تعتبر ظاهرة السلوك العدواني لدى المراهقين واحدة من القضايا المثيرة للاهتمام، حيث يطرح العديد من الأهل، والعاملين في رعاية الأطفال، والمعلمين تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا السلوك بجوانبه المتعددة، مع البحث عن سبل للحد منه. لذا، يقدم موقعنا إجابات شاملة حول هذه الأسئلة، ويستعرض مفهوم السلوك العدواني وأبعاده.
تعريف السلوك العدواني
يُعرَّف السلوك العدواني بأنه السلوك الذي يتسبب في إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي بالآخرين، ويعد هذا السلوك انتهاكًا للمعايير الاجتماعية وقد يؤدي إلى مشكلات في العلاقات قد تصل إلى تدمير تلك العلاقات. ويمكن أن يظهر السلوك العدواني بشكل واضح أو مُحتَمل.
على الرغم من أن بعض السلوكيات العدوانية قد تكون طبيعية في مواقف معينة، فإن الاستمرار في هذه التصرفات بشكل متكرر يعد غير طبيعي، وفي هذه الحالة، قد يكون من الحكمة استشارة طبيب نفسي.
هل السلوك العدواني يعكس مرض نفسي؟
غالبًا ما تُربط السلوكيات العدوانية بأبعاد نفسية معقدة، ورغم أن السلوك العدواني نفسه ليس مرضًا نفسيًا بحد ذاته، إلا أنه يمكن أن يمثل علامة على وجود اضطراب نفسي أو اجتماعي.
يمكن أن يُظهر السلوك العدواني كجزء من مجموعة متنوعة من الاضطرابات النفسية مثل اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، أو اضطراب القلق العام. ولذلك، فإن تقييم السلوك العدواني يتطلب استشارة متخصص لتحديد الأسباب الحقيقية وتوجيه العلاج المناسب.
عوامل السلوك العدواني عند المراهقين
يوجد عدد من العوامل التي قد تسهم في زيادة الرغبة في تبني سلوك عدواني، نذكر منها:
- العوامل البيئية، حيث تلعب البيئة التي نشأ فيها الفرد دورًا محوريًا في تحدد سلوكياته العدوانية. فقد يُظهر الشخص الذي تربى في بيئة مليئة بالسلوكيات العدوانية اعتقادًا بأن هذه التصرفات مقبولة اجتماعيًا، وهو ما أثبتته دراسات متعددة.
أحد الأمثلة المتعارف عليها هو أن الأطفال الذين شهدوا بالغين يمارسون السلوك العدواني تجاه دمى يصبحون أكثر ميلاً لتكرار مثل هذه التصرفات عندما تتاح لهم الفرصة، وبخاصة في فترة المراهقة.
- العوامل الصحية، حيث تؤثر بعض الاضطرابات الجسدية والنفسية، مثل الصرع، وذهان، والإصابات الدماغية، على زيادة السلوكيات العدوانية عند المراهقين. ويتطلب علاج هذه الاضطرابات تشخيصًا دقيقًا وعلاجًا مناسبًا للسيطرة على السلوك العدواني.
- العوامل البيولوجية، فقد أظهرت الدراسات أن الذكور أكثر عرضة لممارسة سلوكيات عدوانية جسدية، بينما تُظهر الإناث سلوكيات عدوانية أقل، وغالبًا ما تكون غير جسدية، كالسلوك العدواني اللفظي أو التفاعل الاجتماعي السلبي.
أشكال السلوك العدواني عند المراهقين
يكون السلوك العدواني عند المراهقين غالبًا مصحوبًا بمشاعر الغضب. ويعتبر الغضب شعورًا محددًا يُنتج سلوكيات عدوانية متنوعة مثل ما يلي:
- تحطيم الأشياء، وهو وسيلة يعبر بها المراهق عن غضبه من خلال تدمير ما حوله.
- الإيذاء اللفظي والبدني، وهو تعبير مباشر عن الغضب يتضمن القيام بالاعتداء على الآخرين بالألفاظ أو بالأفعال.
- الكذب، حيث قد يستخدمه المراهق كوسيلة للتعامل مع إحباطه عندما لا يستطيع الانتقام بشكل مباشر، مما يؤثر سلبًا على سمعة الأشخاص الذين يشكو منهم.
- التمرد على القواعد الاجتماعية، والذي يتجلى في التصرفات السلبية مثل الكذب، والتدخين، والإدمان على المخدرات.
- الهروب من المنزل، والذي يعتبر ردة فعل على شعور المراهق بالقيود المفروضة عليه من قبل والديه، كنوع من أنواع التمرد على السلطة وطلب الاستقلالية.
- كبت المشاعر، حيث قد يؤدي عدم القدرة على التعبير عن الغضب إلى تراكم المشاعر السلبية مثل الحقد والكراهية.
استراتيجيات للحد من السلوك العدواني عند المراهقين
يمكن للأهل ومقدمي الرعاية تبني عدة استراتيجيات للحد من السلوك العدواني والسيطرة عليه، ومنها:
- الإرشاد الأسري، من خلال تفعيل الحوار بين أفراد الأسرة أو اللجوء إلى مختصين لحل الخلافات التي يمكن أن تؤدي إلى العدوانية.
- الاستشارة الفردية، حيث يمكن اصطحاب المراهق للتحدث مع مختص لمساعدته على فهم سلوكياته وتحمل مسؤولياته.
- إبرام عقد سلوكي مع المراهق يتضمن قائمة بالسلوكيات الإيجابية المتوقعة ومقابلها المكافآت، مع التركيز على المكافآت غير المالية.
- الحرص على تناول الأدوية المقررة من قبل الأطباء في حال وجود حالات نفسية.
- تحديد مجموعة قواعد يجب الالتزام بها داخل المنزل، وتحمل نتائج انتهاك تلك القواعد.
ختامًا، تناولنا في هذا المقال السلوك العدواني وتعريفه، وناقشنا الأسئلة الرئيسية حول العلاقة بين السلوك العدواني والأمراض النفسية، بالإضافة إلى عرض العوامل المساهمة في هذه الظاهرة وأبرز الحلول الممكنة للسيطرة عليها.