قصيدة مساء الخير يا قمرا
يقول الشاعر حسين أحمد النجمي:
مساء الخير يا قمراً
على آفاقنا يظهرْ
مساء الخير يا أجمل
من الدرّاق والسكرْ
ويا أغلى من الياقوت
والمرجان والأصفرْ
ويا من فوق أهدابي
وبين جوانحي تسهرْ
أحلام السحر في عينيك
أم في هدوء بحاركْ
مساء الخير يا زهراً
يلون دربي الأخضرْ
مساء الند والأطياب
والكافور والعنبرْ
مساء الشوق والأنغام
والأشعار والمزهرْ
فأنت من الضوء أبهى
وأنت من العطر أعطرْ
وأنت على مرايا الليل
تمثالٌ من المرمرْ
يطل الكحل من عينيكِ
يغرق طرفكِ الأحورْ
ينام الشعر في خديكِ
يلثم لونها الأحمرْ
ويخط فيك قصائد
بقصة حبنا تذكرْ
يخلدها وينقشها
بصفحة صدره الأسمرْ
وينشرها على العالم
ويخفي سرها الأكبرْ
مساء الشعر يا نغماً
على قيثارتي يسحرْ
ويا من صوتها الفاتن
من همس الشذا أسمعْ
حبيبة عمري القادمة
تعالي نزرع النخيلْ
قصيدة المساء الأخير
يقول الشاعر بدر شاكر السياب:
برب الحب يا شمس لا تتعجلي
لعلي أراها قبل ساعة الرحيل
سرت فشرق الغرب يرحب بك باسمًا
طروبًا وأفق الشرق يظهر الخضوع
كأن السنا حين اعتلى الأرض وارتفع
رؤوس الروابي والنخيل المائل
أحاسيس أودعها الفؤاد وصانها
زمنًا ففاضت من عيون ومقل
وصفصافة مخضوبة الرأس بالسنا
تلوح كعذراء من الريف أتت
إلى جرتها من وادي الماء سلسل
نعنى بالنهار إذ يؤذن
وقد كان ينعي لي قلبي وماملي
تمنيت لو لا يسمع الصوت أخرسًا
تمنيت لو يهوي إلى الأرض من عل
هل سمع من يستمعونه
بأشلاء قلب في صدري مقتول
هل نثرت من تحت أقدامه آلام
حجارة ذاك المسجد المتبتل
عصافير الربى زفرتها حين غادرت
كأن بعصافيرها كانت نهايتي
رأيت بها زمنًا مجنحًا
فأبغضت أشباه العدو المختبئ
كأني به عندما يمد جناحه
يمد لأكباد الناس حد السيف
ألا ليت عمر اليوم يزداد ساعة
ليزداد عمر الوصل نظرة متعجلة
قصيدة مساء
يقول نزار قباني:
قفي كستنائية الخصلات معي في صلاة المساء التائبة على كتف القرية الهادئة ويرسم فوق قراميدها قفي وانظري ما أُحب ذراعا وأسخى أناملها الواهبة وترسو على الأنجم الغاربة على كرز الأفق قام المساء وتشرين شهر مواعيدنا يلوح بالديم الساكبة تنادي عصافيرها الهاربة وفضلات قشٍ وعطرٌ وجيعٌ شحوبٌ شحوبٌ على مد عيني وشمس كأمنيةٍ خائبة بيادر كانت في الصيف مليئة تنادي عصافيرها الهاربة وفضلات قشٍ وعطرٌ وجيعٌ وصوت سنونوةٍ ذاهبة شحوبٌ شحوبٌ على مد عيني وشمس كأمنيةٍ خائبة
قصيدة أيها البعيد كمنارة
تقول الشاعرة غادة السمان:
وأصرخ بكل صمتي أحبك وأنت وحدك ستسمعني من خلف كل تلك الأسوار أصرخ وأناديك بملء صمتي فالمساء حين لا أسمع صوتكم مجزرة الليل حين لا تتعلق في شبكة أحلامي شهقة احتضار واحدة المساء وأنت بعيد هكذا وأنا أقف على عتبة القلق والمسافة بيني وبين لقائك جسر من الليل لم يعد بوسعي أن أطوي الليالي بدونك لم يعد بوسعي أن أتابع تحريض الزمن البارد
قصيدة ويمضي المساء على جفن درب
يقول الشاعر فاروق جويدة:
ويمضي المساء على جفن درب تركناه يومًا لكأس القدر تعربد فيه ليالي الصقيع وحل الشتاء وموت الزهر وتمضي الحياة على وجنتيه كحلم تعثر ثم انتحرفوق المقاعد عهد قديم وأصداء نشوى وطيف عبرو ويبكي الطريق على الراحلين على من مضى أو جفا أو غدر ويمضي المساء على جفن درب إدراكًا بدفء كشمس الشتاء رأينا على شاطئيه الأمان وحلمًا يداعبنا في الخفاء وفي الدرب عشنا ربيع الأمان سكارى نعانق فيها السماء شدونا نشيد الهوى للحيارى وفي الحب تحلو ليالي الغناء عدنا إلى الدرب بعد الرحيل لنرثي عليه بقايا لقاء
