أسباب غزوة أحد
تعود دوافع غزوة أحد إلى سبب أساسي، حيث شهد أهل مكة من المشركين الهزيمة التي لحقت بهم في غزوة بدر، مما دفعهم للسعي نحو الانتقام من المسلمين واستعادة كرامتهم. كانت تلك الهزيمة على يد مهاجرين من بينهم، وفي الفترة ذاتها كان المسلمون قد أسسوا سيطرتهم على الطرق التجارية التي كانت تمر بها قريش إلى بلاد الشام. اعتبر المشركون أن هذه السيطرة تمثل لهم نوعاً من الموت البطيء، فبرز صفوان بن أميّة في مكة ليحذر قومه من حصار المسلمين لطريق تجارتهم، مما دفع الأسود بن عبد المطلب لتوجيههم إلى طريق جديد عبر الساحل نحو العراق.
في هذا السياق، انطلق عدد من التجار، من بينهم أبو سفيان بن حرب، ومعهم النقود للتجارة، وقد اختاروا فرات بن حيّان من بني بكر دليلاً لهم. أرسل رسول الله زيد بن ثابت -رضي الله عنه- لاستعادة أمتعتهم، وتمكن من أخذ بعيرهم وما عليه، مما أدى إلى فقدانهم لطريق تجارتهم بعد أن فقدوا الطرق الأخرى. أما قبائل غطفان وسليم، فقد قررت الهجوم ولكنها تراجعت فور علمها بأن النبي صلى الله عليه وسلم سيهاجمها، وهذا أبرز قوة المسلمين وقيادتهم. شعرت قريش بالتزايد في الضغط عليهم بعدما أدركوا أن الوثنيين وعرب البادية واليهود يتحدون ضد المسلمين، مما أدى لتنظيمهم للحرب في غزوة أحد.
نتائج غزوة أحد
تشير السجلات التاريخية إلى أن غزوة أحد أسفرت عن انتصار المشركين على المسلمين، إلا أن المؤرخ محمود شيت خطّاب كان له رأي مختلف حيث اعتبر أنه يمكن اعتباره انتصارًا للمسلمين. وفي كتابه “الرسول القائد”، يوضح أنه من الممكن اعتبار المسلمين قد حققوا أهدافهم في إخراج المشركين من مراكزهم. ومع ذلك، فإن عودة خالد بن الوليد خلف المسلمين حالت دون عودتهم إلى الخلف، مما زاد من خسائر المسلمين. في النهاية، يمكن القول أن النصر في المعركة يعتمد على النتائج التي حققها الأطراف المتنازعة بدلاً من عدد الضحايا.
لكن من المهم التأكيد على أن معنويات المسلمين لم تنهار، بل على العكس، حيث قرر النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج بأصحابه لمواجهة قريش بعد المعركة، مما يدل على قوة عزيمتهم. تعود خسائر المسلمين في هذه الغزوة إلى مخالفة الرماة لأمر النبي بالمكوث في أماكنهم، حيث نزلوا بدافع الطمع في الغنائم. وقد ورد في القرآن الكريم تحذير لهذا الأمر، مما يدل على أهمية اتباع أوامر النبي لتفادي عواقب وخيمة.
بعد غزوة أحد، بدأت قريش في تجهيز نفسها لمهاجمة المدينة. طليحة الأسدي جمع مجموعة من المقاتلين من أهل نجد وكذا خالد بن سفيان من قبائل هذيل. ورغم ذلك، كان النبي صلى الله عليه وسلم قد على علم بذلك وشكل جيشًا لملاقاة هؤلاء، مما أسفر عن هزيمتهم. شهدت هذه الغزوة سقوط عدد من الشهداء من المسلمين بلغ سبعين صحابياً، بينما سجلت حالات قتل في صفوف المشركين تراوحت بين اثني عشر إلى سبعة وثلاثين.
تعريف بغزوة أحد
غزوة أحد كانت قد وقعت في السنة الثالثة من الهجرة، في الخامس عشر من شهر شوال، الذي صادف يوم السبت. تميزت الغزوة بشهادة عم الرسول صلى الله عليه وسلم، حمزة -رضي الله عنه-، مما أدخل الحزن في قلب النبي. وبالمقابل، نزلت آيات من الله تواسي النبي وصحبه، حيث قال -سبحانه وتعالى-: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ).