قصيدة الحب لا يمنع الكلام الألسُن
الحب لا يمنع الكلام الألسُن
وَأَلَذّ شَكوى عاشِقٍ ما أعلَنَا
ليتَ الحبيبَ الهاجري هجرَ الكرى
مِن غَيرِ جُرمٍ واصِلِي صِلَةَ الضّنَا
بِنّا فَلَو حَلَّيتَنا لم تَدرِ ما
ألوانُنا مما اِمتُقِعَنَ تَلوُّنَا
وَتَوَقَّدَت أنفاسُنا حتى لقَد
أشفَقتُ تَحتَرِقُ العَاوِذِلُ بينَنا
أفدي المُودِعةَ التي أتبعتُها
نظَراً فُرادى بينَ زَفراتٍ ثُنَا
أَنكرْتُ طارِقَةَ الحَوَادِثِ مرَّةً
ثُمَّ اعترَفتُ بِها فصارَت دَيدَنا
وقَطَعتُ في الدُنْيا الفَلا ورَكائِبي
فيها وَوقتيَّ الضحى والمَوهِنَا
وَوَقَفتُ مِنها حَيثُ أوقَفَني النَدَى
وَبَلَغتُ مِن بَدْرِ ابنِ عَمّارِ المُنَا
لِأبي الحُسَينِ جَدٍّ يضيقُ وعاؤهُ
عنهُ ولَو كانَ الوِعاءُ الأزْمَنَا
وشَجاعَةٌ أغناهُ عَنْها ذِكرُها
وَنَهى الجَبانَ حديثُها أن يَجُبَنا
نيطَت حَمائِلُهُ بعاتِقِ مِحرَابٍ
ما كرَّ قَطُّ وَهَل يَكُرُّ وما انثَنى
فَكَأَنَّهُ والطَّعْنُ مِن قُدّامِهِ
مُتَخَوِّفٌ مِن خَلْفِهِ أن يُطعَنا
نَفَتِ التَوَهُّمَ عنهُ حِدَةُ ذِهنِهِ
فَقَضَى على غَيبِ الأمور تَيَقُّنَا
يَتَفَزَّعُ الجَبّارُ مِن بَغَتاتِهِ
فَيَظلُّ في خَلَواتِهِ مُتَكَفِّنا
أمضى إرادَتَهُ فسوفَ له قدٌ
واِستَقرَبَ الأقصى فثَمَّ له هُنا
يَجِدُ الحديدَ على بضاضةِ جلدِهِ
ثوباً أَخَفَّ مِنَ الحَريرِ وَأَلِينَا
وَأَمَرُّ مِن فَقْدِ الأَحبّةِ عندَهُ
فَقْدُ السُيوفِ الفاقِداتِ الأَجفُنا
لا يَستَكِنُّ الرُّعبُ بَينَ ضُلوعِهِ
يَوماً وَلا الإحسانُ أن لا يُحسِنَا
مستنبِطٌ مِن علمِهِ ما في غَدٍ
فكَأَنَّ ما سيكون فيه دَوِّينا
تَتقاصَرُ الأفهامُ عن إدراكهِ
مِثلَ الذي الأفلاكُ فيهِ والدُنَا
مَن ليسَ من قَتلاهُ من طُلَقائِهِ
مَن ليسَ مِمَّن دانَ مِمَّن حُيِّنا
لَمّا قَفَلْتَ مِنَ السَواحِلِ نحونا
قَفَلَت إلَيها وَحشةٌ مِن عندِنا
أَرِجَ الطريقُ فما مَرَرتَ بمَوضعٍ
إلّا أَقامَ بِهِ الشّذا مُستوطِناً
لَو تَعقَلُ الشَجرَ الّتي قابَلْتَها
مدَّت مُحَييَةً إليكَ الأغصانَ
سَلَكَت تَماثيلَ القُبابِ الجِنُّ مِن
شَوقٍ بِها فَأدَرْنَ فيكَ الأعيُنَا
