يُعتبر شهر رمضان من أفضل الأوقات لأداء العمرة، حيث يجوز أداؤها في هذا الشهر دون اختلاف في الأجر، سواء كانت في بدايته أو نهايته، ولا يوجد يوم أو ليلة أفضل من غيرها. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “عُمرةً في رمضانَ تعدِلُ حِجَّةً”، دون أن يحدد يوماً معيناً.
تعريف العمرة
فُرضت العمرة في السنة التاسعة من الهجرة. ومصطلح المعتمر يشير في اللغة إلى الزائر. ووفقاً لجمهور الفقهاء، تُعرف العمرة بأنها التقرب إلى الله سبحانه وتعالى من خلال زيارة البيت الحرام وأداء مناسكها. ويرى بعض الفقهاء أنها فريضة، بينما يعتبرها آخرون من السنن.
حكم العمرة
تختلف الآراء بين الفقهاء حول حكم العمرة، ويمكن تلخيص ذلك كما يلي:
- رأي المالكية والحنفية: يرون أن العمرة سنة مؤكدة ينبغي على المسلم أداؤها مرة واحدة في العمر. واستندوا إلى حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه حيث سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن وجوب العمرة، فأجاب: “لا، وأنْ تعتمِروا هوَ أفضلُ”.
- رأي الشافعية والحنابلة: يعتبرون العمرة فريضة يجب على المسلم أداؤها مرة واحدة في حياته. ويستندون في رأيهم إلى حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، حيث سألت النبي صلى الله عليه وسلم: “يا رسولَ اللَّهِ على النِّساءِ جِهادٌ؟”، فأجاب: “نعم، عليهِنَّ جِهادٌ لا قتالَ فيهِ: الحَجُّ والعُمر”.
أركان العمرة
يرى جمهور المالكية والحنابلة أن أركان العمرة تقتصر على ثلاثة وهي: الإحرام، الطواف، والسعي. بينما يدعم الشافعية إضافة ركن رابع وهو الحلق أو تقصير الشعر. ويعتبر الحنفية أن الإحرام هو الشرط الأساسي للعمرة، في حين أن الطواف هو الركن الرئيسي.
فضل العمرة في شهر رمضان
تحظى العمرة في شهر رمضان بأجر عظيم، مما يسلط الضوء على اجتهاد المسلم في التعبد والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى من خلال الأعمال الصالحة. وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى فضل ثوابها حيث ذكر أنها تعادل حجة، مما يُشجع المسلمين على أدائها في هذا الشهر المبارك.
شروط العمرة
تتطلب العمرة مجموعة من الشروط، وهي: الإسلام، توحيد الله سبحانه وتعالى، العقل، البلوغ، والقدرة البدنية على القيام بالعمرة.
كيفية أداء العمرة في شهر رمضان
تظل طريقة أداء العمرة في شهر رمضان مشابهة لأوقات أخرى، ويمكن توضيحها كالتالي:
- الإحرام: ينبغى على المسلم أن يُحرم من الميقات، وإذا كان في مكان آخر، فيقوم بإحرامه حيث ينوي العمرة، ويتوجب عليه التلبية حتى يصل إلى حدود الحرم.
- الطواف: يجب على المعتمر أن يتوضأ قبل دخوله المسجد الحرام، ويقوم بالدخول بالقدم اليمنى. وبعدها، يبدأ بالطواف حول الكعبة فيكون البيت عن يساره، وبدء الطواف من الحجر الأسود بالتصريح “الله أكبر”. كما يُفضل أن يضع وسط ردائه تحت إبطه الأيمن وطرفه فوق ذراعه اليسرى، والمشي بسرعة في الأشواط الأولى.
- إتمام الطواف: يتكون الطواف من سبعة أشواط، حيث يتم المشي ببطء في الأشواط الأربعة الأخيرة. وعند المرور بالركن اليماني، يُستحب تلاوة الدعاء المذكور. بعد الانتهاء، تغطى الكتف أثناء التوجه نحو مقام إبراهيم.
- التوجه إلى الصفا: يُفضل قراءة الآية “إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ”. وعند الوصول إلى الصفا، يجب تكبيرة ثلاث مرات والدعاء.
- التوجه إلى المروة: يتجه المعتمر من الصفا إلى المروة، ويُستحب السير بين العلامتين الأخضرين مع تلاوة ما قيل عند الصفا. والسعي هو أن يكون الذهاب شوطًا والإياب شوطًا.
- حلق الشعر: بعد الانتهاء من السعي، يجب على الرجل أن يحلق شعره ويُحلل من إحرامه، بينما تقصر المرأة شعرها قدر أنملة.
مستحبات العمرة
هناك مجموعة من الأعمال المستحبة خلال أداء العمرة، ومنها:
قبل الإحرام:
يستحب الاغتسال الجيد، التطيب، تقليم الأظافر، وحلق شعر العانة.
بعد الإحرام:
ينبغي التلبية بصوت مرتفع بالنسبة للرجال.
في الطواف:
يستحب الإكثار من الدعاء وتقبيل الحجر الأسود.
في السعي:
فضل الإكثار من الذكر مع ترديد “نبدأ بما بدأ الله به” مع السير بسرعة للرجال.
أفضل وقت للعمرة
سنستعرض أفضل الأوقات لأداء العمرة كما يلي:
- في أشهر الحج: تُعتبر هذه الأشهر من الأشهر المثلى لأداء العمرة، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتمر خلالها، وهو ما يُخالف تعاليم أتباع المشركين الذين يحرمون ذلك.
- خلال شهر رمضان: يمثل رمضان شهر البركة، ومن أفضل العبادات في هذا الشهر العمرة، حيث ورد في حديث أبي معقل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “عمرة في رمضان تعدل حجة”.
ميقات العمرة
توجد معايير عديدة تتعلق بميعاد العمرة، وتشمل:
- ميقات زمني: يُمكن أداء العمرة في أي وقت من السنة، ما عدا الأيام التي حددها الفقهاء، مثل يوم عرفة ويوم النحر، بينما جوزت المالكية أداء العمرة في كل الأيام ما عدا حالة وجود مسلم في إحرام حج أو عمرة أخرى.
- ميقات مكاني: تتعلق الأماكن المخصصة للمعتمرين، وهو ما حدده الرسول صلى الله عليه وسلم، مثل ميقات الآبار لأهل المدينة، وميقات السيل لأهل نجد، وميقات مكة لأهل مكة، وميقات الجحفة لأهل مصر وبلاد الشام، وميقات ذات عرق لأهل العراق.