أسباب تسلط القرين
القرين هو الرفيق الدائم للإنسان، ويُشار به إلى شيطان الإنسان الذي يُعتبر تسلطه بمثابة ضرر يتجاوز الجوانب الدينية والدنيوية. يعتبر انحراف الإنسان عن طريق الحق حتى موته من أخطر المخاطر، إذ أن الله سبحانه وتعالى قد حمى عباده الصالحين من تسلط الشيطان بحسب درجات صلاحهم. كما ورد في القرآن الكريم: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ* إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ}. نستعرض فيما يلي أبرز أسباب تسلط القرين على الإنسان:
أولًا: الابتعاد عن الله وكلامه
قال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ* وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ* حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ* وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ}. فمن يبتعد عن ذكر الله، والذي يتجلى في كتابه الكريم، فإن عقوبته هي تسلط قرينه الشيطان عليه؛ حيث يصاحبه ويعده بأمور مجرّبة تشجعه على المعاصي. أما في الآخرة، فإن ألمه وندمه سيكون أشد، كما يقول الله: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا* يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا* لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولا}. وعندما يأتي يوم القيامة، سيحاول العاصي أن يتبرى من قرينه، لكن حينها لا ينفع الندم.
ثانيًا: الابتلاء والاختبار
يمتد أثر تسلط الشيطان بسبب الابتلاء والاختبار إلى أمور الحياة الدنيا، ويشمل ذلك الصالحين وغيرهم. فقد رُوي عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أشدُّ الناسِ بلاءً الأنبياءُ، ثم الأمثلُ فالأمثلُ، يُبتلى الناسُ على قدر دينهم. فمن ثَخُنَ دينُه اشْتدَّ بلاؤُه، ومن ضعُف دينُه ضَعُف بلاؤه. وإنَّ الرجلَ لَيُصيبُه البلاءُ حتى يمشيَ في الناسِ ما عليه خطيئةٌ). إذًا، فإن شدة البلاء تعكس قوة الدين، فكلما كان دين الشخص أقوى، زادت مصاعبه، والعكس صحيح.
استراتيجيات للتخلص من تسلط القرين
سنستعرض بعض الأساليب التي قد تساعد في التحرر من تسلط القرين:
- إزالة الصور والتماثيل من المنازل وتدميرها، حيث إن وجودها يمكن أن يؤدي إلى طرد الملائكة من البيت وتسلط الشياطين، كما أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (إنّا لا نَدْخُلُ بَيْتًا فيه صُورَةٌ ولا كَلْبٌ).
- الحرص على أداء النوافل في المنزل، لما لها من تأثير إيجابي على البيت، مثل تدفق الرحمات وحضور الملائكة، وذلك كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (علَيْكُم بالصَّلَاةِ في بُيُوتِكُمْ؛ فَإنَّ خَيْرَ صَلَاةِ المرءِ في بَيْتِهِ إلاَّ الصَّلَاةَ المَكْتُوبَةَ).
- الالتزام بأداء الصلوات المفروضة في المسجد جماعةً، وذلك لما لها من فضل عظيم، حيث ورد عن جندب بن عبد الله -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (من صلّى الصبح فهو في ذمّة الله، فلا يطلبنّكم الله من ذمّته بشيء، فيدركه، فيكبّه في نار جهنّم).