تعتبر الفلسفة من أبرز العلوم عبر العصور القديمة، حيث كانت تحظى بأهمية كبيرة نتيجة لندرة العلوم الأخرى في ذلك الوقت، وبالتالي كانت تُعتبر “أم العلوم”. ظهرت الفلسفة في القرن السادس قبل الميلاد، ومع تطور العلوم أصبحت تركز على دراسة السلوك وطبيعة الواقع والوجود. في هذا المقال، سنستعرض نشأة الفلسفة وتطورها.
نشأة الفلسفة
تأسست الفلسفة في اليونان القديمة وفي مدن السواحل الغربية لآسيا، ثم انتقلت إلى إيطاليا الجنوبية. وكان فيثاغورس هو أول من استعمل مصطلح الفلسفة.
تعني الفلسفة التفكير الذي يسعى للوصول إلى الحقيقة المجردة، وقد أُطلق لقب الفيلسوف على كل من يدرس الوجود والحقيقة النقية؛ حيث كان أغلب مؤسسي الفلسفة من اليونان وقد وضعوا قواعدها الأساسية.
كما ساعدت الفلسفة في تحديد المعايير الأخلاقية والقيم التي ينبغي أن يتحلى بها الإنسان، مستخدمة قيم الخير والمحبة والتربية.
شاهد المزيد:
الفلسفة في اليونان
لا توجد آثار سابقة للفلسفة قبل الفلسفة اليونانية، فهي الوحيدة التي وصلتنا دون أن تتعرض للتشويه. كان الفكر الأكثر شيوعًا بين اليونانيين في ذلك الوقت يرتكز على سرد الحكايات والقصص، خاصة الخيالية والأساطير التي تهدف إلى تبسيط أفكارهم.
تضمنت قصصهم مغامرات وخرافات عن الكون والطبيعة والإنسان، وكانوا يطلقون على الأسطورة خطاب “الميثوس”، الذي كان يفتقر إلى العقلانية والتفكير المنطقي، وكانت تلك الأساطير تتناقل شفاهياً بين الجماهير.
ومع مرور الوقت، ظهر نوعان من الفكر بين الفلاسفة: فكر “الميثوس” (غير المنطقي) وفكر “اللوغوس” (المنطقي والعقلي).
مع ظهور علم “اللوغوس” وتطوره، نشأت مجموعة من العلوم الأخرى بفضل هذه الأسس، مثل علم الرياضيات الذي غيّر جوانب التجارة في حياتهم، فبدأت أنماط الحياة تختلف مع استخدام النقود عوضًا عن المقايضة.
ومن هنا نشأت المدينة الجديدة مع تطورات وإصلاحات سمحت بتنظيم الحياة وظهور الحضارة اليونانية العظيمة.
شاهد المزيد:
بداية علم الفلسفة
بعد تطور الفلسفة ونشوء المدنية، زاد التفاعل بين الأفراد مما أدى إلى ظهور صراعات تحتاج إلى حلول حاسمة. فتوجه الناس لأصحاب الحكمة لإدارة هذه الأمور، وكان الفلاسفة هم المرجع في هذه المواقف، حيث قاموا بإصدار أحكام استنادًا إلى الحجج والبراهين بهدف تحقيق العدل ونشر الحياة الديمقراطية في المدينة. وبذلك، تم تمهيد الطريق لانتشار علم الفلسفة في الحضارة اليونانية، وبدأت حقبة جديدة من التفكير الفلسفي.
المرحلة الأولى للفلاسفة
كان الفلاسفة الأوائل في اليونان هم الحكماء، ومن بعدهم ظهر مجموعة من الفلاسفة المعروفين مثل:
شاهد المزيد:
1ـ طاليس
يعد طاليس الشخص الذي بدأ تطبيق الفلسفة، حيث ربط الوجود بالماء، ومن مقولاته الشهيرة: “العالم يأتي من المحيط ويعود إليه”، حيث اعتقد أن الماء هو أساس كل شيء.
2ـ هيراقليطس
على عكس طاليس، اعتبر هيراقليطس أن أساس كل شيء هو النار، وليس الماء.
3ـ أنكسيمانس
تجاهل أنكسيمانس كل من طاليس وهيراقليطس، مؤكدًا أن الأساس الحقيقي للأشياء هو الهواء.
كانت أفكار هؤلاء العلماء تعتمد بشكل كبير على إدراكهم الحسي للأشياء وخلت من الخيال، وكُسبت أهمية كبيرة في تفسير الكون والطبيعة.
في المرحلة الثانية من الفلاسفة، ظهرت شخصيات أخرى بأفكار جديدة حول الحقيقة والوجود، ومنها:
1ـ سقراط
ما زال سقراط يعتبر من أبرز علماء الفلسفة حتى يومنا هذا، حيث كان يركز على حقيقة الإنسان وإدراكها عبر التفكير المنطقي فقط، بعيدًا عن المشاعر أو الحواس.
2ـ أفلاطون
يلي سقراط في الشهرة أفلاطون الذي اعتمد في فلسفته على جوهر الأشياء وحقيقتها، مشدداً على ضرورة البحث عن الحقائق الثابتة.
3ـ أرسطو
كان أرسطو من تلامذة أفلاطون وقد استمد منه العديد من الأفكار والمبادئ الفلسفية، بالإضافة إلى تطوير وجهات نظر جديدة في التفكير.
يعد أرسطو من رواد المثالية، ويمثل فترة نهاية الفلاسفة في اليونان، حيث لم يظهر أي اجتهادات جديدة بعده.
ختامًا، يمكن القول إن الفلسفة اليونانية انتهت في نهاية القرن السادس قبل الميلاد، وقد مرت بثلاث مراحل رئيسية: الأول بدأ على يد سقراط الذي وضع الأساسات، الثاني في عصر أفلاطون وأرسطو اللذان قاما بتطوير الفكر الفلسفي، والثالث عندما أصبح الناس يلجأون إلى الفلسفة فقط من أجل التعديلات.