طَرِبَت مَراكِبُنا فَخَلِنا أنَّها
لَولا حَياءٌ عاقَها رَقَصَتْ بِنا
أقبلتَ تَبسمُ والجِيادُ عَوابِسٌ
يَخبُنَ بالحَلَقِ المُضاعَفِ والقَنا
عَقَدَت سَنابِكُها عَلَيها عِثيَراً
لَو تَبْتَغي عُنقاً عَلَيْه أَمْكَنَا
والأَمْرُ أَمْرُكَ وَالْقُلُوبُ خَوافِقٌ
في مَوْقِفٍ بَيْنَ المَنِيَّةِ والمُنى
فَعَجِبتُ حَتّى ما عَجِبتُ مِنَ الظُبى
وَرَأَيتُ حَتّى ما رَأَيتُ مِنَ السَّنا
إِنّي أراكَ مِنَ المَكارِمِ عَسْكَراً
في عَسْكَرٍ ومنَ المَعالي مَعْدِنَا
فاَطِنَ الفؤادُ لِما أَتيتُ عَلى النّوى
وَلِما تَرَكتُ مَخاوفَةً أَن تَفْطِنَا
أَضحى فِراقُكَ لي عَلَيهِ عُقُوبَةً
لَيسَ الَّذي قاسَيتُ مِنْهُ هَيِّنَا
فَاِغفِرْ فِدىً لَكَ وَاحِبني مِن بَعدِها
لِتَخُصَّني بِعطِيَّةٍ مِنْها أَنا
وَانهَ المُشيرَ عَلَيْكَ فيّ بِضَلَةٍ
فَالحرُّ مُمتَحِنٌ بِأولادِ الزِّنا
وَإِذا الفَتى طَرَحَ الكَلامَ مُعَرِّضاً
في مَجلِسٍ أَخَذَ الكَلامَ اللَّذعَنا
ومَكايِدُ السُفَهاءِ واقِعَةٌ بِهِم
وعَدَاوَةُ الشُعَراءِ بِئسَ المُقتَنى
لُعِنَت مُقارَنَةُ اللّئيمِ فإنَّها
ضَيفٌ يَجِرُّ مِنَ النَدامَةِ ضيفَنا
غَضَبُ الحَسُودِ إِذا لَقيتُكَ راضياً
رُزءٌ أخَفُّ عَلَيَّ مِن أَن يُوزَنا
أَمسى الَّذي أَمسى بِرَبِّكَ كافِراً
مِن غَيرِنا مَعَنا بِفَضْلِكَ مُؤمِنًا
خَلَتِ البِلادُ مِنَ الغَزالَةِ لَيلَها
فَأَعاضَهاكَ اللَهُ كَي لا تَحزَنا
قصيدة وأحر قلباه ممن قلبه شَبم
وأحرَّ قلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ
ومَن بِجسمي وَحالِي عِندَهُ سَقَمُ
مالي أُكَتِّمُ حُبًّا قَد بَرَى جَسَدِي
وَتَدّعِي حُبَّ سَيفِ الدَّولَةِ الأُمَمُ
إن كانَ يجْمَعُنا حُبٌّ لِغُرَّتِهِ
فَلَيتَ أَنّا بِقَدرِ الحُبِّ نَقْتَسِمُ
قَد زُرتُهُ وَسُيوفُ الهِندِ مُغمَدَتٌ
وَقَد نَظَرتُ إِلَيهِ وَالسُّيوفُ دَمُ
فَكانَ أَحسَنَ خَلْقِ اللّهِ كُلِّهِمِ
وَكانَ أَحسَنَ ما في الأَحسَنِ الشِيَمُ
فَوتُ العَدُوِّ الَّذي يَمَّمتَهُ ظَفَرٌ
في طَيِّهِ أَسَفٌ في طَيِّهِ نِعَمُ
قَد نابَ عَنكَ شَديدُ الخَوفِ واقْتَصَنَت
لَكَ المَهابَةُ ما لا تَصنَعُ البُهَمُ
