكمة تقديمها كشرط مسبق.
- إذا لم تُثبت الزوجة موقفها أو لم يُمثل محاميها في جلسات المحكمة بجدية، فإن ذلك يُعتبر مؤشراً على عدم مصداقية الدعوى، مما قد يؤدي إلى رفض القضية.
- في حال عدم حضور الزوجة أو تحديد موعد جديد دون عذر، تحتسب المحكمة ذلك تنازلاً عن الدعوى، وقد يؤدي إلى رفضها.
- على الزوجة التي ترغب في رفع دعوى خلع إظهار استيفاء جميع الشروط حتى يمكن قبول الدعوى من قبل المحكمة.
- بالإضافة إلى ذلك، الحكم برفض دعوى الخلع لا يمنع من رفع دعوة جديدة لاحقًا.
كم عدد جلسات قضية الخلع؟
- في البداية، تتوجه الزوجة إلى محكمة الأسرة عبر مكتب تسوية المنازعات. يُفتح ملف التسوية على أنه المرحلة الأولى لقضية الطلاق، حيث تُعتبر تلك بداية جلسات قضية الخلع.
- بعد خمسة عشر يومًا، يتم تسجيل القضية لمتابعة إجراءات الطلاق الثانية.
- تُشارك الزوجة في الجلسة الثانية لقضية الخلع، مع إبراء ذمة الزوج من المهر، دون تجاوز عدد الجلسات المحدد.
- تنطوي هناك إجراءات إضافية حيث يُستدعى الزوجة للمشاركة في جلسة مع مختصين نفسيين واجتماعيين.
- تُعتبر تلك الخطوة قبل الأخيرة في إطار النظر في قضية الطلاق، وتؤدي إلى قرار قطعياً في قضية الخلع.
متى يجوز للمرأة أن تطلب الخلع؟
- في الإسلام، وُجد الزواج كوسيلة لتحقيق الأمان والمودة بين الزوجين، وقد قال الله تعالى.(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
- لكن في بعض الحالات، قد يستحيل الحفاظ على هذه الحياة المشتركة، فيصبح استمرار الاجتماع بينهم سببًا للتعاسة والخلاف.
1- العيب في الزوج
- الزواج يعتبر علاقة خاصة بين شخصين، إلا أنه قد تتواجد لدى الزوج عيوب تؤدي إلى نفور الزوجة عنه.
- يحق للزوجة طلب الانفصال في حالة عدم قدرتها على الاستمرار بسبب عيوبه، فالعيوب تظهر بعد الزواج.
- قد تتضمن هذه العيوب فشلًا في تحقيق الهدف من الزواج، مثل فقدان الشهوة أو النفور الشديد من الطرف الآخر، سواء كان ذلك عقليًا أو جسديًا.
- يستند فقهاء المذاهب الأربعة إلى النصوص الشرعية في قبول طلب الزوجة للخلع، ويرى بعضهم أنه في حال وقوع الضرر يجب أن يُقبل الطلب فوراً.
2- عدم الإنفاق
- الإفلاس هو عدم القدرة على الصرف، وهو يعكس معاناة للفرد، وقد يتسبب في عدم قدرة العائل على الإنفاق على المعيلين له.
- معايير الإفلاس تتفاوت حسب العادات والتقاليد، الأمر الذي يؤدي إلى تغير مستمر وفقًا للزمان والمكان.
حكم طلب الخلع وشروطه
تبين الشريعة الإسلامية أن طلب المرأة للخلع جائز إذا وُجدت أدلة شرعية تشهد لذلك، ويختلف الحكم بحسب شروط وأسباب الخلع.
1- جائز
- إذا كرهت المرأة زوجها بسبب صفاته أو سلوكياته، فهذه الكراهية تثير خشيتها من إهمال حقوقه.
- وفي هذه الحالة، يسمح لها بطلب الخلع تحت ظروف التعويض، ويستند هذا إلى قول الله تعالى.
- ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾.
2- مكروه
- قد تكون العلاقة سلسة ومزدهرة، إلا أن رغبة الزوجة في الانفصال في هذه الحالة تعني أن الخلع يكون محرمًا.
- عندما تُظهر الزوجة رغبتها في الخلع، رغم ارتباطها الجيد بزوجها، فإن هذا يُعتبر غير محبذ وفقاً لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
- في حالات معينة، قد ترغبين في الخلع للزواج من شخص آخر، وهذا يعد من الخلع غير المرغوب فيه عند الله ورسوله.
عدة المختلعة
- يعتقد العديد من العلماء، مثل الإمام أحمد والشافعي ومالك، أن عدد الطلاق للمختلعة هو ثلاثة أشهر، متقبلين هذا رأي الثوري وإسحاق.
- بينما يرّجح البعض الآخر، مثل عثمان بن عفان وابن عمر وابن عباس، أن عدة المختلعة هي شهر واحد.
حقوق الزوجة عند الخلع من الزوج
- يعتقد الإمام مالك وأبو حنيفة أن الزوجة المختلعة تفقد حقها في النفقة والسكن، فيما يُستثنى النساء الحوامل من ذلك.
- بينما تذهب الحنابلة ومعظم الحنفية إلى أن التنازل عن حقوق المختلعة يتطلب تحديده صراحة بالعقد أو باتفاق بين الطرفين.