تعريف الذاكرة والنسيان
تُعتبر الذاكرة (بالإنجليزية: Memory) مجموعة من العمليات المعقدة التي تتضمن استقبال المعلومات الجديدة، ثم تشفيرها (بالإنجليزية: Encoding)، وبعد ذلك تخزينها (بالإنجليزية: Storing) إلى حين الحاجة لها. تتضمن هذه العملية أيضاً استرجاع المعلومات (بالإنجليزية: Retrieval). تختلف مدة التذكر بناءً على طبيعة المعلومات؛ فبعض المعلومات الحسية حول البيئة المحيطة يمكن أن تدوم لفترة قصيرة تصل إلى بضع ثوانٍ، بينما تُخزن الذاكرة القصيرة الأجل عادةً بين 20 إلى 30 ثانية، مما يُتيح للفرد حفظ المعلومات التي يركز عليها في تلك اللحظة. هناك أيضاً معلومات يمكن أن تبقى خارج نطاق الوعي لمدة أيام أو أشهر أو حتى سنوات، ويعاد استرجاعها عند الحاجة. يشعر معظم الأشخاص بدرجات متفاوتة من النسيان، حيث يمكن أن تكون المعلومات غائبة منذ البداية، وتتراوح أسباب ضعف الذاكرة والنسيان بين التغيرات الطبيعية ووجود حالات صحية قابلة للعلاج، إلى الإصابة بضعف إدراكي (بالإنجليزية: Cognitive Impairment) أو مرض ألزهايمر (بالإنجليزية: Alzheimer’s Disease).
أسباب ضعف الذاكرة والنسيان
أسباب نفسية
تتعدد العوامل النفسية والعاطفية التي تؤثر على فعالية الذاكرة؛ حيث أن العواطف والأفكار ترتبط بشكل وثيق بالعمليات العقلية والجسدية. الطاقة المستهلكة للتكيف مع التوتر النفسي والعاطفي قد تستنفد جزءاً من الطاقة اللازمة لوظائف أخرى مثل تخزين المعلومات. وفيما يلي بعض الحالات النفسية الرئيسية التي قد تؤدي إلى ضعف الذاكرة والنسيان:
- التوتر النفسي: (بالإنجليزية: Stress) على الرغم من أن تأثير التوتر على الذاكرة على المدى القصير قد يكون لحظياً، فإن تعرض الفرد له لفترات طويلة يُمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالخرف (بالإنجليزية: Dementia)، حيث يتسبب التوتر في تشتيت الذهن واستنزاف قدراته.
- الاكتئاب: (بالإنجليزية: Depression) يؤدي الاكتئاب إلى ضعف التركيز وانخفاض الاهتمام بما يدور حول الشخص، مما يجعل تذكر الأمور التي لم يكن الفرد منتبهاً لها أمراً صعباً، وتعرف حالة النسيان المرتبطة بالاكتئاب باسم الخرف الكاذب (بالإنجليزية: Pseudodementia).
- القلق: (بالإنجليزية: Anxiety) يتفاوت تأثير القلق على الذاكرة بين حالات القلق المؤقت مثل قلق الامتحانات، والذي قد يؤدي إلى نسيان الإجابات، إلى الإصابة باضطراب القلق العام (بالإنجليزية: Generalized Anxiety Disorder) الذي يؤثر على الوظائف اليومية للمصاب.
أسباب دوائية وعلاجية
فيما يلي بعض أنواع الأدوية والعلاجات التي يمكن أن تسبب ضعفاً في الذاكرة:
- الأدوية: قد تُسبب بعض الأدوية آثاراً جانبية مثل الارتباك والتهدئة، مثل مضادات الاكتئاب (بالإنجليزية: Antidepressants) والمهدئات (بالإنجليزية: Tranquilizers)، بالإضافة إلى بعض الأدوية المستخدمة في علاج ضغط الدم. كما أن التفاعلات بين الأدوية المختلفة قد تزيد من احتمالية ضعف الذاكرة.
- المخدرات والكحول والتدخين: تؤثر المخدرات والمشروبات الكحولية على الذاكرة القصيرة الأمد، مما يُسبب نسيان الأحداث اليومية، وقد تزيد من احتمالية الإصابة بالخرف على المدى الطويل. كما أن التدخين يقلل من كمية الأكسجين التي تصل إلى الدماغ، مما قد يؤثر سلباً على الذاكرة.
- التخدير: (بالإنجليزية: Anesthesia) يعاني العديد من الأفراد من فقدان مؤقت للذاكرة والارتباك لفترة تمتد لعدة أيام بعد الخضوع لعمليات جراحية باستخدام التخدير.