ألزَمتَ نَفسَكَ شَيئاً لَيسَ يَلزَمُها
أَن لا يُوارِيَهُم أَرْضٌ وَلَا عَلَمُ
أَكُلَّما رُمتَ جَيْشًا فَانثَنى هَرَبًا
تَصَرَّفَتْ بِكَ في آثارِهِ الهِمَمُ
عَلَيكَ هَزمُهُمُ في كُلِّ مُعتَرَكٍ
وَما عَلَيكَ بِهِمْ عارٌ إِذاِ انْهَزَموا
أَمَا تَرى ظَفَرًا حُلواً سِوى ظَفَرٍ
تَصافَحَتْ فيهِ بيضُ الهندِ وَالـلِمَمُ
يا أَعدَلَ النّاسِ إِلّا في مُعامَلَتي
فِيكَ الخِصامُ وَأَنتَ الخَصْمُ وَالحَكَمُ
أُعيذُها نَظَراتٍ مِنكَ صادِقَةً
أَن تَحسَبَ الشَّحمَ فيمَن شَحمُهُ وَرَمُ
وَما اُنْتِفاعُ أَخي الدُّنيا بِنَاظِرِهِ
إِذا استَوَتْ عِندَهُ الأَنفُرُ وَالظُلَمُ
أَنا الَّذي نَظَرَ الأَعْمَى إِلى أَدَبِي
وَأَسمَعَتْ كَلِماتي مَن بِهِ صَمَمُ
أَنامُ مِلءَ جُفوني عَنْ شَواردِها
وَيَسهَرُ الخَلْقُ جَرّاها وَيَختَصِمُ
وَجاهلٍ مَدَّهُ في جَهلِهِ ضَحِكي
حَتّى أَتَتْهُ يَدٌ فَرَّاسةٌ وَفَمُ
إِذا نَظَرتَ نُيوبَ اللَّيثِ بارِزَةً
فَلا تَظُنَّنَّ أَنَّ اللَّيثَ مُبتَسِمُ
وَمُهجَةٍ مَهْجَتي مِن هَمِّ صاحِبها
أَدرَكتُها بِجَوادٍ ظَهْرُهُ حَرَمُ
رِجلاهُ في الرَّكْضِ رِجلٌ وَاليَدَانِ يَدٌ
وَفِعلُهُ ما تُريدُ الكَفُّ وَالقَدَمُ
وَمُرهَفٍ سِرْتُ بَينَ الجَحفَلَينِ بِهِ
حَتّى ضَرَبتُ وَمَوْجُ المَوْتِ يَلتَطِمُ
فَالخَيلُ وَاللَّيلُ وَالبَيداءُ تَعْرِفُني
وَالسّيفُ وَالرِّمحُ وَالقِرطاسُ وَالقَلَمُ
صَحِبْتُ في الفَلَواتِ الوَحْشَ مُنفَرِدًا
حَتّى تَعَجَّبَ مِنّي القُورُ وَالأكَمُ
يا مَن يَعِزُّ عَلَيْنا أَنْ نُفَارِقَهُم
وِجدانُنا كُلَّ شَيْءٍ بَعْدَكُم عَدَمُ
ما كانَ أَخلَقَنا مِنكُم بِتَكرُمَةٍ
لَو أَنَّ أَمْرَكُمُ مِنْ أَمْرِنا أَمَمُ
إن كانَ سَرَّكُم ما قَالَ حاسِدُنا
فَما لِجُرحٍ إِذا أَرْضَاكُمُ أَلَمُ
وَبَيْنَنا لَو رَعَيْتُم ذاكَ مَعْرِفَةٌ
إِنَّ المَعارِفَ فِي أَهْلِ النُّهَى ذِمَمُ
كَم تطْلُبُونَ لَنا عَيْباً فَيُعْجِزُكُم
وَيَكرَهُ اللّهُ مَا تَأْتُونَ وَالكَرَمُ
مَا أَبعَدَ العَيبَ وَالنُّقصانَ عَنْ شَرَفي
أَنا الثُرَيّا وَذانِ الشَّيبُ وَالهَرَمُ
لَيتَ الغَمامَ الذي عِندي صَواعِقُهُ
