فقر الدم
فقر الدم، المعروف أيضًا بالأنيميا (بالإنجليزية: Anemia)، هو حالة تتمثل في انخفاض عدد خلايا الدم الحمراء أو نقص تركيز الهيموغلوبين (بالإنجليزية: Hemoglobin) في هذه الخلايا. يلعب الهيموغلوبين دورًا أساسيًا في نقل الأكسجين إلى جميع أنسجة الجسم، وعندما ينخفض مستواه، تؤثر هذه الحالة على قدرة الدم على توفير الأكسجين بشكل كافٍ. يمكن أن يحدث فقر الدم أيضًا نتيجة وجود خلايا دم حمراء غير طبيعية أو في كميات قليلة. من المهم ملاحظة أن المستويات الطبيعية للهيموغلوبين تختلف بين الأفراد بناءً على عدة عوامل، منها العمر والجنس والارتفاع عن سطح البحر، بالإضافة إلى أنشطة مثل التدخين والحمل. وفقًا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية (بالإنجليزية: World Health Organization) المنشورة في عام 2008، فإن نسبة الإصابة بفقر الدم تبلغ عالميًا حوالي 24.8%. وتكون هذه النسبة أقل بين الرجال حيث تصل إلى نحو 12.7%، بينما تتزايد في الأطفال دون سن المدرسة لتصل إلى حوالي 47.4%. كما أظهرت إحصائيات 2011 أن النساء الحوامل يكنّ أكثر عرضة للإصابة بفقر الدم بنسبة تصل إلى 38% مقارنة بـ 29% لدى النساء غير الحوامل.
أعراض فقر الدم
قد لا تظهر على الأفراد الذين يعانون من فقر دم خفيف أي أعراض، بينما قد تظهر أعراض واضحة لدى الآخرين. تلعب هذه الأعراض دورًا مهمًا في تشخيص نوع فقر الدم وتحديد أسبابه، لذا من المدعوم استشارة الطبيب عند ظهور أي علامة قد تتعلق بفقر الدم. من أبرز الأعراض الشائعة للشخص المصاب: الشعور التعب والإرهاق، ناتج عن انخفاض مستويات الطاقة بسبب تدني الهيموغلوبين، مما يؤدي إلى تقليل إمداد الجسم بالأكسجين. يتفاعل القلب مع هذه الحالة من خلال زيادة كمية الدم المضخّ إلى مختلف أجزاء الجسم. تشمل أيضًا الأعراض الأخرى لفقر الدم ما يلي:
- شحوب البشرة.
- ضيق التنفس.
- برودة الأطراف.
- صداع الرأس.
- الدوخة.
- اضطراب في معدل نبضات القلب.
- ضعف الأظافر.
- تساقط الشعر.
- زيادة الرغبة في تناول أطعمة أو مواد غريبة تُعرف بشهية الغرائب (بالإنجليزية: Pica).
للاستزادة حول أعراض فقر الدم، يمكن الاطلاع على المقال التالي: (أعراض فقر الدم).
أسباب فقر الدم وأنواعه
تُحدد أنواع فقر الدم اعتماداً على السبب الكامن وراء الإصابة، وهي تنقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسية. إليك تفاصيل كل نوع وأسبابه:
فقر الدم الناتج عن فقدان الدم
يُعتبر النزيف أحد الأسباب المُعززة لفقر الدم، حيث يمكن أن يكون النزيف حادًا وسريعًا أو مزمنًا. في حالات النزيف المزمن، يفقد الفرد خلايا الدم الحمراء ببطء على مدى فترة طويلة، مما يُفضي إلى انخفاض نسبة الحديد في الجسم، مما يُعرف بفقر الدم الناتج عن نقص الحديد (بالإنجليزية: Iron deficiency anemia)، وهو الأكثر شيوعًا وسنتحدث عنه بتفصيل أكبر لاحقاً. أبرز أسباب النزيف تشمل:
- الإصابة باضطرابات الجهاز الهضمي، مثل القرحة (بالإنجليزية: Ulcers) والبواسير (بالإنجليزية: Hemorrhoids)، أو التهاب المعدة، أو بعض أنواع السرطان.
