تعدّ مسألة القضاء والقدر من المواضيع الأساسية التي يتوجب على كل مسلم فهمها، حيث أن الإيمان بالقضاء والقدر يُعتبر من أركان الإيمان الإسلامي، وهي لا تقل أهمية عن سائر العبادات مثل الصلاة والصوم والزكاة والحج. يجب على كل مسلم استيعاب هذا المفهوم والاعتقاد به، سواء كان هذا الأمر خيراً أو شراً.
القضاء والقدر
- القضاء في اللغة يعني الحكم.
- أما في الإسلام، فيشير القضاء إلى ما قدّره الله من أمور لا يمكن للإنسان الهروب منها.
- يعكس هذا أن قضاء الله هو ما يصدر من مشيئته، وعليه يجب على الإنسان الالتزام به وتنفيذه.
- وفي سياق القدر، يُفهم على أنه المقدار أو حدّ الشيء، ويعود أصله إلى الفعل “قدّر” بمعنى بلغ.
- كما يشير القدر إلى ما يحدث للإنسان من أحداث بناءً على مشيئة الله خلال حياته.
الفارق بين القضاء والقدر
- هناك إجماع بين علماء الفقه على أن القضاء والقدر يحملان معاني مختلفة.
- فالقضاء يمثل الأحكام المقررة من الله منذ الأزل، بينما القدر يعبر عن التفاصيل التي تؤدي إلى تحقيق هذه الأحكام.
- على سبيل المثال، فإن قضاء الله يقتضي موت كل مخلوق، وهذه حقيقة ثابتة.
- من جانب آخر، يرى بعض العلماء أنه لا يوجد فرق بين القضاء والقدر، حيث يعتبرونهما تعبيران عن مفهوم واحد.
مكانة القضاء والقدر في الشريعة الإسلامية
- يحتل الإيمان بالقضاء والقدر منزلة عظيمة في الشريعة الإسلامية.
- إنه أحد أركان الإيمان، ويجب أن يؤمن المسلم به إيماناً كاملاً وفق مشيئة الله.
- فقد جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الإيمان، فأجابه أن من مقتضيات الإيمان الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، ومن ضمن ذلك الإيمان بالقدر خيره وشره.
- إن هذا يبرز الأهمية العظيمة للقضاء والقدر، وقد ورد في القرآن الكريم “وأن كل شيء خلقناه بقدر” حيث يُعتبر هذا القدر خيراً للبشر.
أمثلة على القضاء والقدر
- روى أبو بكر رضي الله عنه: “خلق الله الخلق، وكانوا في قبضته، فقال لمن في يمينه: ادخلوا الجنة، وقال لمن في يده الأخرى: ادخلوا النار، ولم أبالي” حتى آتي يوم القيامة.
- عندما خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشام، بالغ في اتخاذ الحيطة حين علم بوجود الطاعون في تلك المنطقة، واستشار الصحابة الذين معه.
- وبعدما اختلف الرأي، استحضر عبد الرحمن بن عوف رواية عن النبي تؤكد على عدم التوجه إلى المكان الذي بُشّر بوجود الوباء فيه.
- ثم خطب عمر الصحابة لتفسير سبب قرارهم بالانسحاب من الشام مستنداً إلى الإرشادات التي تلقاها.
- في هذا السياق، كانت هناك مناقشات مع النصارى حول مفهوم الضلال الذي يُعتبر جزءًا من القدر.
أمثلة إضافية على القضاء والقدر
- كانت هناك مواقف مشابهة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قرر عدم الدخول إلى الشام بعد علمه بوجود الطاعون، وأعطى مثالاً عن القدر وكيفية التعامل معه.
- عبد الله بن عباس ذكر في حديثه أن القضاء والقدر يُعتبران نظاماً قائماً تسيّر عليه الأمور بحكمة إلهية.
- وبالمثل، تم التأكيد على أهمية الدعاء كوسيلة للتغلب على العواقب التي قد تنجم عن القضاء، وهو ما يظهر في قصة قوم يونس.
أمثلة أخرى على القضاء والقدر
من عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
- يُحكى أن ابن عمر طُلب منه توجيه الناس عندما اجتمع قوم ينكرون القدر، فقال: “إذا قابلتم هؤلاء، أبلغوهم أني برئ منهم.” وذلك ثلاث مرات.
الأدلة من القرآن الكريم على القضاء والقدر
- {إنا كل شيء خلقناه بقدر} (القمر:49).
- {وخلق كل شيء فقدره تقديراً} (تبارك:1).
- {سنة الله في الذين خلوا من قبل، وكان أمر الله قدراً مقدوراً}.