- العلاج الكيميائي: (بالإنجليزية: Chemotherapy) يُعبر العديد من مرضى السرطان عن هذه الأعراض كنوع من الضباب الذي يغلف العقل بعد تلقي جرعات العلاج الكيميائي.
الحالات الصحية
يمكن أن يكون ضعف الذاكرة نتيجة لانخفاض القدرة الإدراكية المرتبطة بتقدم العمر، أو من خلال الضعف الإدراكي المعتدل (بالإنجليزية: Mild Cognitive Impairment) الذي يمكن أن يتطور إلى مرض ألزهايمر أو أنواع أخرى من الخرف. على الرغم من أن العديد من حالات النسيان قد تكون ناتجة عن تشتيت الذهن بسبب تعدد المهام، إلا أن هناك العديد من الحالات الصحية والجسدية التي قد تؤثر سلباً على الذاكرة، منها:
- اضطرابات النوم: يؤثر حرمان الجسم من النوم (بالإنجليزية: Sleep Deprivation)، سواء كان لفترة قصيرة أو بشكل مزمن، بشكل سلبي على القدرة على التفكير والتعلم والذاكرة. كما أظهرت دراسات العلاقة بين انقطاع النفس الانسدادي النومي (بالإنجليزية: Sleep Apnea) وزيادة خطر الإصابة بالخرف (بالإنجليزية: Dementia).
- الارتجاج: (بالإنجليزية: Concussion) يمكن أن تؤدي الإصابات الجسدية، نتيجة وقوع أو حوادث، إلى ضعف مؤقت في الذاكرة، كما أنها تزيد من خطر الإصابة بالخرف.
- نقص فيتامين B12: يُعد فيتامين B12 من الفيتامينات الضرورية لوظائف الجسم، وقد يؤدي النقص الحاد فيه إلى ظهور أعراض مشابهة لتلك المرتبطة بالخرف. من الأطعمة الغنية بفيتامين B12: اللحوم، والدجاج، ومنتجات الألبان، والبيض.
- اضطرابات الغدة الدرقية: (بالإنجليزية: Thyroid Problems) يؤثر قصور الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Hypothyroidism) وعلاجها (بالإنجليزية: Hyperthyroidism) سلباً على الإدراك والذاكرة.
- التغييرات الهرمونية: مثل تلك المرتبطة بالحمل وانقطاع الطمث (بالإنجليزية: Menopause)، حيث تُحدث هذه التغييرات تأثيرات على التركيز والذاكرة.
- السكتة الدماغية: (بالإنجليزية: Stroke) تؤثر السكتات الدماغية على وظائف الدماغ بما فيها الذاكرة، وقد يكون تأثيرها مؤقتاً أو دائماً، كما يمكن أن تحدث ما يُعرف بنوبة نقص التروية العابرة (بالإنجليزية: Transient Ischemic Attack)، مما يؤدي إلى شعور بفجوات في الذاكرة.
- الأورام الدماغية: (بالإنجليزية: Brain Tumors) تؤثر الأورام على الذاكرة والشخصية بصورة واضحة، مع ظهور أعراض بدنية أخرى.
طرق تحسين وتعزيز الذاكرة
يوجد العديد من النصائح والأساليب التي يمكن أن تسهم في تحسين وحماية الذاكرة، بالإضافة لتعويض ما يفقد منها. فيما يلي أبرز الطرق:
- تقليل السكريات: الإفراط في تناول السكر يمكن أن يؤدي إلى ضعف إدراكي ومشاكل صحية أخرى. أظهرت الدراسات أن زيادة كميات السكر قد تترافق مع ضعف الذاكرة وانخفاض حجم الدماغ.
- تناول زيت السمك: (بالإنجليزية: Fish Oil) لاحتوائه على أحماض أوميغا 3 (بالإنجليزية: Omega-3 Fatty Acids).
- ممارسة التمارين الرياضية: تساعد التمارين في تعزيز الصحة العامة للجسم، علاوة على أنها تحسن القدرات الإدراكية والذاكرة، بالإضافة إلى فوائدها في تحسين المزاج وتحفيز العقل.
- تناول الكاكاو: يحتاج الدماغ إلى مُضادات الأكسدة الموجودة في الكاكاو لتعزيز الذاكرة وزيادة تدفق الدم إليه.
- تحفيز العقل: من خلال ممارسة الألعاب مثل الكلمات المتقاطعة وألعاب الذاكرة، والتي تعزز القدرة على التذكر وتقلل من خطر الإصابة بالخرف.
- ممارسة التأمل: (بالإنجليزية: Meditation) تؤثر التأمل بشكل إيجابي على مجموعة من وظائف الجسم، كخفض التوتر وتحسين الذاكرة. وقد أظهرت الأبحاث أن التأمل يزيد من حجم المادة الرمادية (بالإنجليزية: Gray Matter) في الدماغ.