يُزيلَهُنَّ إلى مَن عِندَهُ الدِيَمُ
أَرى النّوى تَقتَضيني كُلَّ مَرحَلَةٍ
لا تَستَقِلُّ بِها الوَخّادَةُ الرُّسُمُ
لَئِن تَرَكْنَ ضُمَيْراً عَنْ مَيامِينِنا
لَيحدُثَنَّ لِمَن وَدَّعْتُهُم نَدَمُ
إِذا تَرَحَّلْتَ عَنْ قَوْمٍ وَقَد قَدَروا
أَنْ لا تُفَارِقَهُم فَالراحِلونَ هُمُ
شَرُّ البِلادِ مَكانٌ لا صديقَ بِهِ
وَشَرُّ ما يَكَسِبُ الإِنسانُ ما يَصِمُ
وَشَرُّ ما قَنَصَتْهُ راحَتي قَنَصٌ
شُهبُ البُزاةِ سَواءٌ فيهِ وَالرَّخَمُ
بِأَيِّ لَفْظٍ تقولُ الشِّعرَ زِعَنْفَةٌ
تَجُوزُ عِندَكَ لا عُرْبٌ وَلا عَجَمُ
هَذَا عِتابُكَ إِلّا أَنَّهُ مِقَةٌ
قَد ضُمِّنَ الدُّرَّ إِلّا أَنَّهُ كَلِمُ
قصيدة أتظعن يا قلب مع من ظعن
أتظعَنُ يا قَلْبُ مع من ظعَنْ
حَبيبَينِ أندُبُ نَفْسِي إذَنْ
ولم لا أُصابُ وحَرْبُ البَسْو
سِبَيْنَ جِفوني وبَيْنَ الوسَن
وهل أنا بعدَكُم عائشٌ
وقد بَنتَ عنّي وبانَ السَّكَن
فدى ذلكَ الوجهِ بَدْرُ الدجَى
وذاكَ التَّثُنّي تَثُنّي الغُصُن
فما للفراق وما للجميع
وما للرياح وما للدِّمَن
كَأنْ لم يكن بعدَ أن كَانَ لي
كَمَا كانَ لي بعدَ أَنْ لم يَكُن
ولم يُسْقِني الرَّاحَ مَمْزُوجَةً
بِماءِ اللِّثَى لا بِلَ ماءِ المُزن
لَها لونُ خَدَّيهِ في كفِّه
وَرِيحُكَ يا أَحْمَدَ ابنَ الحَسَن
ألَم يُلفِكَ الشَّرَفُ اليَعْرُبِيُّ
وَأنتَ غريبَةُ أهْلِ الزَّمَن
كَأنَّ المحاسِنَ غارَتْ عَلَيْكَ
فَسَلَّتْ لدَيكَ سُيوفَ الفِتَن
لذِكْرِكَ أطيبُ من نشْرِها
ومَدْحُك أَحْلَى سَمَاعِ الأُذُن
فَلَم يَرَكَ النَّاسُ إِلّا غَنوّوا
بِرُؤْيَاكَ عَنْ قَوْلِ هذا ابنُ مَن
ولَو قُصِدَ الطِّفلُ مِن طَيِّئٍ
لشاركَ قاصِدُهُ في اللَّبَن
فما البَحْرُ في البَرِّ إِلّا نَداكَ
وما النَّاسُ في البَاسِ إِلّا اليمَن
قصيدة أغالب فيك الشوق والشوق أغلب
أُغالِبُ فيكَ الشَّوقَ والشَّوقُ أَغْلَبُ
وَأَعجَبُ مِن ذا الهجرِ والوَصلُ أَعجَبُ
أما تَغْلَطُ الأَيّامُ فيَّ بِأَن أَرى
بَغيضًا تُنائي أَو حَبيبًا تُقَرِّبُ
وَلِلَّهِ سَيري ما أَقَلَّ تَأِيَّةً
عَشِيَّةَ شَرْقِيَّ الحَدَلَى وغُرّبُ
