الإحسان
يُعتبر الإحسان أعلى درجات الدين، فهو قمة الإيمان وأسمى مرتبة في المعتقدات الدينية. الدين يتوزع إلى ثلاثة أقسام رئيسية: (الإسلام، الإيمان، الإحسان)، وكل قسم له أركانه الخاصة. في هذا المقال، سنظهر مفهوم الإحسان، تعريفه، ثوابه، مراتبَه وصوره المتنوعة.
تعريف الإحسان
نُعرف الإحسان كما ورد في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك). وقد ذُكِر الإحسان في العديد من الآيات القرآنية، حيث يترافق مع الإيمان والتقوى والجهاد والإسلام، كما يرتبط بالأعمال الصالحة والإنفاق في سبيل الله.
يقوم العبد بتعبيد ربه مستحضراً أنه رقيب على تصرفاته ومراقب له، مما يتطلب منه الحفاظ على شعور الخشية والخوف والتعظيم، بالإضافة إلى ضرورة الإتقان في أداء العبادات وبذل الجهد لتحسينها، مع ضرورة استحضار قرب الله -عز وجل- منه كما لو كان يراه في خفاياه وعلانيته. فكل شيء مُدرك من قِبله سبحانه وتعالى.
وعندما يبلغ العبد مقام الإحسان في طاعة ربه، فإنه يستشعر دائمًا مراقبة الله في جميع أعماله، ولا يقوم إلا بما يرضي ربه، متجاهلاً آراء الناس في مدحهم أو ذمهم.
هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟
لقد خص الله تعالى أهل الإحسان برحمته وجعل جزاءهم متناسبًا مع أعمالهم، كما جاء في قوله -تعالى-: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ). لقد عبدوه بإخلاص وطمعًا في رضاه، فجازاهم بما هو أحسن.
يروى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه: عندما يدخل أهل الجنة الجنة، يُسألهم الله -تبارك وتعالى-: هل أزيدكم شيئًا؟ فيجيبون: ألم تُبيض وجوهنا؟ ألم تُدخِلنا الجنة وتُنَجِّنا من النار؟ فيكشف الله سبحانه الحجاب، وما يَمنحونه شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ملكهم -عز وجل-.
قال -تعالى-: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ). يُقال إن وجوه هؤلاء لا تَظهر عليها أي آثار للذل والخوف، ونتيجة لأعمالهم التي أدوها بإخلاص ابتغاء وجه الله -تعالى-، فقد أكرمهم الله برؤيته، مما أصبح سببًا لجمال وجوههم، وهم في نعيم دائم لا ينقضي.
مراتب الإحسان
يتم تقسيم الإحسان إلى مرتبتين، كما وضح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يلي:
- المرتبة الأولى: أن تعبد الله كأنك تراه.
تُعَد هذه المرتبة عبادة تستند إلى الشوق والمحبة، ورغبة في نيل الأجر والثواب، حيث يظهر العبد إخلاصه في الطاعة، غير ملتفت إلى رأي الناس، وهذا هو أعلى المراتب.
- المرتبة الثانية: إن لم تكن تراه فإنه يراك.
إذا لم تكن تستطيع عبادة الله كما ترى، فعليك أن تعبده وكأنه يراك، فيكون ذلك عبادة قائمة على الخوف من عذابه، مستحضرًا دوماً خطر عقابه، محاولاً التوافق بين الأفعال الظاهرة والباطنة.
صور الإحسان
تتخذ صور الإحسان أشكالاً عديدة تتجلى من خلال ممارسات مختلفة في العبادات والمعاملات. وفيما يلي بعض هذه الصور:
- الإخلاص لله في العبادة وكأنك تراه.
- قراءة القرآن بخشوع وتعمق.
- التوبة من جميع الأعمال التي لا تُرضي الله تعالى.
- الدعوة إلى الله تعالى من خلال العمل بأوامره والابتعاد عن نواهيه.
- صلة الأرحام.
- المداومة على البذل والعطاء بما يتناسب مع مقدرة النفس، ودون تكلف.
- العفو عن الناس.
- التعامل برحمة مع الآخرين.
- السعي في تحقيق حاجات الناس.
- الإصلاح بين الأفراد.