تعتبر أعراض الهلع الجسدية من أبرز العلامات التي تظهر على المريض عندما يواجه نوبة هلع. يعود السبب في ذلك إلى حالة من القلق والتوتر التي يتعرض لها الشخص نتيجة التعامل مع مواقف مختلفة ومتعددة.
في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل الأعراض الجسدية للهلع، وطرق التعامل مع نوبات الهلع، بالإضافة إلى استراتيجيات معالجة تلك النوبات.
أعراض الهلع الجسدية
تتنوع أعراض الهلع الجسدية وتؤثر سلبًا على صحة الفرد ونمط حياته. من بين هذه الأعراض:
التأثير على الجهاز التنفسي
يؤدي التعرض لنوبة هلع إلى تغيير في نمط التنفس الطبيعي، مما يتسبب في درجة عالية من قلق الشخص وزيادة سرعة ضربات القلب.
في هذه المرحلة، يبدأ المريض بالتنفس بشكل سطحي وسريع بدلاً من استنشاق أنفاس عميقة تملأ الرئتين، مما يؤدي إلى زيادة معدل التنفس وانخفاض مستويات غاز ثاني أكسيد الكربون في الدم. ويمكن وصف هذه الحالة بفرط التهوية.
تشمل تأثيرات فرط التهوية آلامًا في الصدر، شعورًا بالتنميل، بالإضافة إلى جفاف في الفم، وقد يصاحب ذلك أيضًا دوخة وضعف عام.
التأثير على القلب والأوعية الدموية
تشير الدراسات إلى أن النساء اللواتي تعرضن لنوبات هلع مسبقًا هن أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية.
بالإضافة إلى التأثير السلبي لنوبات الهلع على الدورة الدموية، فإنها تزيد من احتمال تعرض المرأة لأمراض قلبية أيضاً.
تؤدي نوبة الهلع إلى تسريع ضربات القلب وزيادة تدفق الدم إلى عضلات الجسم، نتيجة للارتفاع الحاد في هرمون الأدرينالين.
من أجل الحفاظ على تدفق الدم، تضيق الأوعية الدموية، مما ينتج عنه ارتفاع في درجة حرارة الجسم، ويقوم الجسم بإفراز العرق لتقليل الحرارة، مما قد يؤدي إلى شعور الشخص بالبرودة.
تأثير نوبات الهلع على جهاز المناعة
يعد الجهاز المناعي خط الدفاع الرئيسي للجسم ضد الفيروسات والبكتيريا. ووفقًا للأبحاث، فإن التعرض المتكرر لنوبات الهلع يمكن أن يؤدي إلى ضعف في فعالية الجهاز المناعي.
فمن خلال نوبات الهلع، يشعر الشخص بالتوتر، مما يسبب إفراز هرمون الكورتيزول، المعروف بهرمون التوتر، الذي يضعف من كفاءة الأجسام المضادة مثل كرات الدم البيضاء والخلايا الليمفاوية التائية، مما يضعف الجهاز المناعي بشكل عام.
تأثير نوبات الهلع على الجهاز الهضمي
هناك العديد من التأثيرات السلبية على الجهاز الهضمي نتيجة نوبة الهلع، منها:
- تبدأ مشكلات الجهاز الهضمي في المخ، حيث يؤدي الشعور بالخطر أثناء نوبة الهلع إلى تحفيز استجابة القتال أو الهرب.
- تتطلب هذه الاستجابة موارد عديدة، مما يجعل الدماغ يقرر تقليل عمل العضلات غير الضرورية مثل تلك المسؤولة عن عملية الهضم.
- تقلل نوبات الهلع من مستوى الناقلات العصبية، مثل السيروتونين، المساهمة في تحسين المزاج.
- هذا الانخفاض يؤثر على القناة الهضمية ويؤدي إلى مشكلات هضمية، مثل متلازمة القولون العصبي.
