الفيلسوف الأخلاقي وعالم الاقتصاد الاسكتلندي أدم سميث

آدم سميث

يُعتبر آدم سميث واحدًا من أبرز الفلاسفة في القرن الثامن عشر، حيث كان له تأثير كبير على مجالات الفلسفة والاقتصاد والسياسة وترابطها. وُلِد في مقاطعة كيركالدي الاسكتلندية في عشرينيات القرن الثامن عشر، والتحق بجامعة جلاسكو في اسكتلندا في بداية مشواره الأكاديمي، وتعلم تحت إشراف أساتذة أثروا في فكره الفلسفي والاقتصادي. بعد ذلك، تابع دراسته في “جامعة أكسفورد البريطانية” ليكتسب معرفه أعمق في الفلسفة الحديثة والكلاسيكية. وابتداءً من عام 1752م، أصبح محاضرًا في الفلسفة الأخلاقية والتشريعات والاقتصاد السياسي، حتى وفاته في عام 1790م.

الفكر الفلسفي والاقتصادي لآدم سميث

في مؤلفاته، دعا آدم سميث إلى فلسفة اقتصادية ترتكز على تحرير السوق واستقلاليته بعيدًا عن تدخل الحكومات، وهو ما يُعرف في الفرنسية بمصطلح (laissez-faire)، حيث عارض الاقتصاد السياسي المدعوم حكوميًا. كما كان معروفًا بمعارضته للمذهب التجاري أو المركنتيلية (Mercantilism) الذي كان سائدًا في أوروبا آنذاك، والذي كان يُشير إلى تدخل الدول في النشاط الاقتصادي. وكان يعتقد أن دور الحكومات ينبغي أن يقتصر على حماية حقوق التجار وتوفير الخدمات العامة لجميع الأفراد.

أبرز أعمال آدم سميث

ترك آدم سميث وراءه مجموعة من الأعمال التي ساهمت في تشكيل الفكر الاقتصادي واعتُبرت مدخلاً لفلسفات الاقتصاد الحديثة التي ظهرت فيما بعد. وفيما يلي بعض من أبرز هذه الأعمال:

كتاب ثروة الأمم (The Wealth of Nations)

نشر آدم كتاب “ثروة الأمم” عام 1759م بينما كان يقوم بالتدريس، واعتُبر هذا الكتاب إحدى ركائز الفكر والفلسفة الاقتصادية الحديثة. تناول الكتاب تطور المجتمع الإنساني وسلوكياته الاقتصادية من عصور الصيد دون قوانين إلى العصور الحديثة التي تحكمها القوانين وحقوق الملكية. وقدّم سميث نظرية تنادي بالحرية الاقتصادية بعيدًا عن تدخل الحكومة، بحيث تستند إلى المصالح الفردية، ما أثر بشكل كبير على نظريات الاقتصاديين في القرن التاسع عشر مثل ماركس وريكاردو، وكذلك خلال القرن العشرين حيث تأثر به كينز وفريدمان. كما ساعد الكتاب في إرساء المبادئ الاقتصادية الكلاسيكية التي هيمنت في فترة الكساد العظيم، وأسس لمبدأ الناتج الإجمالي المحلي (Gross Domestic Product)، مشيرًا إلى أن ثروة الدول ينبغي قياسها به وليس بما تمتلكه من ذهب وفضة.

كتاب نظرية المشاعر الأخلاقية (The Theory of Moral Sentiments)

يعتبر كتاب “نظرية المشاعر الأخلاقية” عملًا فلسفيًا يعكس رؤى آدم سميث حول أن الأفكار والسلوكيات الأخلاقية تنبع من طبيعة الأفراد والخصائص النفسية لمجتمعاتهم. ويعتقد سميث أن هذه الطبيعة تمثل دافعًا أقوى للأخلاقية من المنطق. على الرغم من أن الإنسان يسعى لتحقيق مصالحه الشخصية بشكل أساسي، إلا أنه أيضًا مخلوق اجتماعي يسعى للحصول على القبول والتفاعل مع الآخرين. لذلك، تعتبر الفضيلة والعدالة وضبط النفس من القيم الهامة بالنسبة له، حيث تكمن الفضيلة الحقيقية في اختيار ضبط النفس، وهو ما يساهم في تعزيز المجتمع ككل وازدهاره.

نظرية اليد الخفية

تُعَد نظرية اليد الخفية واحدة من أبرز النظريات الاقتصادية التي طرحها آدم سميث، حيث تفترض وجود حركة طبيعية تلقائية في نظام السوق الحر تُساهم في تحسين الاقتصاد وزيادة كفاءته. تعتمد هذه النظرية على مبادئ العرض والطلب، والمنافسة على الموارد المحدودة، مما يُحفّز الأفراد في المجتمع على السعي نحو الإنتاجية لتلبية احتياجاتهم المادية، مع التأكيد على ضرورة وجود نظام قضائي يحمي عدالة وحرية المنافسة الاقتصادية.