قصيدة من عذيري من الذي يبكيني
يقول الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:
عم مساءً لا بل تمهل قليلاً
تعست ساعة الفراق الطحون
لشجيني بمن يحيى ويمضي
فارغ القلب لا يحس شجوني
زدتني فتنةً وليس جميلاً
من هجران والهٍ مفتون
حاجة النفس كلها ومني النفس
س جميعاً في سحر هذه الجفون
أتراني ألذ شيئاً إذا ما
غبت عن ناظري وقلبي الحزين
إنما يحسن المساء ويحلو
بك فاقعد أولاً وهذي يميني
قد ظفرنا من اللقاء بحظٍّ
فاقض حظي من الفراق الشطون
حسبي الله في كفاية ما يع
تادني منك وهو خير معين
قصيدة هي في المساء
يقول محمود درويش:
هي في المساء وحيدةٌ، وأنا وحيدٌ مثلها.. بيني وبين شموعها في المطعم الشتوي طاولتان فارغتان (لا شيء يُعكر صمتَنا) هي لا تراني، إذ أراها حين تقطف وردةً من صدرها وأنا كذلك لا أراها، إذ تراني حين أرشف من نبيذي قبلةً.. هي لا تُفَتِّتُ خبزها وأنا كذلك لا أريق الماء فوق الشرشف الورقي (لا شيءٌ يكدِّر صفوَنا) هي وحدها، وأنا أمامَ جمالها وحدي. لماذا لا تُوحِّدُنا الهَشَاشَةُ؟ قلت في نفسي لماذا لا أذوقُ نبيذَها؟ هي لا تراني، إذ أراها حين ترفع ساقَها عن ساقها.. وأنا كذلك لا أراها، إذ تراني حين أخلَعُ معطفي.. لا شيء يزعجها معي لا شيء يزعجني، فنحن الآن منسجمان في النسيان.. كان عشاؤنا، كل على حدة، شهيّاً كان صوت الليل أزْرقَ لم أكن وحدي، ولا هي وحدها كنا معاً نصغي إلى البللر [لا شيءٌ يُكَسِّرُ ليلنا] هي لا تقول: الحبُّ يُولَدُ كائناً حيّا ويُمْسِي فِكْرَةً. وأنا كذلك لا أقول: الحب أَمسى فكرةً لكنه يبدو كذلك..
قصيدة ذلك المَساء
تقول الشاعرة بيان الصفدي:
ذلك المَساء.. مساءٌ بنافذةٍ مَفتوحة.. بأريكةٍ طويلة وقهوةٍ تعبقُ على شفتين مساءٌ من ألَق، لأنَّكِ مُعلَّقة كَنجمَةْ على صدرهِ وعَلى صَدري كَصليبْ ذلكَ المساء.. يعودُ إليَّ دائماً يَدكُ كأنَّها الآن تَرتَعِشُ في يَدي، اندفاقُكِ المُفاجِئ عَلى رمال يُعريك الَّذي سَال نَحوي، راحَ يَكسوني قِطعةً قِطعةْ يعبث بأشلائي ذَلك المساء.. انبعثَ في الهَواء دُخانُ روحيروحي الَّتي لامَستْ عَريكِ المَسلَّط عليَّ كضوءِ منارةٍ بحريةْ مساءٌ بعيد.. بشفَتين محمومَتين تُحيطانِ بقَلبي كَقِلادة مِن نَار
قصيدة سيدُ الوَقتِ هَذا المَساءْ
يقول عبد القادر مكاريا:
سيدُ الوَقتِ هَذا المَساءْ الَّذي كانَ يَجمعنا ويُفرقنا الآن! سيَّدةُ العَقباتِ عَلى دَربِنا هذهِ المُعضلة كانَ يمكنُ في غَيرِ هَذا الزَّمان وهَذا المَكان أنْ نُقرِّرَ غيرَ الَّذي قرَّرتهُ لنَا هذهِ اللَّحظةُ الفاصِلة جرَّدتنا التفاتَةُ هَذا المَساءِ مِن الوَقتِ… مِن لحظةِ البوح مِن حِدَّةِ اللَّوم… مِن أيِّ أمر نُعلِقُ في شَمعدانِه خَيبتَنا وحدهُ القَلبُ يملكُ كلَّ الحَقائق:
قصيدة حينما يأتي المساء
يقول عبده صالح:
حينما يأتي المساء طويلاً كالمساء حينما تغزو الشوارع تراتيل الشتاء وتصبح المدينة بلا مدينة حينها أذكر كل القصص القديمة والذكريات القديمة وكل الماضي بأحزانه وجروح قديمة تتملكني أشعر كل آلامه الآن.. أصوات غريبة تحاصرني.. تلاحقني.. أتذكرها وأتذكرني فأغوص في أحلامٍ بعيدة جداً فتوقظني رائحة الأرض المبتلة والأرصفة الحمقاء حينما يأتي المساء أرى كل العيون الذابلة والوجوه الذابلة وكل المشاعر المصنوعة أرى كل الطرق مقطوعة وأراني فكر شارد وطريق جارح ومصير بغير ملامح وأراكِ قريبة جداً وبعيدة جداً وجميلة جداً كنجمة ساكنة في كبد السماء حينما يأتي المساء