يوم الجمعة
يعتبر يوم الجمعة اليوم السابع من الأسبوع، وقد جعله الله -عز وجل- عيدًا خاصًا للمسلمين، حيث يجتمعون في هذا اليوم لذكر الله -تعالى- وعبادته، مما يساهم في نشر الألفة والمحبة بينهم. كما أُحبذ للمسلمين تكثيف الطاعات والذكر والابتعاد عن مشاغل الدنيا.
أسباب تميز يوم الجمعة عن بقية الأيام
لقد حظي يوم الجمعة بمكانة خاصة بين باقي أيام الأسبوع، نظرًا للأحداث المهمة التي حدثت فيه كما ورد في الأحاديث النبوية الصحيحة. وفيما يلي نستعرض بعض هذه الأسباب:
أولًا: خلق آدم وموته
هناك العديد من الأحاديث التي تدل على أن الله -تعالى- خلق آدم في يوم الجمعة. فقد قال أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَقالَ: خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّربةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فِيهَا الجِبالَ يَوْمَ الأَحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ المَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَخَلَقَ النُورَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوابَّ يَوْمَ الخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ بَعْدَ العَصْرِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ، فِي آخِرِ الخَلْقِ، فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِن سَاعَاتِ الجُمُعَةِ، فِي مَا بَيْنَ العَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ). هذا يدل على عظمة الله وحكمته في خلق الكون، حيث خلق آدم يوم الجمعة، كما تشير الأحاديث إلى أن اليوم الذي نُزِل فيه آدم وزوجته حواء إلى الأرض كان أيضًا يوم الجمعة، وكذلك هو يوم وفاته.
ثانيًا: وقوع يوم القيامة وما يتضمنه من أهوال
تعتبر أحداث يوم القيامة من أقوى الأسباب التي تعزز مكانة يوم الجمعة، إذ أن النصوص الدينية تؤكد على عظم الأهوال التي ستقع في ذلك اليوم. فقد جاءت الأحاديث الصحيحة التي تؤكد أن يوم القيامة سيكون يوم جمعة. وورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (وما من دابَّة إلا وهي مُصيخة يوم الجمعة من حين تُصبح حتى تطلع الشمس شفَقًا من الساعة إلا الجنّ والإنس). يتحدث هذا الحديث عن استعداد الكائنات في هذا اليوم خشيةً من وقوع الساعة.
ثالثًا: فضل صلاة الجمعة
أعطى الله -تعالى- يوم الجمعة مكانة خاصة من خلال تحريمه الانشغال عن صلاة الجمعة بالملهيات مثل البيع والشراء. كما تتضمن الأحاديث الصحيحة العديد من الفضائل المتعلقة بصلاة الجمعة، نذكر منها:
- صلاة الجمعة كفارة للذنوب: حيث رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الصلاة الخمس، والجمعة إلى الجمعة، كفارة لما بينهن، ما لم تُغشَ الكبائر).
- الأجر العظيم للمشي إلى المسجد لصلاة الجمعة: حيث ذُكر في أحاديث صحيحة أن أجر المشي لصلاة الجمعة يعادل أجر صيام سنة وقيامها، فقد قال أوس بن أبي أوس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من غسل يوم الجمعة واغتسل ثم بكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها).
- الفضل للتبكير لصلاة الجمعة: فقد رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح، فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرب كبشًا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يسمعون الذكر).
رابعًا: استجابة الدعاء في ساعة من ساعات الجمعة
خصص الشرع يوم الجمعة بفضيلة عظيمة، حيث يُستجاب الدعاء في إحدى ساعات هذا اليوم. وقد اختلف العلماء في تحديد هذه الساعة، فقال بعضهم إنها تكون حين يجلس الإمام على المنبر وإلى أن تنتهي الصلاة، بينما قال آخرون إنها من بعد صلاة العصر وحتى غروب الشمس. كما ورد في الأحاديث الصحيحة أن هذه الساعة تقع في آخر ساعة من يوم الجمعة قبل الغروب. وتُعتبر هذه الأوقات فرصة للمسلمين للدعاء، مُعتمدين على حسن ظنهم بالله وقصدهم الحصول على الإجابة.