تعتبر الأخلاق في الإسلام مجموعة القواعد والمبادئ التي تهدف إلى تنظيم سلوك الأفراد، حيث يتم تحديدها من خلال الوحي لتوجيه حياة الناس.
نظام الأخلاق في الإسلام
يمتاز نظام الأخلاق في الإسلام بطابعين أساسيين، هما:
- الطابع الإلهي: والذي يعبر عن إرادة الله سبحانه وتعالى التي أُوحي بها إلى نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
- الطابع الإنساني: والذي يمثل جهود الإنسان ومحاولاته في تحديد وتطبيق الأخلاق في حياته اليومية.
يسعى هذا النظام إلى تحقيق حياة كريمة، وتنظيم سلوك الإنسان وطريقة تعامله مع ذاته ومع الله ومع المجتمع. حيث يتفاعل الجانب النظري مع الجانب العملي، ويعتبر نظام الأخلاق من جوهر الإسلام وروحه التي تؤثر في جميع أبعاده. فالإسلام في جوهره يعتمد بشكل أساسي على مبادئ الأخلاق.
- تُعتبر الأخلاق ركناً أساسياً لكل الرسالات السماوية.
- أثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه: “إنما بُعثتُ لأُتممَ مكارم الأخلاق” (رواه أحمد).
- يشير هذا الحديث إلى أن بعثة النبي كانت تهدف إلى ترسيخ وتعزيز الأخلاق ونشر مكارمها.
- يمكن القول إن الغرض من جميع الرسالات السماوية السابقة هو هدف أخلاقي.
- فالدين يتجسد في جوهره بحسن الخلق.
- تشير الآيات الكريمة دائما إلى دور الأخلاق في العقيدة، مما يوضح ارتباط الإيمان بحسن الخلق.
- دلَّل ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما سُئل عن أفضل المؤمنين، فقال: “أحسنهم أخلاقاً” (رواه الطبراني).
- هناك ترابط وثيق بين الأخلاق وعبادة الله، إذ تعد العبادة جوهر روح الأخلاق، حيث تُظهر بشكل ملموس في التعاملات.
بهذا الشكل، نجد أن كافة جوانب الإسلام مترابطة من خلال الأخلاق، بهدف تحقيق قيم أخلاقية سامية. وهذا يؤكد أن روح الإسلام هي الأخلاق، بينما النظام التشريعي في الإسلام يظهر تجسيداً لهذه الروح.
أنواع الأخلاق في الإسلام
- الخُلق الحسن: يمثل الفضيلة والأدب، وينجم عنه أقوال وأفعال جميلة تتوافق مع العقل والشريعة.
- الخُلق السيء: يعبر عن الرذائل وسوء الأدب، وينتج عنه أقوال وأفعال غير مقبولة عقلاً وشرعاً.
- ليس من شك أن الخُلق الحسن يساهم في تحقيق حب الله ورسوله، ويعزز القرب من النبي محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.
- حيث قال عليه الصلاة والسلام: “إن أحبكم إلىّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقا” (رواه الترمذي).
- كما أشار صلى الله عليه وسلم إلى أن: “إِنَّ الْعَبْدَ لَيَبْلُغُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ عَظِيمَ دَرَجَاتِ الآخِرَةِ، وَشَرَفَ الْمَنَازِلِ، وَإِنَّهُ لَضَعِيفُ الْعِبَادَةِ، وَإِنَّهُ لَيَبْلُغُ بِسُوءِ خُلْقِهِ أَسْفَلَ دَرْكٍ مِنْ جَهَنَّمَ وَهُوَ عَابِدٌ”.
مكارم الأخلاق في الإسلام
- الصدق.
- الأمانة.
- الشجاعة.
- الحلم.
- الصبر.
- المودة.
- المروءة.
- الإحسان.
- الكرم.
- الاعتدال.
- الإيثار.
- الشكر.
- العدل.
- حفظ اللسان.
- الحياء.
- العفة.
- التواضع.
- الرضا.
- العفو.
- البر.
- الوفاء.
- العزة.
- التعاون.
- الستر.
- الرحمة.
- القناعة.
- الرفق.
