النبي الأخير من بني إسرائيل

عيسى ابن مريم: آخر أنبياء بني إسرائيل

عيسى ابن مريم: آخر أنبياء بني إسرائيل
عيسى ابن مريم: آخر أنبياء بني إسرائيل

تاريخ بني إسرائيل حافل بعدد من الأنبياء والرُّسل، ويعتبر نبي الله عيسى ابن مريم -عليه السلام- هو آخر هؤلاء الأنبياء. أُرسل عيسى -عليه السلام- برسالة جديدة وشريعة لم تتغير حتى بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم-، الذي جاء برسالة الإسلام كخاتم الأنبياء. وفقًا لما ورد في القرآن الكريم، استمر الأتباع في نشر تعاليم عيسى -عليه السلام- خلال الفترة الفاصلة بينه وبين محمد -عليهما السلام-. بالإضافة إلى ذلك، تشير العديد من الآيات إلى أن عيسى -عليه السلام- هو آخر الرسل لبني إسرائيل، حيث استخدمت كلمات مثل “قفينا”، مما يعني أنه جاء بعد عدد من المرسلين، دون ذكر أي رسول آخر بعد عيسى. وفيما يلي بعض من هذه الآيات:

  • قوله -تعالى-: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ).
  • قوله -تعالى-: (وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ).
  • قوله -تعالى-: (ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّـهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ).

قصة ولادة عيسى عليه السلام

قصة ولادة عيسى عليه السلام
قصة ولادة عيسى عليه السلام

تبشير الملائكة لمريم بولادة عيسى

تبشير الملائكة لمريم بولادة عيسى
تبشير الملائكة لمريم بولادة عيسى

بشرت الملائكة، مريم -عليها السلام- بأنها ستنجب نبي الله عيسى -عليه السلام-، حيث وصفوه لها وأخبروها باسمه وما سيفعله. كما جاء في قوله -تعالى-: (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّـهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ). وقد شعرت مريم بالدهشة مما سمعته، لكنها عرفت أن إرادة الله -عز وجل- لا يمكن تجاوزها، كما جاء في قوله -تعالى-: (قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّـهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ).

كانت مريم -عليها السلام- شديدة الزهد، فقد كرسَت نفسها لعبادة الله -تعالى-، وعملت بجد في خدمة بيت المقدس، حيث اختارها الله -تعالى- واصطفاها لحمل نبي الله عيسى -عليه السلام-. وقد وردت في فضلها العديد من الأحاديث، منها ما أخرجه البخاري -رحمه الله- عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ). وأيضًا ما أخرجه الترمذي -رحمه الله- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (حُسْبُكَ من نساءِ العالمينَ مَرْيَمُ ابنةُ عِمْرانَ وخديجةُ بنتُ خُوَيْلِدٍ وفاطمةُ بنتُ مُحَمَّدٍ وآسِيَةُ امرأةُ فِرْعَوْنَ).

ولادة عيسى عليه السلام

ولادة عيسى عليه السلام
ولادة عيسى عليه السلام

وُلد عيسى -عليه السلام- بمعجزةٍ عظيمة، حيث ولد من دون أب. وعندما علمت مريم بحملها، اعتزلت قومها في مكانٍ شرق المسجد الأقصى، حيث ظهر لها جبريل -عليه السلام- ليخبرها بأنها ستلد. كانت مريم مذهولة مما سمعته، كما ذكر في قوله -تعالى-: (قالَت أَنّى يَكونُ لي غُلامٌ وَلَم يَمسَسني بَشَرٌ وَلَم أَكُ بَغِيًّا* قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجعَلَهُ آيَةً لِلنّاسِ وَرَحمَةً مِنّا وَكانَ أَمرًا مَقضِيًّا). وقد طمأنها جبريل بأن المولود سيكون رحمةً للناس، وأن ولادته بحد ذاتها معجزة ودليل على قدرة الله.

أثناء الولادة، توجهت إلى مكان عند جذع النخلة، شعورًا منها بالقلق بشأن ما سيكون رد فعل قومها عندما يرون ابنًا لها، وهي المعروفة بعفتها. تمنَّت لو كانت قد ماتت بدلاً من ذلك، كما جاء في قوله -تعالى-: (يا لَيتَني مِتُّ قَبلَ هـذا وَكُنتُ نَسيًا مَنسِيًّا). وفي تلك اللحظة، سمعت صوتًا يُطمئنها ويرشدها للطعام والشراب، كما قال -تبارك وتعالى-: (فَناداها مِن تَحتِها أَلّا تَحزَني قَد جَعَلَ رَبُّكِ تَحتَكِ سَرِيًّا* وَهُزّي إِلَيكِ بِجِذعِ النَّخلَةِ تُساقِط عَلَيكِ رُطَبًا جَنِيًّا* فَكُلي وَاشرَبي وَقَرّي عَينًا فَإِمّا تَرَيِنَّ مِنَ البَشَرِ أَحَدًا فَقولي إِنّي نَذَرتُ لِلرَّحمـنِ صَومًا فَلَن أُكَلِّمَ اليَومَ إِنسِيًّا).

يُذكر أن هذا الصوت قد يكون لعيسى -عليه السلام-، أو أنه لجبرائيل -عليه السلام-. وعندما عادت مريم بابنها إلى قومها، اندهشوا مما رأوا وأنكروا فعلتها، نُصحَت أن تصمت وتُشير إلى ابنها. وعندما تكلم عيسى، كان مدهشًا للجميع، حيث أكد أنه رسول الله -تعالى- إليهم، وأنه بشر مثلهم، ويعيش ويموت ويتجدد، وأن الله -تعالى- أوصاه بالصلاة والزكاة، كما ورد في قوله -تعالى-: (قالَ إِنّي عَبدُ اللَّـهِ آتانِيَ الكِتابَ وَجَعَلَني نَبِيًّا* وَجَعَلَني مُبارَكًا أَينَ ما كُنتُ وَأَوصاني بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمتُ حَيًّا).

دعوة عيسى عليه السلام

دعوة عيسى عليه السلام
دعوة عيسى عليه السلام

أتى عيسى -عليه السلام- إلى بني إسرائيل ليخرجهم من الظلمات إلى النور، حاملًا عقيدة توحيد الله -تعالى- وتفرده عن الشريك. وهذا يتماشى مع دعاة التوحيد من قبله. وعلى عكس العقيدة المحرفة التي جسدت عيسى أو والدته -عليهما السلام- مع الله -تعالى- في استحقاق العبادة. أصرَّ عيسى -عليه السلام- على قومه أن الله -تعالى- هو المستحق الوحيد للعبادة، مثلما ورد في القرآن الكريم: (إِنَّ اللَّـهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ* فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّـهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّـهِ آمَنَّا بِاللَّـهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ).

كان عيسى -عليه السلام- يُحذر قومه من الإشراك بالله -تعالى- ويشرح لهم ما ينتظرهم من عذابٍ في الآخرة إذا استمروا في كفرهم. حيث أعلن الله -تعالى- ذلك في كتابه قائلًا: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّـهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّـهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّـهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّـهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ).

Scroll to Top