عَشِيَّةَ أَحْفَى النَّاسِ بي مَنْ جَفَوتُهُ
وَأَهدَى الطَّريقَيْنِ اللتَيْ أَتَجَنّبُ
وَكَم لِظَلامِ اللَّيْلِ عِندَكَ مِن يَدٍ
تُخَبِّرُ أَنَّ المانَوِيَّةَ تَكذِبُ
وَقاكَ رَدَى الأَعداءِ تَسري إِلَيْهِمُ
وَزارَكَ فيهِ ذو الدّلالِ المُحَجَّبُ
وَيَوْمًا كَلَيلي العَاشِقينَ كَمَنتُهُ
أُراقِبُ فيهِ الشَّمْسَ أَيَّانَ تَغْرُبُ
وَعَيني إِلَى أُذُنَي أَغرَّ كَأَنَّهُ
مِنَ اللَّيلِ باقٍ بَينَ عَيْنَيْهِ كَوكَبُ
لَهُ فَضلَةٌ عَنْ جِسْمِهِ في إِهابِهِ
تَجيءُ على صَدرٍ رَحيبٍ وَتَذهَبُ
شَقَقتُ بِهِ الظَّلماءَ أُدني عِنانَهُ
فَيَطْغى وَأُرخيهِ مِراراً فَيَلْعَبُ
وَأَصرَعُ أيَّ الوَحْشِ قَفَّيْتُهُ بِهِ
وَأَنزِلُ عَنهُ مِثْلَهُ حِينَ أَرْكَبُ
وَما الخَيْلُ إِلّا كَالصَّديقِ قَلِيلَةٌ
وَإِن كَثُرَتْ في عَيْنِ مَن لا يُجَرِّبُ
إِذا لم تُشَاهِدْ غَيْرَ حُسْنِ شِياتِها
وَأَعضائِها فَالحُسْنُ عَنْكَ مُغَيَّبُ
لَحا اللّهُ ذي الدُّنيا مُناخاً لِراكِبٍ
فَكُلُّ بَعيدِ الهَمِّ فيها مُعَذَّبُ
أَلا لَيتَ شِعْري هَل أَقُولُ قَصيدَةً
فَلا أشتَكي فيها وَلا أَتَعَتَّبُ
وَبِي ما يَذُودُ الشِّعرَ عَنّي أَقُولُهُ
وَلَكِنَّ قَلْبِي يا اِبْنَةَ القَوْمِ قُلَّبُ
وَأَخلاقُ كافورٍ إِذا شِئْتُ مَدْحَهُ
وَإِن لَم أَشَأْ تُمَلّي عَلَيَّ وَأَكتُبُ
إِذا تَركَ الإِنسانُ أَهْلاً وَرائَهُ
وَيَمَمَّ كافوراً فَمَا يَتَغَرَّبُ
فَتىً يَمْلَأُ الأَفعالَ رَأْيًا وَحِكْمَةً
وَنادِرَةً أَحيانًا يَرْضَى وَيَغضَبُ
إِذا ضَرَبَتْ في الحَربِ بِالسَّيْفِ كَفُّهُ
تَبَيَّنتَ أَنَّ السَّيْفَ بِالكَفِّ يَضْرِبُ
تَزيدُ عَطاياهُ عَلَى اللَّبْثِ كَثْرَةً
وَتَلْبَثُ أَمْوَاهُ السَّحابِ فَتَنْضَبُ
أَبا المِسْكِ هَل في الكَأْسِ فَضْلٌ أَنَالُهُ
فَإِنّي أُغَنّي مُنذُ حِينَ وَتَشْرَبُ
وَهَبَتْ عَلَى مِقدارِ كَفّي زَمانِنا
وَنَفْسِي عَلَى مِقدارِ كَفَّيْكَ تَطلُبُ
إِذا لَم تَنُط بي ضَيعَةً أَو وِلَايَةً
فَجودُكَ يَكسوني وَشُغلُكَ يَسلُبُ
يُضاحِكُ في ذا العيدِ كُلٌ حَبيبَهُ
حِذائي وَأَبْكي مَن أُحِبُّ وَأَندُبُ
أَحِنُّ إِلَى أَهْلي وَأَهْوى لِقاءَهُم
وَأينَ مِن المشتاقِ عَنْقاءُ مُغْرِبٌ
فَإِن لَم يَكُن إِلّا أَبُ المِسْكِ أَو هُمُ
فَإِنَّكَ أَحْلَى فِي فُؤَادِي وَأَعْذَبُ
وَكُلُّ إمرئٍ يُولي الجَميلَ مُحَبَّبٌ
وَكُلُّ مَكانٍ يُنبِتُ العِزَّ طَيِّبُ
يُريِدُ بِكَ الحُسّادُ مَا اللّهُ دافِعٌ
وَسُمرُ العَوالي وَالْحَدِيدُ المُذَرَّبُ
وَدونَ الَّذي يَبغُونَ مَا لَو تَخَلَّصوا
إلى المَوْتِ مِنْهُ عِشْتَ وَالطِّفْلُ أَشْيَبُ
إِذا طَلَبُوا جَدّوكَ أَعطُوا وَحُكِّمُوا
وَإِن طَلَبُوا الفَضْلَ الَّذِي فِيكَ خُيِّبُوا
وَلَو جازَ أَنْ يَحُووا عُلاكَ وَهَبَتْها
وَلَكِن مِنَ الأَشياءِ مَا لَيْسَ يُوهَبُ
وَأَظلَمُ أَهْلِ الظُّلْمِ مَن باتَ حاسِدًا
لِمَن باتَ فِي نَعْمائِهِ يَتَقَلَّبُ
وَأَنتَ الَّذي رَبَّيْتَ ذا المُلكِ مُرْضِعًا
وَلَيْسَ لَهُ أُمٌّ سِواكَ وَلا أَبُ
وَكُنتَ لَهُ لَيْثَ العَرينِ لِشِبْلِهِ
وَمَا لَكَ إِلّا الهِنْدُوانِيَّ مِخْلَبُ
لَقِيتَ القَنا عَنْهُ بِنَفْسٍ كَرِيمَةٍ
إلى المَوْتِ فِي الهَيْجَا مِنَ العارِ تَهرُبُ
وَقَد يَتْرُكُ النَّفْسَ الَّتي لا تَهابُهُ
وَيَخْتَرِمُ النَّفْسَ الَّتي تَتَهَيَّبُ
وَما عَدِمَ اللَّاقوكَ بَأْسًا وَشِدَّةً
وَلَكِنَّ مَن لاقُوا أَشَدُّ وَأَنْجَبُ
ثَناهُم وَبَرْقُ البيضِ فِي البيضِ صادِقٌ
عَلَيْهِم وَبَرْقُ البَيضِ فِي البيضِ خُلَّبُ
سَلَّتْ سُيوفًا عَلَّمَت كُلَّ خاطِبٍ
عَلى كُلِّ عودٍ كَيْفَ يَدْعُو وَيَخطُبُ
وَيُغنيكَ عَمَّا يَنْسُبُ النَّاسُ أَنَّهُ
إِلَيْكَ تَناهَى المَكْرُمَاتُ وَتُنسَبُ
وَأَيُّ قَبيلٍ يَستَحِفُّكَ قَدْرُهُ
مَعَدُّ بنُ عَدْنانَ فِداءٌ وَيَعْرُبُ
وَمَا طَرَبِي لَمّا رَأَيْتُكَ بِدَعَةً
لَقَد كُنتُ أَرجُو أَنْ أَراكَ فَأَطْرَبُ
وَتَعذِلُني فِيكَ القَوَافِي وَهِمَّتي
كَأَنِّي بِمَدْحٍ قَبْلَ مَدْحِكَ مُذْنِبُ
وَلَكِنَّهُ طالَ الطَّرِيقُ وَلَم أَزَلْ
أُفَتِّشُ عَنْ هَذا الكَلامِ وَيُنْهَبُ
فَشَارَقَ حَتّى لَيْسَ لِلشَّرقِ مَشرِقٌ
وَغَرَّبَ حَتّى لَيْسَ لِلغَرْبِ مَغْرِبٌ
إِذا قُلتُهُ لَم يَمْتَنِعْ مِن وَصُولِهِ
جِدارٌ مُعَلّى أَو خِباءٌ مُطَنَّبُ