إخراج زكاة الفطر عن الآخرين
تُعتبر زكاة الفطر صدقة واجبة على المسلمين، تُخرج قبل صلاة عيد الفطر، إذ تُعبر عن شكر الله -تعالى- على نعمه التي أنعم بها على عباده، وخاصة توفيقهم لصيام شهر رمضان. وتمثل زكاة الفطر الختام الأخير لشهر رمضان المبارك، حيث تلزم المسلم عن نفسه وكذلك عن من يعول، ويرتبط بها العديد من الأحكام.
أحكام إخراج زكاة الفطر عن الآخرين
الفئات التي يجب على المسلم إخراج زكاة الفطر عنها
تفرض زكاة الفطر على المسلم عن نفسه وعن الأفراد الذين يعولهم، أي الذين تجب عليه نفقتهم. ولذا، يتعين على المسلم إخراج المال نيابة عن نفسه وأطفاله، وقد اتفق العلماء على أن زكاة الفطر تُلزم المتيسر عليه أداؤها عن نفسه، بالإضافة إلى أولاده الذين لا يمتلكون المال.
ويستند وجوب إخراج زكاة الفطر عن النفس ومن يعول إلى حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- حيث قال: “(فَرَضَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ عَلَى العَبْدِ والحُرِّ، والذَّكَرِ والأُنْثَى، والصَّغِيرِ والكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وأَمَرَ بهَا أنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلَاةِ)”، ويُلزم على المسلم إخراج زكاة الفطر عن زوجته أيضًا.
إذا لم يكن لدى المسلم مال يكفي لإخراج الفطرة عن جميع من يعولهم، فيجب عليه أولاً إخراجها عن نفسه، ثمّ عن من يليه، استناداً إلى قول النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: “(ابْدَأْ بنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فإنْ فَضَلَ شيءٌ فَلأَهْلِكَ، فإنْ فَضَلَ عن أَهْلِكَ شيءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فإنْ فَضَلَ عن ذِي قَرَابَتِكَ شيءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا يقولُ: فَبيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ)”، مما يوضح أن الصدقة تبدأ من الذات.
مقدار زكاة الفطر التي تُدفع عن الآخرين
يماثل مقدار زكاة الفطر المفروض عن الآخرين مقدارها عن النفس، حيث يُحدّد بصاع من قوت أهل البلد، وهو ما يتناوله الناس كغذاء دائم. ويستند ذلك أيضًا إلى ما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما- من أن “(زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ)”، مما يعني أن يسدد المزكي زكاته بالأرز أو القمح أو الشعير أو أي شيء آخر يعتبر قوته المعتاد للناس.
تجدر الإشارة إلى أن مقدار الصاع المُحدد في حديث النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- هو صاع يقدّر بخمسة أرطال، أي ما يُعادل أربعة أمداد، حيث يُقَدَّر المدّ بما يملأ كفي الإنسان المعتدل. وهذا هو السبب في تسميته بالمد.
كما ذكر الفيروزآبادي أنه قد جرب ذلك ووجده صحيحًا، ولذلك يُقَدَّر الصاع بأربع حفنات تُقاس بكفي رجل بحجم متوسط.
موعد إخراج زكاة الفطر عن الغير
لا يختلف موعد إخراج زكاة الفطر عن الآخرين عن موعدها عن النفس، حيث يبدأ من غروب الشمس في ليلة عيد الفطر ويستمر حتى ما قبل صلاة العيد. ويفضل إخراجها قبل صلاة العيد، وتحظر تأخيرها عن الوقت المحدد إلا في حالة وجود عذر شرعي.
حكم إخراج زكاة الفطر عن الغير بعد انتهاء الوقت
تعتبر زكاة الفطر عبادة فرضها الله -تعالى- على عباده، ولها وقت محدد يجب الالتزام به. يحظر تأخير أدائها عن هذا الوقت إلا لعذر جازم، وبالرغم من ذلك فإن زكاة الفطر تظل واجبة عن الإنسان بعد انتهاء وقتها، ولا تُسقط بمرور الوقت، بل تبقى دَيْنًا في ذمته للفقير حتى يُؤدى.
إذا تم تأخير إخراجها عن وقتها وتمت إعادتها لاحقاً، يبقى في ذمة الإنسان حق لله -تعالى- بسبب التأخير، وهذا الحق لا يُسقط إلا بالتوبة والاستغفار، إلا إذا كان الشخص معذورًا في تأخيره، فيمكن له قضاء ذلك عند توفر الإمكانية، دون أن يتحمل وزرًا في ذلك.
مصرف زكاة الفطر التي تُدفع عن الآخرين
تشمل فئات المستفيدة من زكاة الفطر الفقراء والمساكين، كما ورد في حديث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- عندما أرسل معاذ بن جبل إلى اليمن، حيث قال له: “(فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أَغْنِيائِهِمْ فَتُرَدُّ في فُقَرائِهِمْ)”. ومن السنة أيضاً توزيع زكاة الفطر بين الفقراء والمساكين في البلد الذي يعيش فيه المزكي، بهدف سد حاجة المحتاجين في بلده.