- سلامة الصدر.
- الشورى.
خصائص الأخلاق في الإسلام
- توازن بين احتياجات الجسد والروح دون إسقاط لاحتياجات الجسد في إطار الرغبات والشهوات، بل من خلال معايير الشريعة.
- قال الله سبحانه وتعالى: “قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ. قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ”.
- يجب على الإنسان إشباع احتياجاته الجسدية والنفسية في إطار الضوابط الشرعية مع إرضاء الروح من خلال العبادات والطاعات.
- تتميز الأخلاق في الإسلام بأنها صالحة لكل فرد في كل زمان ومكان، حيث تتصف باليسر ورفع الحرج.
- قال الله عز وجل: “وَجَاهِدوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هوَ اجْتَبَاكمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكمْ إِبْرَاهِيمَ. هوَ سَمَّاكم الْمسْلِمِينَ مِن قَبْل وَفِي هَذَا لِيَكونَ الرَّسول شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكونوا شهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيموا الصَّلاةَ وَآتوا الزَّكَاةَ. وَاعْتَصِموا بِاللَّهِ هوَ مَوْلاكمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير”.
الخصائص في القرآن الكريم
- قال أيضاً سبحانه وتعالى: “لاَ يكَلِّف اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا. وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَه عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ، وَاعْف عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا. وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ”.
- لا تقام الأحكام على الأفعال بناءً على ظاهرها فحسب، بل تأخذ في الاعتبار النوايا والمقاصد التي أدت إلى تلك الأفعال، كما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيات”.
- الأخلاقيات الإسلامية تعمل على إقناع العقل وإرضاء القلب، فلا يوجد حكم شرعي إلا ويدعمه دوافع قوية.
- مثلاً، يقول الله سبحانه وتعالى: “وَلَا تَقْرَبوا الزِّنَا إِنَّه كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً”.
- وكذلك: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنواْ إِنَّمَا الْخَمْر وَالْمَيْسِر وَالأَنصَاب وَالأَزْلاَم رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبوه لَعَلَّكمْ تفْلِحُونَ. إِنَّمَا يرِيد الشَّيْطَان أَن يوقِعَ بَيْنَكم الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصدَّكمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتم مُّنتَهونَ.”
- تتمتع الأخلاق في الإسلام بقبولها من الفطرة السليمة والعقل الصحيح، ولا يمكن للعقل السليم أو النفس الفطرية رفضها.
الفرق بين الأخلاق في الإسلام والأخلاق النظرية
- تستمد الأخلاق في الإسلام أساسها من الوحي وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولذلك فهي قيم ثابتة ومبادئ سامية، تصلح لكل إنسان في أي زمان ومكان، بغض النظر عن جنسه أو وضعه.
- في المقابل، تنبع الأخلاق النظرية من العقل البشري أو العادات والتقاليد المتعارف عليها داخل مجتمع معين، مما يجعلها قابلة للتغيير والتبديل.
- تتمثل مصدر الإلزام الأخلاقي في الإسلام في شعور الفرد بمراقبة الله سبحانه وتعالى وحرصه على نيل محبته.
- أما بالنسبة للأخلاق النظرية، فإن الإلزام يستند إلى ضمير الفرد أو إحساسه بالواجب أو الالتزام بالقوانين خوفًا من العقوبات أو من رأي المجتمع.
أهمية الأخلاق في الإسلام بشكل عام
- تمثل الأخلاق عنوان الشعوب، وقد حثت عليها جميع الأديان والمصلحون عبر العصور، حيث إنها تمثل وسيلة التعامل بين الأفراد وأساس الحضارات ودوام الأمم.
- يساعد التحلي بالأخلاق الفاضلة وتجنب الأفعال السيئة والرذيلة في تحقيق العديد من الأهداف النبيلة.
- تساهم الأخلاق في تعزيز الروابط الاجتماعية وجعل الفرد يعيش ضمن مجتمع متعاون، يشعر بالأمان والسعادة.
- يعمل الخلق الحسن على رفع شأن الفرد ويعزز محبته في قلوب الناس، وهو السبيل لتحقيق النجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة.