قصيدة شيزوفرينيا
تجمعني بك علاقة حب معقدة، لا أفكر في مواجهتها أو الاحتجاج عليها. فالحب العميق غالباً ما يكون عشقاً صعباً. ليس صحيحاً أنه يأتي إلينا على عربة تجرها الملائكة، وليس صحيحاً أننا نجد الحب مختبئاً كالقمر بين شراشفنا أو كعلامة زرقاء تحت خاصرتنا اليسرى. إنه كلمات لم تتعلم بعد كل التفاصيل، ذهباً وبهاراً هندياً.
بينما بيننا، توجد كهنة وعرافون وفناجين قهوة لم تُفسر بعد، وعلامات حب قادم تُشبه إشارات يوم القيامة. هناك نبوءات عن أنهار ستفيض وكنوز ستتألق، وأطفال سيغادرون كل صباح إلى مدرسة البنفسج. تجمعنا حالة طقس رمادي يميل إلى المطر، وأنا أشتاق إليك تحت المطر وبعده، أرغب في أعشاب البراري.
بينك وبينك يوجد شعراً لم أكتبه بعد، ونبوءة لم أُبشر بها الناس، وحالة من الانخطاف تجعلني سيد الدراويش. بيننا أسئلة لا أريد لها أن تُجاب، وتناقضات جميلة ليست في مصلحة الحب أن تنتهي، وخصومات طفولية ليس من مصلحة الشعر أن تحسم. هناك عادات صغيرة تتسلق على رفوف الكتب وورق الجدران، وتترسب مع البن في فناجين القهوة.
بيننا فضيحة غير معلنة وزلازل مجهولة التوقيت، وجريمة عشق قد تحدث في أي لحظة. هناك شوارع نصف مضيئة وقطارات ليلية أسمع صفيرها دون أن أراها، وأهذي في نومي. بينك وبيني بلاد من العطش ومُنحرفون شعرياً وجنسياً يرفضون أنوثتك كما يرفضون قصائدي. هناك طغاة ومخبرون ومراكز قوى وشركات مساهمة ضد الحب والثورة والكتابة.
بيننا نساء يبعن أساورهن ويقطعن أيديهن من أجل الشعر. مجتمع من الصيارفة لا يمكن اختراقه، ومجتمع من البطاركة لا يعترف حتى الآن بشرعية عينيك. يوجد فقهاء ومجتهدون ومفسرون قرروا بالإجماع سفك دماء وشطب شعري من مناهج وزارة التربية حتى لا تتكحل به بنات القبيلة.
قصيدة قارئة الفنجان
جلست والخوف في عينيها تتأمل فنجاني المقلوب، وقالت: يا ولدي، لا تحزن، فالحب عليك هو المكتوب. يا ولدي، قد مات شهيداً من مات على دين المحبوب. فنجانك دنيا مرعبة، وحياتك أسفار وحروب. ستُحب كثيراً يا ولدي وتموت كثيراً، وستعشق كل نساء الأرض، وترجع كالملك المغلوب.
في حياتك يا ولدي امرأة عيناها، سبحان المعبود، وفمها مرسوم كالعرقود، وضحكتها موسيقى وورود. لكن سماءك ممطرة، وطريقك مسدود، فالحبيبة نائمة في قصر مرصود. القصر كبير يا ولدي وكلاب تحرسه، وجنود، وأميرة قلبك نائمة… من يدخل حجرتها مفقود.
من يطلب يدها أو يقترب من حديقة سورها، مفقود. من حاول فك ضفائرها… يا ولدي، مفقود. بصّرت ونجّمت كثيراً، لكنني لم أقرأ أبداً فنجاناً يشبه فنجانك. لم أعرف أبداً يا ولدي أحزاناً تشبه أحزانكم. مقدورك أن تمشي أبداً في الحب… على حد الخنجر، وتظل وحيداً كالأصداف، وتظل حزيناً كالصفصاف.
مقدورك أن تمضي أبداً في بحر الحب بلا قلاع، وتحب ملايين المرات… وترجع كالملك المخلوع.
قصيدة حبيبتي هي القانون
أيتها الأنثى التي في صوتك تلتقي الفضة بالنبيذ والأمطار، ومن مرايا ركبتيك يشرق النهار ويستعد العمر للإبحار. أيتها الأنثى التي يُختلط البحر بعينيها مع الزيتون ويكونان ورقتين عشاقيتين، أجدني ربما مشاغباً أو فوضوي الفكر أو مجنون.
إن كنت مجنوناً… وهذا ممكن، فأنت يا سيدتي مسؤولة عن ذلك الجنون. أو كنت ملعونا، وهذا ممكن، فكل من يمارس الحب بلا إذن في العالم الثالث، يا سيدتي ملعون. فسامحيني مرة واحدة إن خرجت عن حرفية القانون، ماذا أعمل يا ريحانتي؟ إن كانت كل امرأة أحببتها أصبحت هي القانون.
قصيدة أحبك جداً
أحبك جداً، وأعرف أن الطريق إلى المستحيل طويل، وأعرف أنك ست النساء وليس لدي بديل. وأعرف أن زمان الحنين انتهى ومات الكلام الجميل. أنت ست النساء، فماذا نقول؟ أحبك جداً.
أحبك جداً… وأعرف أني أعيش بمنفى وأنت في منفى، وبيننا ريح وغيم وبرق ورعد وثلج ونار. وأعرف أن الوصول إلى عينيك وهم، وأعرف أن الوصول إليك انتحار. ويسعدني أن أمزق نفسي لأجلك أيتها الغالية.
ولو خيروني لكررت حبك للمرة الثانية، يا من غزلت قميصك من ورقات الشجر، يا من حميتك بالصبر من قطرات المطر. أحبك جداً، وأعرف أني أسافر في بحر عينيك دون يقين، وأترك عقلي ورائي وأركض، أركض، أركض خلف جنوني.
أيا امرأة تمسك القلب بين يديها، سألتك بالله لا تتركيني، لا تتركيني، فماذا أكون أنا إن لم تكوني؟ أحبك جداً وجداً وجداً، وأرفض من نار حبك أن أستقيلا. وهل يستطيع المتيم بالعشق أن يستقل؟ وما همني إن خرجت من الحب حيا، وما همني إن خرجت قتيلا.