أسماء الله الحسنى وصفاتها
يُعتبر العلم بأسماء الله الحسنى وصفاته من أعظم وأشرف العلوم، حيث اتفق العلماء على أن قيمة العلم ترتبط بقيمة المعلومات المدروسة. وبما أن هذا العلم مختص بالله تعالى، فإنه يُعتبر من أرفع العلوم كما أوضح ذلك ابن العربي رحمه الله بقوله: (شرَف العلم بشَرَف المعلوم، والباري أشرَفُ المعلومات، فالعلم بأسمائه أشرَفُ العلوم). وأكد العز بن عبد السلام رحمه الله على أهمية معرفة الأسماء والصفات بقوله: (التوسل إلى معرفة الله تعالى ومعرفة ذاته وصفاته أفضل من التوسل إلى معرفة أحكامه). لذا، فإن الطريق إلى معرفة الله -عزّ وجلّ- يرتكز على معرفة أسمائه وصفاته، حيث إن الإنسان لا يمكنه إدراك الله تعالى من خلال النظر أو التخيُل. ولذلك فإن معرفة أسماء الله وصفاته تُعتبر أقرب الطرق للعبادة والتواصل مع الله. يمكن القول إن أعظم مراتب الدين هو الإحسان، والتي قسمها العلماء إلى نوعين؛ هما: “الاستحضار”، الذي يعني استحضار مراقبة الله تعالى للعبد وقربه منه، و”المشاهدة”، التي تعني أن يعمل العبد بناءً على مشاهدته الله تعالى بقلبه حتى يصبح الغيب كالحاضر. وتجدر الإشارة إلى أن معرفة الأسماء والصفات ترفع بالعبد إلى مرتبة الاستحضار، فإذا ارتقى إلى المعرفة الحقيقية بلغ مرتبة المشاهدة، مما يجعله يتعبد لله بكل أسمائه وصفاته. وقد أوضح ابن القيم رحمه الله هذا المفهوم بقوله: (مَشهد الإحسان هو مَشهد المراقبة؛ أي أن يعبد الله كأنه يراه، وهذا المشهد ينشأ من كمال الإيمان بالله وأسمائه وصفاته، حتى كأنه يرى الله سبحانه فوق سمواته مستويًا على عرشه).
معاني أسماء الله الحسنى وصفاته
إن فهم أسماء الله الحسنى وصفاته الجليلة يعزز الإيمان في القلوب ويثبتها على الحق. وقد دعا القرآن الكريم في العديد من آياته إلى التأمل والتدبر في هذه الأسماء والصفات، حيث يحب الله من يذكر صفاته. فقد بشّر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- رجلًا يحب قراءة سورة الإخلاص لكونها تصف الرحمن، بقوله: (أخبِروه أنَّ اللهَ يُحِبُّه). وفيما يلي بعض معاني أسماء الله الحسنى:
- الملك: بمعنى صاحب السلطة الكاملة، حيث يتصرف الله تعالى بخلقه كما يشاء، يمنح الملك لمن يشاء، ويعزّ من يشاء، وينزع الملك من يختار، بيده ملكوت السموات والأرض، يعطي الفقير ويغنيه، ويمنع الرزق عن الغني. كما قال تعالى: (يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّـهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّـهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ).
- السلام: يعني أنه السالم من كل نقص أو ضعف، كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (لا تقولوا السَّلامُ على اللَّهِ فإنَّ اللَّهَ هوَ السَّلامُ)، ومصداقًا لقول الله: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
- الجبّار: يقصد به جبر القوة والرحمة. فالله تعالى قاهر الجبابرة، مهما تجبروا فإنهم تحت إرادته. كما يجبر القلوب الحزينة ويدعو الضعيف للقوة، والمريض للشفاء، وهو فوق عباده لكن قريب منهم يسمع ويرى.
- القدوس: يدل على أن الله تعالى تقدس عن كل عيب ونقص، فهو خالق كل شيء ومستحق العبادة.
- البارئ: يعني الذي يُبدع الأشياء من العدم، ويخلق الشمس والقمر وكل ما في السماوات والأرض لتسبح في فلكها.
- المصوّر: هو الذي يخلق الخلق على أشكال وصفات متنوعة، كما قال تعالى: (وَاللَّـهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ).
صور الإلحاد بأسماء الله وصفاته
لقد توعّد الله تعالى الملحدين في أسمائه وصفاته بالعذاب الأليم، حيث قال: (وَلِلَّـهِ الأَسماءُ الحُسنى فَادعوهُ بِها وَذَرُوا الَّذينَ يُلحِدونَ في أَسمائِهِ سَيُجزَونَ ما كانوا يَعمَلونَ). وتتواجد أنواع وأشكال مختلفة من الإلحاد في أسماء الله تعالى وصفاته، منها:
- وصف الله تعالى بالنقائص التي تنزّه عنها، كما فعل اليهود عندما قالوا بأنه تعب واستراح يوم السبت، واعتبروا أنه فقير، وهذا ما ورد به قوله تعالى: (إِنَّ اللَّـهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ).
- التشبيه، وهو وصف صفات الله تعالى بصفات مخلوقاته، مثل القول بأن يد الله كيد البشر.
- جحد معاني الأسماء الحسنى وحقائقها، كشأن الجهمية الذين اعتقدوا أنها أسماء بلا معاني.
- تسمية الأوثان بأسماء الله، كالعزّى التي يُراد بها العزيز.
- تسمية الله تعالى بأسماء لا تليق به، مثل تسميته بالأب من قِبل النصارى.