تأثير نوبات الهلع على المدى البعيد
قد تنتج بعض المشكلات على المدى الطويل نتيجة نوبات الهلع، ومنها:
- شعور الفرد بالاكتئاب وحالة من الحزن.
- وجود مشكلات هضمية متعددة.
- الشعور بآلام مزمنة.
- الأرق وصعوبات في النوم.
- ظهور مشكلات في الحياة الاجتماعية أو في العمل أو الدراسة.
- فقدان الاهتمام بالعلاقات الزوجية.
- ظهور أفكار انتحارية.
- الرغبة في تعاطي المواد المخدرة.
كيفية التعامل مع نوبات الهلع
إذا واجه المريض أو شخص قريب منه نوبة هلع، من المهم اتخاذ بعض الخطوات لتهدئته واستعادة شعوره بالهدوء:
التنفس
عندما يعاني الشخص من نوبة هلع، يجب عليه اللجوء إلى التنفس البطيء والعميق. حيث أن التنفس السريع قد يؤدي إلى تفاقم الحالة ويزيد الشعور بالذعر.
لذا، من الضروري تشجيع الشخص على التنفس بشكل هادئ ومريح.
التوجه إلى مكان آمن
يتعين على الشخص الابتعاد إلى مكان هادئ وآمن خالٍ من الضوضاء والأشخاص حتى تمر نوبة الهلع. من المهم عدم الضغط على المريض بعبارات مثل “اهدأ” أو “لا تبالغ”، حيث قد يؤدي ذلك إلى تفاقم الوضع.
عدم لمس المريض
من الأهمية بمكان تجنب لمس المريض أو محاولة حمله. على الرغم من ضرورة وجود شخص بجانبه، يجب عرض ذلك عليه بلطف قبل التفاعل الجسدي.
الالتزام بتناول الدواء
إذا كانت نوبات الهلع متكررة ولأن المريض قد يفوت تناول أدويته، من الواجب التأكد من إعطائه الدواء المضاد للقلق أو البخاخ المتعلق بصعوبة التنفس.
تجنب تناول الطعام
أثناء نوبة الهلع، قد يحاول الآخرون إطعام المصاب، ولكن من المهم أن نعلم أن الرغبة في التقيؤ تزداد عندما يتعرض الشخص لنوبة هلع، لذا يجب التركيز على تهدئته بدلاً من تقديم الطعام.
كيفية علاج نوبات الهلع؟
يمكن تخفيف أعراض نوبات الهلع عبر عدة طرق، منها:
العلاج الدوائي
يصف الطبيب مجموعة من الأدوية التي تساعد في تخفيف الأعراض المرتبطة بنوبات الهلع، حيث تعمل تلك الأدوية على زيادة مستويات الهرمونات المساعدة على الاسترخاء وتخفيف القلق.
تتعدد الأنواع وقد يبدأ الطبيب بجرعة منخفضة، ومن ثم يتم تعديل الجرعة بناءً على استجابة المريض. قد تمتد فترة العلاج لنحو سنة أو أقل، بحسب ما يحدد الطبيب.
العلاج النفسي
من أنواع العلاج النفسي المهمة التي يتلقاها المريض هو العلاج السلوكي المعرفي، والذي يهدف إلى تعديل الأفكار غير الصحيحة المتعلقة بنوبات الهلع والقلق.
يعمل الطبيب على مساعدة المريض في التعامل مع أعراض الهلع عند ظهورها، دون تصعيد مشاعر الخوف والقلق.
يقوم الطبيب أيضًا بتحديد المحفزات التي تؤدي إلى نوبات الهلع، مما يمكن المريض من تجنبها. كما يُنصح المريض بممارسة الأنشطة التي يخشى فعلها، مثل التسوق أو ركوب السيارة، ضمن أجواء مهيئة للتدريب.
بمجرد أن ينجح المريض في القيام بمهمات بسيطة، يتم تدريبه على مهام أكثر تعقيدًا لبناء ثقته بنفسه.