تأثير العقيدة السليمة
تأثير العقيدة الصحيحة على الفرد
تترك العقيدة الصحيحة آثارًا متعددة على المسلم الفرد، نذكر منها ما يلي:
- الأثر الأول: استقرار النفس وغياب الخوف من الموت: يدرك المسلم أن الموت قادم لا محالة، سواءً كان قريبًا أو بعيدًا، ويؤمن بأن الأعمار بيد الله -عز وجل-، كما ورد في كتابه: (وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّـهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّـهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ). وبالتالي، تجده مطمئنًا وثابتًا أمام المصاعب التي تواجهه، ولا يخشى شيئًا؛ إذ إن إيمانه يمده بالقوة.
- الأثر الثاني: عدم الخوف من نقص الرزق: يعلم المسلم جيدًا أن الرزق بيد الله -عز وجل- ولا يمكن لأحد أن يمنعه عنه، كما قال -تعالى-: (وَما مِن دابَّةٍ فِي الأَرضِ إِلّا عَلَى اللَّـهِ رِزقُها). وبما أن الأمر كذلك، يجب على المسلم أن يشعر بالأمان في مسعاه للمعروف وعدم التقهقر في سبيل الحق.
- الأثر الثالث: fosters التعاون والإيثار: تزرع العقيدة الإسلامية قيمة الإيثار؛ إذ يدرك صاحبها أن الثواب في الآخرة أفضل من الدنيا، مما يجعله يقدم مصالح الآخرين على مصالحه الشخصية. وقد أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بحدّة الطمع البشري، إذ قال: (لَوْ كانَ لِابْنِ آدَمَ وادِيانِ مِن مالٍ لابْتَغَى ثالِثًا).
وقد ضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- مثلاً على الإيثار عندما استضاف أحد الأنصاريين ضيفه رغم قلة مؤونته، حيث قضى على طعامه ومادة العيش ليشبع ضيفه. ففي ذلك قال -تعالى-: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ).
- الأثر الرابع: تقوى الله ومراقبة النفس: يعلم المسلم أن الله -عز وجل- يراقبه في كل الأوقات، مما يجعله حذرًا في تصرفاته ويسعى لإرضاء ربه؛ إذ إن الشعور بالمراقبة يمنع عن العصيان والخطأ.
- الأثر الخامس: أقامة العدل: يسعى المسلم في حياته ليتبع العدل، باعتبار الإسلام دين العدل والمساواة. فقد قال -تعالى-: (يا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا).
- الأثر السادس: السعادة والطمأنينة: يعد الله -عز وجل- المؤمنين بشتى أنواع النعيم في الآخرة، كما أن الحسن في الدنيا مذكور في قوله -تعالى- في سورة النور: (وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ).
- الأثر السابع: التماسك والقوة: المؤمن الذي يؤمن أهلاً بشريعة الله -عز وجل- يكون قوي النفس، فعزته تأتي من إيمانه العميق.
- الأثر الثامن: القبول بحكم الشرع: يعرف المسلم أن الالتزام بحكم الشريعة ضروري لإيمانه، كما يقول -تعالى-: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ).
- الأثر التاسع: الهدف من الوجود: بينما الآخرون يتخبطون في محاولة فهم حياتهم، يدرك المسلم معنى وجوده؛ حيث خلق ليعبد الله -عز وجل- ويعمل الخير.
- الأثر العاشر: الإخلاص في العلاقات: يشدد المسلم على حب الله والصالحين، ويبغض أعداء الله، مسترشدًا بقيم دينه.
أثر العقيدة الصحيحة على المجتمع
يؤثر الإيمان الصحيح على المجتمع المسلم بشكل كبير، ومن هذه الآثار:
- الأثر الأول: المجتمع الآمن: يستند المجتمع إلى تعاليم العقيدة، مما يجعله خاليًا من الأعمال المحرمة مثل الزنا والقتل والسرقة.
- الأثر الثاني: الترابط المحب: يسود في المجتمعات الملتزمة بالعقيدة الألفة؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ المُؤْمِنِينَ كَمَثَلِ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى عُضُوٌ تَدَاعَى السَّائِرُ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى).
- الأثر الثالث: التحلي بالإنصاف: يعتمد الأفراد في المجتمعات الصحيحة على أسلوب الحوار والدعوة بالحسنى، ويمتنعون عن التفريط في الحقوق.
- الأثر الرابع: الطاعة لولي الأمر: يعي المجتمع مخاطر الخروج عن ولي الأمر ويعمل على تجنب الفوضى.
- الأثر الخامس: الاستجابة لأوامر الله: يتسم المؤمنون بالتوجه لامتثال أوامر الشرع وقراراته المقررة.
- الأثر السادس: الدعوة للآخرين: يتحمل المجتمع مسؤولية نشر الدعوة والمحافظة على تعاليم الدين بين المجتمعات الأخرى، كما ورد في قوله -تعالى-: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ).
- الأثر السابع: نبد الكراهية والتمييز: تعتمد المجتمعات على الدِّين والتقوى كمعايير، مما يضمن عدم التمييز بين الأفراد بسسب أعراقهم أو ألوانهم.
مصادر العقيدة الإسلامية
تتجلى مصادر العقيدة الإسلامية في النقاط التالية:
- أولاً: القرآن الكريم: وهو الأساس القوي للدين، إذ يوضح أصول الإيمان، ويمثل النور للعباد في طريقهم نحو المعرفة، وقد دُعي النبي -صلى الله عليه وسلم- بقراءة: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ).
- ثانياً: السنة النبوية: حيث تعتبر السنة جزءًا متكاملًا مع القرآن، إذ تشرح الأحكام وتوضح تفاصيل الإيمان، كما يقول -تعالى-: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى).
- ثالثاً: إجماع العلماء: يُعتبر إجماع الصحابة والشيوخ حجّة ويُعد مصدرًا موثوقًا للمسائل العقدية.
- رابعاً: العقل المؤيد بالوحي: فالعقل يؤدي دورًا في التأمل، وإن كان متوافقًا مع الوحي؛ كما أشار القرآن: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ).
- خامساً: الفطرة السليمة: حيث فُطر كل إنسان على معرفة الله، ما يُعزز الفهم الصحيح للعقيدة.
خصائص العقيدة الإسلامية
تتعلق خصائص العقيدة الإسلامية بما يلي:
- الكمال والشمول: حيث إن العقيدة صالحة لكل الأزمنة والأمكنة.
- قوة المصادر: تستند العقيدة على القرآن الكريم والسنة وإجماع العلماء، مما يجعلها محترمة ومضبوطة.
- استمراريتها: ستظل العقيدة باقية طالما أن مصادرها محفوظة، كما قال -تعالى-: (إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ).
- شمولة الحياة: تغطي العقيدة جميع جوانب حياة الفرد، ومنها الجانب الروحي والاجتماعي.
- خلوها من الاجتهاد: تتضمن العقيدة أبعادًا غيبية تُأخذ على ما جاءت، مثل الجنَّة والنار.