- استخدام مضادات الالتهاب اللاستيرويدية (بالإنجليزية: Nonsteroidal anti-inflammatory drugs) مثل الأسبرين والآيبوبروفين، التي يمكن أن تسبب قرحة أو التهاب المعدة كأعراض جانبية.
- نزيف الدورة الشهرية عند النساء، خاصة في الحالات التي يكون فيها النزيف شديداً.
- التعرض لصدمات أو إجراء عمليات جراحية معينة.
فقر الدم الناتج عن اختلال في إنتاج الخلايا الحمراء
يرتبط هذا النوع بفشل الجسم في إنتاج كميات كافية من خلايا الدم الحمراء أو إنتاج خلايا دم طبيعية، وتتضمن الأسباب نقص الفيتامينات والمعادن الضرورية بشكل كافٍ. هناك أنواع فرعية تندرج ضمن فقر الدم الناتج عن اختلال إنتاج خلايا الدم، ومنها:
فقر الدم الناتج عن نقص الحديد
ينجم فقر الدم الناتج عن نقص الحديد عن نقص الكميات الكافية من الحديد في الجسم أو ضعف قدرة الجسم على امتصاص الحديد. تتضمن الأسباب الأخرى:
- استخدام بعض الأدوية، مثل مضادات الحموضة.
- الحمل والولادة والرضاعة، حيث يحتاج الجسم لجرعات أكبر من الحديد، مما يؤدي إلى نقص مستوياته.
- اتباع نظام غذائي غير كافٍ بالحديد، وخاصة لدى الأشخاص الذين يعتمدون على نظام غذائي نباتي.
- مشاكل هضمية، مثل الإصابة بداء كرون (بالإنجليزية: Crohn’s disease) أو إجراء عمليات جراحية للمعدة أو الأمعاء.
- أسباب إضافية، مثل التبرع المتكرر بالدم أو ممارسة تمارين تحمل طويلة.
فقر الدم الناتج عن نقص الفيتامينات
تنجم هذه الحالة عن نقص كميات كافية من فيتامينات محددة، مثل فيتامين ب12 وحمض الفوليك، الضرورية لتصنيع كريات الدم الحمراء. نقص هذه الفيتامينات يمكن أن يتسبب في قلة عدد خلايا الدم الحمراء الصحية. بعض الأسباب تشمل:
- نقص فيتامين ب12، الناتج عن عدم تناول الكميات المناسبة من الأطعمة الغنية به، مثل الحليب واللحوم.
- نقص حمض الفوليك، المرتبط بعدم كفاية تناول الخضروات والفواكه.
مشاكل في نخاع العظم والخلايا الجذعية
إن تضرر نخاع العظم قد يُفضي إلى فقر الدم نتيجة انخفاض إنتاج خلايا الدم الحمراء، ومثال على ذلك، الإصابة بسرطانات الدم مثل سرطان الغدد الليمفاوية (بالإنجليزية: Lymphoma) واللوكيميا (بالإنجليزية: Leukemia). تشمل الأنواع الناجمة عن مشاكل نخاع العظم:
- فقر الدم اللاتنسجي (بالإنجليزية: Aplastic Anemia)، الذي يحدث نتيجة انخفاض كبير في عدد خلايا الدم نتيجة بعض الأسباب مثل العدوى الفيروسية.
- الثلاسيميا (بالإنجليزية: Thalassemia)، وهو اضطراب وراثي يشير إلى خلل في تصنيع الهيموغلوبين.
- فقر الدم الناتج عن التسمم بالرصاص، مما يؤثر بشكل تدريجي على الجسم.
فقر الدم المنجلي
فقر الدم المنجلي (بالإنجليزية: Sickle cell anemia) هو اضطراب يؤثر على الهيموغلوبين، حيث يتواجد نوع غير طبيعي من الهيموغلوبين، مما يغير شكل خلايا الدم الحمراء إلى شكل منجل أو هلال، مما يؤدي إلى تحطيمها قبل نضوجها. عادة ما تبدأ الأعراض في مراحل مبكرة من الحياة.
فقر الدم المرتبط بأمراض الكلى المزمنة
يمكن أن يؤثر ضعف عمل الكلى على إنتاج خلايا الدم الحمراء بسبب نقص في إفراز هرمون الإريثروبويتين (بالإنجليزية: Erythropoietin)، مما يؤثر بالنتيجة على تكوين خلايا الدم الحمراء.
فقر الدم الانحلالي
يمثل فقر الدم الانحلالي (بالإنجليزية: Hemolytic Anemia) حالة يتم فيها تدمير خلايا الدم الحمراء بسرعة أكبر من إنتاج خلايا جديدة. يمكن أن يكون وراثيًا أو مُكتسبًا. أمثلة على الأنواع تشمل:
- فقر الدم الانحلالي المناعي الذاتي (بالإنجليزية: Autoimmune hemolytic anemia).
- فقر الدم الانحلالي الناتج عن الأدوية.
- فقر الدم الناتج عن العدوى أو التسمم.
لمزيد من المعلومات حول أسباب فقر الدم، يمكنك الاطلاع على المقال التالي: (ما هي أسباب فقر الدم).
تشخيص فقر الدم
لتشخيص فقر الدم، يقوم الطبيب بإجراء مجموعة من الفحوصات، بما في ذلك العد الدموي الشامل (بالإنجليزية: Complete blood count) والذي يوفر معلومات دقيقة حول مكونات الدم. عادةً ما يعتمد تشخيص فقر الدم على قراءة مستويات الهيموغلوبين أو الهيماتوكريت (بالإنجليزية: Haematocrit)، ويمكن إجراء اختبارات إضافية لمراقبة حالة المريض.
علاج فقر الدم
يستهدف علاج فقر الدم بشكل رئيسي تكوين خلايا دم صحية تتيح نقل كميات كافية من الأكسجين، وقد يتضمن العلاج:
- تناول الفيتامينات والمكملات المعدنية.
- تعديل النظام الغذائي.
- استخدام أدوية معينة.
- عمليات نقل الدم.
- زراعة نخاع العظم.
- إزالة الطحال في حالات فقر الدم الانحلالي.
- المضادات الحيوية في حالة العدوى.
للحصول على المزيد من المعلومات حول علاج فقر الدم، يمكنك الاطلاع على المقال التالي: (علاج الأنيميا).
أضرار فقر الدم
إذا لم يتم علاج فقر الدم بشكل صحيح، فإن له عواقب صحية عديدة، ومنها:
- التعب الشديد، مما يؤثر على الأداء اليومي.
- مشاكل القلب مثل تسارع نبضات القلب أو عدم انتظامها.
- مضاعفات الحمل، خاصة لدى النساء الحوامل.
- مضاعفات خطيرة لبعض أنواع فقر الدم الوراثية.
للمزيد من المعلومات حول أضرار فقر الدم، يمكنك قراءة المقال التالي: (ما أضرار فقر الدم).
الهوامش:
(*) البواسير: وتعتبر حالة انتفاخ الأوردة في الجزء السفلي من فتحة الشرج والمستقيم. يمكن السيطرة عليها والوقاية منها.
(*) داء كرون: يُمثّل أحد الأمراض الالتهابية المزمنة في الجهاز الهضمي.
(*) فقر الدم كولي: هو نوع من الثلاسيميا يتمثل بتأثر جينين مُعينيْن في تصنيع سلسلة الهيموغلوبين بيتا.